العدو الحقيقي للسعودية
حمدي دوبلة
لا اعلم في تاريخ الأمم والمجتمعات البشرية نظاما سياسيا يعمل ليل نهار على تدمير نفسه وتقويض مصالحه كما يفعل النظام السعودي اليوم.
أعداء السعودية ومن يتفاني هذا الكيان في أبداء العداوة والبغضاء تجاههم لعلهم يشعرون بسعادة غامرة ورضى تام عن أداء هذا النظام العجيب من ممارسات غريبة وما تتمخض عنها من نتائج مثمرة تصب في خانة مصالح أولئك الأعداء بلا أدنى عناء منهم وبدون أن يوجفوا عليه من خيلٍ ولاركاب.
حين رفع نظام سلمان ونجله شعار القضاء على إيران ومشروعها المزعوم في اليمن وحشدوا الجيوش والمرتزقة من مختلف انحاء العالم وأنفقوا ولايزالون ثرواتهم الطائلة على أنظمة الدنيا ومنظماتها وحتى على مستوى الأفراد والكيانات الصغيرة. قبل عاصفتهم المجنونة لم يكن الغالبية العظمى من أبناء الشعب اليمني يعلمون شيئا عن إيران ولا يلقون بالا لها ولمواقفها وشؤونها السياسية والاجتماعية لكن اليمنيين اليوم يكنون الكثير من الود والاحترام لهذه الدولة الإسلامية الكبيرة والناجحة في إحداث التطور والنهضة الحضارية الشاملة وفي زمن قياسي وفي ظل حصار وتعنت غير مسبوق من قبل قوى الاستكبار العالمي ونجحت رغم كل ذلك في أن تصبح قوة اقليمية ذات ثقل كبير ورقما صعبا لا يمكن تجاهله على المستويين الإقليمي والدولي.
وعلى عكس ما كان عليه الوضع قبل هبوب عاصفة الحقد السلماني ترى الناس في مختلف المدن والقرى اليمنية وهم يبحثون عن إذاعات ووسائل إعلام إيران متلهفين لمعرفة كل صغيرة وكبيرة عن هذا البلد العريق خاصة وقد سجل مواقف مشرفة إزاء العدوان وأبدى تعاطفا إعلاميا كبيرا مع الشعب اليمني ومظلوميته.
لقد مهًد النظام السعودي بطيشه ومراهقاته أرضية ملائمة لتواجد إيراني فاعل في اليمن وفي قلوب أبنائه في ما سيأتي من الأيام من منطلق أحقية الشعوب في إقامة العلاقات الإنسانية مع الآخرين وفق القواعد والمبادئ الدبلوماسية المتعارف عليها دون إملاءات اووصايات من احد.
وفي المقابل وحين كان الشعب اليمني يعًدُ نفسه حصنا منيعا لشقيقته الكبرى وسندا لها في ساعة الخطب والشدة إذا بهذه”الشقيقة” وبغباء شديد تناصبه العداء وتبالغ في قتل أطفاله ونسائه وشبابه لتحيل ذلك الود إلى عداء وثارات لن تهدأ في قلوب اليمنيين وما حلت بها من جراحات عميقة لاتندمل بتقادم العصور.
النظام السعودي وهو يحاول تعويض خسائره الهائلة وتوفير الأموال التي استنزفها في حربه العبثية على أشقائه في اليمن قام بفرض ضرائب وإتاوات على المغتربين وإذا باليمنيين هناك في صدارة قائمة المتضررين وإذا بأعداد كبيرة منهم يغادرون المملكة حاملين الكثير والكثير من مشاعر القهر والظلم والتعسف تضاف إلى رصيد الكراهية المتعمقة في نفوس كل أبناء اليمن..ناهيك عما خلفه ويخلفه هذا الرحيل القسري من أثر بالغ ومؤثر على صعيد الأداء في قطاعات العمل والإنتاج في المملكة والتي يشكل غالبيتها اليمنيون.
هذا النظام الذي كان ولايزال المنشأ الرئيسي للإرهاب والتطرف دفعه الغضب والاستياء من الرسالة الإعلامية لقناة الجزيرة إلى إعلان الحرب على جارته الصغيرة قطر تحت مزاعم مكافحة الإرهاب والنتيجة كما هي العادة اقتراب إيران خطوة متقدمة باتجاه حدوده الشرقية وإذا بقناة الجزيرة التي كانت تتناول السياسة السعودية وهفوات ساساتها ومثالبهم بحذر واستحياء كبيرين تفتح الباب على مصراعيه أمام فضائح السعودية وتكشف تورطها في دعم وتبني الإرهاب أمام العالم وبكل اللغات مصحوبة بتعاطف دولي واسع خاصة وقد أفصحت الرياض ومن يدور في فلكها عن مطلبها صراحة بضرورة إغلاق القناة وتكميم أفواه هذا الصوت الإعلامي ذائع الصيت.
وهكذا فلا يخطط نظام سعود لفعل شىء إلا وفعل مايؤدي إلى نقيضه تماما وماذكرناه من أمثلة ما هو إلا غيض من فيض عريض للهفوات والأخطاء الاستراتيجية الفادحة التي يقترفها نظام بن سلمان وباتت تنذر بزوال وشيك لهذا الكيان القابع في الجوار.