نداء إلى شوقي*

 

عصام أحمد شاكر

سَلو شوقي(1) غداةَ قلى(2) الركابا
أما بلغَ المصابُ بِنْا نِصَابا
فهل يدري بمْا آلتْ إليهِ
بلادُ العُربِ أو يَجدُ الجَوابا
بكى بردى وناحَ على دمشقٍ
وأولى القبلتينِ بكى وغابا
أيسلو حين يعلم أن أوسلو(3)
بها ابتاع العدوُ لنا نقابا
فما وارى النقابُ العارَ فينا
ولا غطى لسوءتنا لُبَابا
تَسَابقنْا الى تشييدِ عرش
لإسرائيلْ قدّمنا الشِعَابَا
وسَلمْنَا الديارَ وماْ سَلْمنا
فأسلمنا لصهيون الرِقابا
وهبّ القادةُ النوكى(4) سراعاً
لبيعةِ غاصبٍ ثَمَلَ اغتصابا
فباعونا بلا ثمنٍ ليرضى
فما نالوا رضاهُ وما استجابا
فخرّوا رُكّعاً يبكون خوفاً
وقد خلعوا العمائمَ والثيابا
وفي محرابهِ سجدوا بعهرٍ
فأدخلَ في المؤخرةِ الحِرابا
وفي أرجاسهِ غَسَلْوا لِحَاهم
ومن بركاتهِ نالوا الثوابا
على أعناقنا حكموا وسادوا
وتحت نعاله لثموا التُرَابا
ومن عُلَمَائِنا للعرشِ شيخٌ
من الأحبارِ قد خطَّ الكتابا
أخذناهُ فصارَ لنا وجاء(5)
وجاءونا ليخترقوا السحابا
وبسم الدين أخصى العقل حتى
يظل العرشُ مأموناً مهابا
بناتُ الليلٍ لا ترجو خصيّاً
وإن أمسى بها وَلِدَتْ ذُبابا
غدا الإسلامُ للإرهابِ هدياً
عليهِ يمتطي الجهلُ الصوابا

لنا قد دعْشَنوه فصار مسخاً
فلا ترجو الورى منهُ اقترابا
وسنّوا للظلالِ بكل فتوى
سبيلاً بل وعنوانا وبابا
أباحوا ما أرَادَ لنا عدوٌ
لنرجو من سيادته انتسابا
وراياتُ السلام لنا رِداءٌ
على أجسادنا تحثو الترابا
حُماةُ للعدوِ، غدَا حِمانا
وسمُّ النفطِ صارَ لنا شرابا
أيا شوقي كفانا العيشُ ذُلاً
واكفاناً وسَحَقاً واحترابا
صواريخُ العدوِ هَوَتْ علينا
جحيماً بالردى يطوي الشعابا
سلامُ الطائراتِ همْىَ سعيراً
على اليمنِ العظيمةِ وانتحابا
سلامُ من ردى بغدادَ يدنو
وما دانت ضمائُرنا المصابا
وأرضُ الشامِ أورثْها المنايا
ولم يبقِ المشيبَ ولا الشبابا
صلاحُ الدينِ يا شوقيْ أيَصْحُو؟
ليبعَثَ أمةً ماتتْ عَذَابا
* * * * * *
(1) شوقي: أمير الشعراء أحمد شوقي
(2) قلى: ترك وهجر
(3) أوسلو: مدينة نرويجية شهدت المحادثات السرية بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام 1991م
(4) النوكى: جمع أنوك وهو الشخص العيي العاجز في كلامه
(5) الوجاء: مصدر وجأ، بمعنى دفع أو ضرب أو دق، وجأ الفحل أي دقّ عروق خصيتيه بين حجرين دون إخراجهما وهو شبيه بالخصاء.
(صنعاء اليمن)

قد يعجبك ايضا