حوار بريء
د. أسماء الشهاري
الأم: عزيزي سامي لماذا تبكي؟ وما الذي تمسكه بيدك؟ رفع سامي الصغير رأسه إلى والدته وقد امتلأت عيناه بالدموع، وقال لها : هذه ميدالية يا أمي وهي هدية من أعز أصدقائي أحمد.. الذي قتلته الطائرات..
الأم: تعال إلى حضني يا حبيبي.. أعرف كم كنت تحب صديقك أحمد.. لكنه في الجنة الآن..
سامي : لكني أفتقده كثيراً يا أمي..لماذا قتلوه؟ لماذا رموا على جسده الصغير قنبلةً كبيرة؟ لماذا يقتلوننا بهذا الشكل يا أمي؟… لكني أعرف السبب.. الأم:وما هو السبب يا صغيري؟ سامي : سمعت شيخهم يقول إننا روافض.. لكن ما الذي رفضناه يا أمي؟
الأم: رفضنا الذل والهوان يا بني.. سامي : وهل هذا يعتبر عملاً سيئاً.. الأم: لا يا حبيبي.. بل هو ما يجب أن يفعله كل إنسان حر.. سامي : لكن.. ذلك الشيخ الذي يصلي بالناس في الكعبة المشرفة يا أمي و له لحية طويلة.. وصوته في القرآن يعجبني.. سمعته يقول_ إننا أخطر من اليهود!! وأننا مجوس!! ما معنى مجوس يا أمي وهل نحن أخطر من اليهود؟؟ لماذا هل نحن نقتل المسلمين؟ ألسنا نصلي كما يصلي ونقرأ القرآن مثلهم.. أنا لا أفهم يا أمي لماذا دمروا بلدنا الحبيب؟ ولماذا يقتلوننا ألسنا مسلمين مثلهم؟ هل ربنا ليس هو ربهم يا أمي؟ هل إلاههم غير إلاهنا؟ هم يقولون أننا أخطر من اليهود؟!
الأم: آآه يا حبيبي الصغير.. لقد طرحت أسئلة كثيرة.. لكني سأجيب عليك..
سامي :كلي آذان صاغية يا أمي..
الأم:ذلك الشيخ يا صغيري الذي له لحية طويلة ويعجبك صوته في قراءة القرآن؛ لا تغرنّك قراءته يا بني، فهناك أحاديث كثيرة لرسولنا الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم تحدّث فيها عنه وعن أمثاله، وقد قال عنهم أن قراءتهم لا تتجاوز حناجرهم، وأنَّ حافظ القرآن الذي لا يعمل به هو أول من توقد به النار يوم القيامة، وأنَّ القرآن سيكون حجة عليه و ليست له.. آه.. يا حبيبي الصغير.. نحن لسنا أخطر من اليهود.. نحن مسلمون أهل الحكمة والإيمان كما شهد لنا سيد الخلق والمرسلين بذلك، ولكن الذي يشبه اليهود هو من تولّاهم يا بني وليس نحن..
سامي : ومن تولاهم يا أمي؟
الأم:الذين تولونهم هم من أباحوا دماءنا دون وجه حق وقاتلونا معهم، يقول الله في كتابه العزيز يا بني: “ومن يتولهم منكم فإنَّهُ منهم” وهؤلاء الشيوخ التكفيريون يا بني هم من تولوا أعداء الله وقاتلونا معهم هم وحكامهم العملاء والخونة لله والدين ..
سامي : سننتقم منهم يا أمي.. سنقتلهم كما قتلونا وقتلوا صديقي العزيز وندمر بلدهم كما دمروا بلدنا..
الأم :لا يا صغيري.. نحن لن نفعل ذلك وليست هذه تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، كما أن الشعب لا ذنب له وليس كله موافقا على ما يقوم به حكامهم وما يقوله مشائخهم.. ونحن لا نقتل الآمنين في بيوتهم..
سامي : سأكبر بسرعة لأقاتل إلى جانب الرجال الأبطال في الميدان وآخذ بثأر صديقي وكل من قتلوهم ظلماً.. فهل ستمنعينني يا أمي؟
الأم : كلا.. بل سأكون معك وإلى جانبك أيها البطل الصغير،،