حديث التنازلات الانبطاحية

عبدالفتاح البنوس
يكثر الحديث هذه الأيام عن الدعوات للمصالحة الوطنية والمبادرات التي يطرحها بعض الأفراد والأحزاب والتكتلات الوطنية وآخرها مبادرة البرلمان اليمني، واللافت في كل هذه المبادرات أنها تنطلق من باب الحرص على إنهاء معاناة الشعب وصرف المرتبات، وهذا هو الجانب الإيجابي في كل هذه المبادرات، ولكن التساؤلات التي تطرح نفسها هنا : من الذي يقف ضد تحقيق المصالحة الوطنية ؟ و من الذي أوصل القوى الوطنية إلى هذه الحالة العدائية المفرطة بعد أن كانت على وشك الانتهاء من تحقيق التوافق الوطني على إدارة شؤون الدولة في الموفمبيك قبل أن تحرك السعودية أذنابها وتحشر أنفها قاطعة الفرصة أمام القوى الوطنية لتحقيق التوافق الوطني المنشود؟! ومن هي الأطراف التي ذهبت للاستقواء بالخارج بعد توقيعها على إتفاق السلم والشراكة الوطنية؟ وهل حصل وأن رفضت القوى الوطنية المناهضة للعدوان أي مبادرات أو تسويات تفضي إلى حقن الدم اليمني وتجنيب البلاد الخراب والدمار حتى يتم استجلاب الغزاة والمرتزقة وشن العدوان الهمجي الإجرامي السعودي الأمريكي الإماراتي على بلادنا ؟! .
إن الحديث عن مصالحة وطنية ومبادرات سياسية يدرك أصحابها بأن قوى العدوان ومرتزقتهم في جمهورية الرياض الفندقية سبعة نجوم لن يقبلوا بها ولن يعملوا بمضمونها هي عبارة عن دعاية إعلامية واستهلاك محلي لا غير، وخصوصا ومن يطرحون هذه المبادرات يدركون جيدا بأن الأمر والنهي وسلطة القرار بيد آل سعود وأسيادهم الأمريكان وهؤلاء لو كان يهمهم أمر اليمنيين لما أوصلوا الأوضاع إلى ما هي عليه اليوم بعد أكثر من عامين وأربعة أشهر، إذا ما دام الوضع على هذه الحالة فما جدوى الحديث عن مبادرات ومصالحة ؟! من يتصالح مع من ؟! المؤتمر وأنصار الله والقوى الوطنية المناهضة للعدوان في خندق واحد وجبهة واحدة فيا ترى من هي القوى والأطراف العسكرية التي دعتها مبادرة البرلمان لإيقاف ما أسمته العمليات القتالية المسلحة ؟!
هل يعقل بأن البرلمان لا يعلم بأن هنالك عدواناً خارجياً يشن على البلاد وأن هذا العدوان يرفض كافة الخيارات السلمية ويصر على التصعيد العسكري، ويدفع نحو إشعال الجبهات الداخلية ورفدها بالمزيد من المرتزقة في تأكيد على أن ما يحصل صراع يمني سعودي إماراتي ؟! وكأن البرلمان اليمني بهذه المبادرة أراد أن يقول لنا وللعالم بأن من القوى المحايدة التي لا علاقة لها بما يحصل في البلاد ؟! وهذا كلام غير منطقي، وغير مقبول على الإطلاق، فالغازي الباغي المحتل لا يقابل بالمبادرات ولا بدعوات المصالحة التي لا تخلو من الانبطاح والاستجداء لقوى العدوان، وإنما يقابل بالمواجهة والتصدي له في مختلف الجبهات الداخلية ببسالة وشجاعة وإقدام، وعندما يقتنع عملاء ومرتزقة الريال السعودي من اليمنيين المقيمين في الرياض بأن الحوار والتفاوض هو الخيار الأنسب لحل الأزمة اليمنية ويعلنوا التخلي عن الوصاية السعودية والإماراتية والأمريكية حينها ستكون فرص تحقيق المصالحة الوطنية متاحة ومضمونة النجاح .
بالمختصر المفيد، لا مصالحة مع محتل وغازٍ باغٍ ومرتزق قراره بيد غيره، ومواقفه مرتهنة بمواقف أسياده، المرحلة لا تحتاج إلى بعسسه ومحاولة التذاكي على بعضنا البعض، المرحلة خطيرة وتحتاج إلى مصداقية وشفافية في التعامل، يكفينا مراوغة ومداهنة وعلى البرلمان أن يدرك بأنه الممثل الشرعي للشعب اليمني وهو ما يتطلب بأن تكون مواقفه متناغمة مع المواقف الشعبية وداعمة لها لا العكس، ولاداعٍ للشطحات التي تنسف كافة المواقف الوطنية التي جسدها البرلمان في معركة التصدي للعدوان والدفاع عن الأرض والعرض والسيادة والعزة والكرامة.

 

 

 

قد يعجبك ايضا