كفاح شعب .. وتاريخ وطن (7)
عبدالوهاب الضوراني
أنشأت الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني في بروكسل منظمة دولية أطلقت عليها منظمة حقوق الإنسان هذه المنظمة التي يقوم بالإشراف عليها مجموعة من أساتذة القانون الدولي ونشطاء وحقوقيون آخرون في مجال حقوق الإنسان شرعت القانون دوليا وإلزاميا أيضا يطالب بعدم انتهاك حقوق الإنسان في أي مكان من العالم كما يدعو هذا القانون أيضا إلى تحقيق نوعا من الأمن والتعايش السلمي والعدالة الاجتماعية بين كافة شعوب العالم المعاصر ومقاضاة ومحاكمة كل المتورطين في ارتكاب انتهاكات أو جرائم إبادة ضد الإنسانية لا سيما بعض الحكام المتطرفين الذين يقومون بارتكاب مثل تلك الجرائم والانتهاكات ضد شعوبهم أو شعوب غيرهم والذي يأتي اجتياح صالة العزاء بأمانة العاصمة الذي شنه طيران التحالف بقيادة السعودية العام الماضي والذي أدى إلى إصابة واستشهاد العديد من الكوادر الوطنية وكبار الشخصيات ورجالات الدولة من خيرة أبناء الوطن واجتياح السوق الشعبي أيضا المروع في حجة أسوأ هذه الجرائم وأكثرها تطرفا ووحشية على الإطلاق وهي الجريمة البشعة والمجزرة الأسوأ التي أداتها المجتمع الدولي بأكمله واعتبرها من الجرائم العنصرية والنارية المدرجة في ذلك القانون وفي أسوأ بنوده أيضا التي ترتكب ضد الطفولة خصوصا وضد الإنسانية عموما في اليمن التي يعاقب عليها ذلك القانون الدولي , وبناءً عليه فقد قامت المنظمة المذكورة بإدراج السعودية وحكامها الفهود وكل المتورطين معها من النفايات والمرتزقة في ارتكاب المذبحتين وغيرهما من وسائل الإبادة الأخرى في القائمة السوداء بل وفي أسوأ بند من ذلك القانون.
وهو القرار الذي لم يعره الطرف السعودي المعتدي والمتعنت اهتماما كغيره من القوانين وقرارات الشجب والتنديد والإدانة الدولية والكثيرة والذي ضرب بها والحكام النازيون الذين يقومون بارتكاب انتهاكات وجرائم إنسانية ضد شعوبهم الذي ارتوى أديم الأرض بدمائهم الباردة والتي أصبحت اليوم وللأسف أرخص من التراب , وهي المحكمة الجنائية والقانونية التي أصبح للسعودية وحكامها مكانا دائما وموطئ قدم في أروقتها ودهاليزها لتورطها المتواصل في شن حرب إبادة ليس في اليمن فحسب وإنما في العديد من دول المنطقة أيضا والتي استخدمت فيها أو أسلحة الدمار الشامل والمحرم دوليا مما جعل سمعتها أمام العلم بجلاجل وفي الوحل.
جريمتا أو مذبحتا صالة العزاء وسوق حجة الشعبي وغيرهما من الجرائم والمذابح الأخرى والانتهاكات التي لا تعد ولا تحصى التي تقوم بارتكابها السعودية وحلفاؤها من الدواعش وقراصنة الصحراء والرمال المتحركة كل يوم وكل وقت ضد اليمن وأبنائه وإبادة أطفاله لا يمكن التغاضي أو السكوت عليها حتى تمر بسهولة ودونما عقال ولا بد من الأخذ بالثأر لدماء شهدائنا وأطفالنا من القتلة والسفاحين ورد الصاع لهم صاعين وعشرة عاجلا أم آجلا طال الوقت أم قصر وتقديم المتورطين في ارتكاب تلك الجرائم اللاإنسانية إلى محكمة العدل الدولية لينالوا عقابهم الرادع. وحتى نكون شرفاء مع أنفسنا أولا ومع الآخرين ثانيا ولا نتنابذ بألفاظ غوغائية وغير لائقة تتنافى وشرف المهنة المقدسة والنبيلة التي شاءت الأقدار أن نكون من حملة مشاعل التنوير والإصلاح فيها وأن لا نجعلها وسيلة أو غاية للإساءة والتشهير بالآخرين يكونون من يكونون حتى وإن كانوا أعداءنا وبأيديهم وسائل إبادتنا وقتل أطفالنا ولكن يوجد نوعا من الجرائم ومن الانتهاكات لا يمكن بأي حال من الأحوال التغاضي أو السكوت عليها والذي يأتي في مقدمتها ما يعانيه ويتكبده الشعب السعودي الشقيق الآن وفي كل وقت أيضا الذي يرزح تحت وطأة أنظمة الطغمة الوهابية والسلالية في الرياض والذي يتطلع اليوم أكثر من أي وقت آخر وبفارغ الصبر لانبعاث يوم الحرية والانعتاق والتحرر من كوابيس آل سعود المزعجة والجاثمة فوق صدره جيلا بعد آخر والتي ضاق بها ذرعا والذي أصبح يوم الخلاص فيما يبدو وشيكا الآن وأقرب من حبل الوريد في هذه الأثناء والثورة تتوكأ فوق عصا سحرية لتجتاز بصعوبة أولى خطواتها كانت السعودية تراقب بقلق واهتمام شديدين ما يطرأ على الساحة اليمنية من تطورات وأحداث متسارعة ومفاجئة أولاً بأول وتبذل كل ما بوسعها لإغراق اليمن في مستنقع الصراعات الداخلية وتقووم بشراء الذمم والضمائر الميتة وكل ما هو قابل للشراء وغير قابل واقتناء أكبر قدر من أسلحة الدمار الشامل والمحرم دولياً لاستخدامه إذا لزم الأمر وفي الوقت المناسب ضد جارتها اليمن لقتل وإبادة إخوانهم المسلمين والموحدين وأشقائهم في العقيدة والدين وفي الجوار والمصير المشترك واستهداف قياداته ومناضلية ومنشآته وتأليب حلفائها من المرتزقة والدواعش وقوى المعارضة في الداخل والدفع بهم للقيام بأكبر قدر من الفوضى وأعمال التخريب والشغب وغيرها من التصفيات والاغتيالات التي كانت تطال كبار القادة ورجالات الثورة من أجل تحقيق مكاسب وانتصارات تافهة على الأرض والسيادة اليمنية، كما كانت السعودية تقف أيضا عائقا أمام أية مبادرات أو فعاليات أو أنشطة من شأنها الدفع قدما بعجلة التنمية في اليمن أو تحقيق نوعا من الأمن والاستقرار في ربوعه. وعودة لموضوعنا الذي قطعناه وخضنا في تفاصيل ومواضيع أخرى وأنه عندما تولى القاضي عبدالرحمن الارياني رحمه الله مقاليد السلطة ورئاسة المجلس الجمهوري في الخامس من نوفمبر عام 68م في أعقاب استقالة السلال مباشرة كان الصراع على السلطة ومنصب رئيس الجمهورية بالذات وغيره من المناصب القيادية الأخرى أيضا قائما في اليمن على أشده وفي أقصى درجات غليانه كما كان الانطباع السائد لدى الناس والسواد الأعظم أن الارياني لم يكن بوسعه أن يقود البلاد وأبنائه وقبائله وانتماءاته المختلفة إلى آفاق المستقبل والحياة المعاصرة وينتشله من مستنقع الصراعات والأزمات الاقتصادية المتتالية وغيرها من الإشكالات التي كانت شائعة لأن الارياني في رأيهم وتقديراتهم رجل قضاء وليس رجل دولة وسياسة وأنه لم يكن بوسعه وبمقدوره تحمل مسؤولية البلاد وتصريف شؤونها على أكمل وجه خاصة في ظل أجواء التوتر والبلبلة التي كانت سائدة ومتفاقمة والتي كانت تجد فيه السعودية وقوى خارجية أخرى ذريعة والباب مفتوحا أمامها على مصراعيه للتدخل والتوغل والهيمنة ويرى المراسلون في تحليلاتهم بأن الفترة التي تولى فيها الإرياني الحكم في اليمن كانت من أسوأ الفترات في تاريخ اليمن المعاصر بلغت درجة من التردي والركود في مختلف الخدمات والقطاعات ومؤسسات الدولة كما شهدت البلاد أثناء ذلك أيضا نوعا من المراوحة في نفس المكان بطريقة لم يسبق لها مثيل من قبل كما شهدت مؤثرات التنمية تراجعا وتدنيا ملحوظين لا سيما القطاع الاقتصادي والصناعات الوطنية التي تعثرت وساءت مؤشراتها وتراجعت معدلاتها ووتائر الإنتاج فيها بلغت رقماً قياسياً وكارثياً غير مسبوق كما شهد القطاع الأمني بدوره في عهده تدهوراً ونوعاً من الانفلات وعدم الانضباط وغيرها من التداعيات والاسقاطات الكثيرة الأخرى وموجة الاغتيالات التي كانت تطال بين الحين والآخر العديد من الكوادر والشخصيات الوطنية والسياسية وكبار رجالات الدولة ومنظمات المجتمع الدولي مما أعطى تصوراً وانطباعاً مجتمعياً بإعادة عقارب الزمن بالوطن وأبنائه القهقره مجدداً إلى عصر الأئمة وما قبل الثورة وعودة أنظمة بيت حميد الدين الذي كان قد ولى وإلى غير رجعة وتنفس الناس بعده الصعداء وهذا ليس تحاملاً أو تجنياً على الارياني أو انتقاصاً في كفاءته وسوء إدارته وقدراته في اتخاذ القرار من تلقاء نفسه كما قد يتخيل أو يتبادر للأذهان بأن الإرياني كان يعتمد في إدارته وتوليه تصريف شؤون وقضايا البلاد على سواعد زعماء المشائخ ونفوذهم الذين وجدوا في نظامه المتذبذب وقيادته ذريعة لسحب البساط من تحت قدميه والقرار من يده للتغلغل والتوغل بحرية وبيروقراطية داخل الجهاز الإداري ومؤسسات الدولة كما كان شائعا فقد كان الارياني وهذه حقيقة لا يجهلها أو يستهين بها أحد عالما بحراً وسياسياً لا يظاهي وخير من أنجبه الوطن أيضا ولكنها كانت طبيعة المرحلة ومفارقاتها ولا ننسى بالمناسبة أن الإرياني افتدى الوطن وقضيته العادلة وكرامة أبنائه بحياته التي كانت يوما على المحك ورأسه التي كانت ستتدحرج على شفرة سيف الجلاد فقد أرسى منذ الوهلة الأولى لتوليه مسؤولياته الدستورية وصلاحياته نظاماً وسطياً وبيروقراطياً معتدلاً تاركاً الأمور تجري في البلاد على أعنتها مما أدى إلى تفعيل ذلك الانطباع الشائع بين الناس وإلى تحجيم جزءا من صلاحياته وسحب القرار تدريجياً من يده مما أساء بشكل أو بآخر للسيادة اليمنية والقرار اليمني وأهداف ومبادئ الثورة وانزلاق البلاد في أتون حرب أهلية وقبلية كانت على وشك الوقوع مما استدعي إلى ضرورة القيام بحركة الـ13 يونيو التصحيحية عام 73م بقيادة الشهيد إبراهيم محمد الحمدي.