الثورة / قاسم الشاوش
جاء الأمر الملكي السعودي الذي أصدره الملك سلمان أمس بنقل ولاية العهد من الأمير محمد بن نايف إلى نجله محمد بن سلمان أشبه بثورة أو انقلاب أبيض بهدف سيطرة فرع سلمان على مقاليد الحكم في المملكة ربما لعقود طويلة ورغم التململ داخل الأسرة الحاكمة من هذا التغيير المتوقع الذي يأتي في سياق التطورات في المملكة التي تقود حرباً على اليمن حتى اليوم.
وهذا الإعلان المفاجئ جاء بعد عامين ونصف من التغييرات الكبيرة بالفعل في السعودية التي فاجأت حلفاءها في شهر مارس 2015م بشن حرب على اليمن.
إن ما يحدث اليوم في مملكة آل سعود من المحتمل أن يدخل عائلة آل سعود إلى فترة من عدم اليقين لم تر العائلة المالكة في السعودية مثيلاً لها منذ 1965م وعزل الملك سعود.
وتعد خطوة إزاحة بن نايف عن ولاية العهد خطوة متوقعة وليست غريبة على نظام آل سعود وهي تدخل في إطار الصراع على السلطة وآليات انتقالها بالوراثة في المملكة بعيداً عن أي شكل من أشكال الانتخاب الديمقراطي ومن شأنها أن تمهد الطريق أمام ولي العهد الجديد محمد بن سلمان ليحل ملكاً مكان والده سيما في ظل الروايات الكثيرة التي تتحدث عن مرض الملك سلمان.
وتعتبر هذه الخطوة انقلاباً هائلاً في مسرح الحكم السعودي وتقرب نجل الملك الأمير محمد بن سلمان من الانقضاض على كرسي العرش خلفاً لوالده.
كما أصدرت العديد من الأوامر الملكية وتم مبايعة محمد بن سلمان من قبل هيئة البيعة.
التعيين الأخير أسدل الستار عن مصير الحكم في السعودية لأمير يبلغ من العمر 31 عاماً.
وحصل ما كان متوقّعاً في السعودية، وقضي الأمر. الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز عزل ولي العهد الأمير محمد بن نايف، وعيّن ابنه الأمير محمّد بن سلمان بدلاً منه.
أوجس سلمان خيفة من قراره بتعيين ابنه محمد في ولاية العهد وخير دليل على ذلك جملة من التغييرات ( 16 مرسوماً ملكياً) التي أجراها سلمان بدءاً من إعادة جميع البدلات، مروراً بتمديد العطلة لتصل مدّتها إلى 23 يوماً، وليس انتهاءً بشكل مبايعة بن نايف إلى ابن سلمان، كما ظهر في الفيديو.
ما يعزّز هذه الرؤية أن ظاهر الأمر بدا من خلال هيئة البيعة التي صوّتت بالأغلبية لصالح ابن سلمان ، ليتبعها سلمان بقرار تغيير نظام الحكم الأساسي في البلاد، أي أن ملك السعودية القادم في حال لم يكن من أبناء الملك المؤسس عبد العزيز، وكان من أحفاده، فإن ولي عهده يجب أن يكون من فرع آخر من ذرية الملك عبد العزيز.
مجتهد تحدّث عن اعتقالات في الأسرة الحاكمة، إلا أن التغييرات التي أجراها الملك في وزارة الداخلية، وكذلك امساك بن سلمان بقرار الحرب والجيش، إضافةً إلى تعيين مدير مكتبه السابق العميد ركن أحمد العسيري كنائب لرئيس الاستخبارات العامّة، يقضي على أيّ تحرّك أو محالة انقلاب من داخل العائلة الحاكمة في مهدها. يدرك أمراء العائلة أنّ أي تحرّك خلافاً للوضع الجاري سيدفع بهم نحو السجن، فضلاً عن خسارتهم الحصّة الدسمة التي يتلقّاها هؤلاء من الأموال، ما سيدفع الأغلب للسكوت، وجزء كبير للتملّق.
يبدو المشهد ضبابياً بعض الشيء، ولعل تمديد العطلة أحد أهداف هذا السيناريو لناحية إرضاء الشعب السعودي عن ولي العهد الجديد، أو لتنصيبه ملكاً بعد تنحّي أبيه، أو الاثنان معا، وهنا السؤال الذي يطرح نفسه إلى أين؟ وما هو مستقبل الحكم السعودي؟
قرارات اليوم هي بمثابة البداية الفعلية لانتقال الحكم في السعودية من جيل الأبناء إلى جيل الأحفاد، ولعلّها أحد أبرز إفرازات ترامب الذي أعطى الضوء الأخضر بعد استلامه لفاتورة النصف ترليون دولار في زيارته إلى المنطقة.
ويرى خبراء بن سلمان الطامح لإثبات نفسه في إدارة المملكة رغم صغر سنّه، سيكون حصان الطروادة الأمريكي في المنطقة، وهذا ما يدفع به للتقرّب أكثر وأكثر نحو الكيان الإسرائيلي والمضيّ في قضيّة التطبيع سواءً بذريعة الحج والطيران المباشر، أو بسبب جزيرتي تيران وصنافير بعد تنازل مصر عنهما لصالح السعوديّة.
ويشيرون إلى أن ما ترسّخ اليوم هو أن التهور بات عنواناً عريضاً في المملكة، أي أن الأمير الصغير البالغ 31 عاماً، سيكون في غضون الأيام المقبلة أول ملك للسعودية من جيل أحفاد المؤسس عبدالعزيز آل سعود، بحسب تغريدات “مجتهد”. ولعل أدقّ تعبير صدر بحق بن سلمان عن الاستخبارات الألمانية في العام 2015 “المقامر الطائش الذي بيده سلطات هائلة”.
ويبدو أن منصب ولي ولي العهد قد خرج من التداول وفقد دوره بعد ضمان وصول الأمير محمد بن سلمان إلى العرش، ما يؤكد النفاق السياسي في نظام الحكم لعائلة آل سعود.
وقد رحبت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية بتعيين الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد في السعودية، وقالت إنه زار “إسرائيل” عام 2015 ويلتقي بشكل دوري مع المسؤولين الإسرائيليين، فيما علقت القناة السابعة بالتلفزيون الإسرائيلي على تولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد السعودية، قائلة إن التغييرات الأخيرة في النظام السعودي من شأنها أن تحظى بترحيب ورضا تل أبيب.
وقالت الصحيفة “إن بن سلمان الذي سيصبح عمره 32 عاما، في شهر أغسطس المقبل كان يقود المملكة فعليا، وأن والده المريض الملك سلمان بن عبد العزيز سيتنازل عن العرش.
وقالت الصحيفة أن الأمير محمد بن سلمان الذي وصفته بـ”الغلام” هو بشرى جيدة لإسرائيل، كون مواقفه الحازمة تجاه إيران جعلت منه شريكًا استراتيجيًا هامًا، فضلا عن مواقفه ضد إيران وداعش والإخوان المسلمين وحزب الله اللبناني.
وكشفت الصحيفة عن لقاءات منتظمة قالت إنها تجري في الأردن بين ضباط سعوديين وإسرائيليين، مشيرة إلى أن هذه الاجتماعات تتطلب في الأساس موافقة بن سلمان كونه وزير الدفاع السعودي.