للذكي ورقة تفضحه في الظلام

أنور قائد الشلفي
مهما كان العيد في حياتنا الراهنة بلا لون وبلا طعم وبلا رائحة، يجب أن لا نقبل أي تعديل جديد في التفاصيل وإن كان من باب التطوير… وهذا ما حدث معي شخصياً، رحت أشارك أسرتي الصغيرة لعبة قديمة أدخلت فيها بعض التطوير بهدف زيادة التسلية والمرح..
اللعبة القديمة عبارة عن 3 أوراق فقط يكتب على أحدها ملك والثانية لص والثالثة جندي، وكان يتم اختيار ورقة لكل لاعب ليؤدي الدور المكتوب له في ورقته، بهذا لم أجدها مسلية كفاية فكان التطوير بإضافة ورقتين، فالرابعة حمار والخامسة دُب، لا أدري لماذا هذان الحيوانان بالذات وقع عليهما اختياري لكن بحمد الله سبحانه فقد حدث ما حدث، واليكم النتيجة…
مع كل مرة يحين فيها اختيار ورقة جديدة، أكون أنا الملك، لقد كنت ذكياً كفاية لمعرفة ورقة الاختيار!!!!…. أصدر القرار الوحيد المعقول في هذه اللعبة أن يتم القبض على اللص، وبالطبع فإن الجندي يتولى التنفيذ دون نقاش، أما الحمار فكان يهرب خائفاً وخجلا من أن نكتشف بأنه هو، مع ان الدب لم يكن يجد أن اكتشاف الحمار موضع تسلية لأحد…
تكرر هذا الحال مرارًا قبل أن أعلن لأفراد أسرتي الصغيرة أن اللعبة لم تعد مسلية ويجب إدخال المزيد من التطوير عليها، وإجابة بالرفض التام لأني منذ البداية لم يحالفني الحظ أن أكون لصاً ليستمتعوا بمطاردتي وإلقاء القبض عليّ!!!…
أقبل على مضض، وأشارك الدور التالي وقد أنطفأ فجأة ضوء الطاقة الشمسية اللعينة… أرغم الجميع بالاستمرار في اللعبة مهما حدث، أمد يدي لاختيار ورقتي الخاصة….
ابنتي الصغرى لجأت إلى ضوء الهاتف لتقرأ لكل شخص ورقته التي اختارها في الظلام…
كنت واثقا بأني الملك…
لكن ابنتي هتفت فرحا بأنها الملك هذه المرة…
حسناً، لا بأس هذه المرة الأولى التي أكون فيها جندياً، سأكون مخلصاً في إلقاء القبض على اللص حتى لو أنه كان زوجتي!!! وزيادة في الإخلاص سأدين الدب بلا مبالاته، والحمار بحمرنته الفاضحة!!!..
لكن ابنتي تقرأ لشقيقتها، جندي!!… حسناً سأكون الدب، ولاضير أن لا أبالي بأحد… لكن صوت ابنتي تقرأ لشقيقتها الأخرى، لص… المسكينة تكرر معها هذا الدور مرارًا رغماً عنها حتى أنها كادت تبكي بينما في كل مرة كنت أنا أكثر من يضحك ساخراً….
هل أنا…
سمعت ابنتي تقرأ لأمها، دُب!!!…
وبينما انفجر الجميع ضاحكين لثقتهم أني من يبحثون عنه أخيراً، لعنت العيد الذي جاء بلا لون ولا طعم ولا رائحة…
أكثر من هذا لقد جعل مني موضع سخرية…
نصيحة : أيها الذكي، لا تخطط أن تكون ملكاً إلى الأبد، فالظلام قد يفضحك باختيار خاطئ.

 

 

قد يعجبك ايضا