إعداد/محمد أبو هيثم
تبقى القدس مدينة مقدسة لها حضورها العميق والمشع في قلوب الجميع.. مدينة الأنبياء والسلام والديانات الثلاث.. مدينة مباركة لها مكانتها في قلوب المسلمين والعرب .. وبها الكثير من الأماكن الإسلامية التاريخية منها المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة وغيرهما من المساجد والأماكن التي لها أهميتها .. وكذلك بها العديد من الأماكن المسيحية الهامة ومن أهمها وأقدمها كنيسة القيامة.
إنها القدس الشامخة والصامدة في وجه الاحتلال الصهيوني الذي يحاول ومنذ زمن بعيد أن يطمس هويتها ويغير من معالمها ويستولي عليها بصورة كاملة وكلية وينزع عنها هويتها الإسلامية والعربية ولكن هيهات أن يحقق مردها , لأن القدس مدينة عصية ومقاومة , ينكسر على أسوارها الغزاة وتتقهقر كل قوى الطاغوت والاحتلال وتتشرذم جيوش البغي والظلام.
إنها القدس قلب العرب النابض، عاصمة فلسطين، ومهد السيد المسيح عليه السلام، ومسرى النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، أولى القبلتين، وثالث الحرمين.
كتب عنها وتغزل بها وبمكانتها وببطولتها وشموخها الأدباء والشعراء العرب على مر العصور وكانت هي قلادة إبداعاتهم ووهج حروفهم. القدس مدينة عربية عريقة في عروبتها وهي ملتقى الأديان ومكانتها لدى الجميع واحدة في التقديس، والدفاع واجب على الجميع.وكانت قضيتهم الأولى ومسئوليتهم في الدفاع عنها كواجب ديني وقومي وإنساني.
وفي السطور التالية مقتطفات سريعة من قصائد كتبها الشعراء عن القدس:
إلى القدس
* هاشم هارون رشيد
وفيها قد نما غرسي
جذوري في عروق الصخر
في الصّلد، وفي الملس
ومن كنعان بي نبضٌ
ومن عدنان، من قيس
من الماضي، من الحاضر
من يومي، ومن أمسي
عريق المجد والأنساب
مشدود إلى الشمس
بها أختال في الدنيا
وأمشي رافع الرأس
أنا أعطيتها عمري
فداً، أسكنتها حسي
أنا غنَّيتها شعرا
رفيع الوقع والجرس
أنا منها وإن غرقت
ببحر الهم والبؤس
أنا منها وإن حطَّت
عليها راية البؤس
دمي هذا الذي يجري
لها متدفق البجس
أنا منها وأفديها
أنا بالمال والنفس
ولا أرضى لها ذلَّاً
لمحتل ومندس
هي القدس وكم ردّت
من الرومان والفرس
وكم في خاطر التاريخ
من قول ومن حدس
عن القدس، وهل أسمى
وهل أزهى من القدس.
في القدس
* محمود درويش
في القدس ، أعني داخل السور القديم
أسير من زمن إلى زمن بلا ذكرى
كنت أمشي فوق منحدر و أهجس: كيف
يختلف الرواة على كلام الضوء في حجر؟
أمن حجر شحيح الضوء تندلع الحروب؟
أسير في نومي.أحملق في منامي.لا
أرى أحداً ورائي.لا أرى أحداً أمامي.
كل هذا الضوء لي.أمشي.أخفّ.أطير
ثم أصير غيري في التجلي.تنبت
الكلمات كالأعشاب من فم أشعيا
النبويّ: (( إن لم تؤمنوا لن تأمنوا )).
أمشي كأني واحد غيري. و جرحي وردة
بيضاء إنجيلية. و يدي مثل حمامتين.
مدينة الأحزان
* نزار قباني
بكيت.. حتى انتهت الدموع
صليت.. حتى ذابت الشموع
ركعت.. حتى ملّني الركوع
سألت عن محمد، فيكِ وعن يسوع
يا قُدسُ، يا مدينة تفوح أنبياء
يا أقصر الدروبِ بين الأرضِ والسماء
يا قدسُ، يا منارةَ الشرائع
يا طفلةً جميلةً محروقةَ الأصابع
حزينةٌ عيناكِ، يا مدينةَ البتول
يا واحةً ظليلةً مرَّ بها الرسول
حزينةٌ حجارةُ الشوارع
حزينةٌ مآذنُ الجوامع
يا قُدس، يا جميلةً تلتفُّ بالسواد
من يقرعُ الأجراسَ في كنيسةِ القيامة؟
صبيحةَ الآحاد..
من يحملُ الألعابَ للأولاد؟
في ليلةِ الميلاد..
يا قدسُ، يا مدينةَ الأحزان
يا دمعةً كبيرةً تجولُ في الأجفان
من يوقفُ العدوان؟
عليكِ، يا لؤلؤةَ الأديان
من يغسل الدماءَ عن حجارةِ الجدران؟
من ينقدُ الإنجيل؟
من ينقدُ القرآن؟
من ينقدُ المسيحَ ممن قتلوا المسيح؟
من ينقذُ الإنسان؟
يا قدسُ.. يا مدينتي
يا قدسُ.. يا حبيبتي
غداً.. غداً.. سيزهر الليمون
وتفرحُ السنابلُ الخضراءُ والزيتون
وتضحكُ العيون..
وترجعُ الحمائمُ المهاجرة..
إلى السقوفِ الطاهرة
ويرجعُ الأطفالُ يلعبون
ويلتقي الآباءُ والبنون
على رباك الزاهرة..
يا بلدي..
يا بلد السلام والزيتون.
زهرة المدائن
* الأخوان رحباني
عيوننا إليك ترحل كل يوم
تدور في أروقة المعابد
تعانق الكنائس القديمة
وتمسح الحزن عن المساجد
يا ليلة الإسراء
يا درب من مرّوا إلى السماء
عيوننا إليك ترحل كل يوم