المنتظرون الثلاثة
عباس الديلمي
من الكتب التي كنت أجد فيها مبتغاي وأنا تلميذ في الجامعة واعتبرها كتباً مساعدة في دراستي للفلسفة – خاصة الفلسفة الإسلامية – كتاب أصدرته سلسلة (كتابك) المصرية، بعنوان المنتظرون الثلاثة.. لمؤلفه عبدالله الكبير، وقد حددهم بـ(1) المسيح المنقذ، (2) المسخ الدجال،(3) المهدي المنتظر.
ولأن الحديث عنهم يطول وله تشعباته، فلندع الأمر للكاتب الآنف الذكر، ونأتي على ثلاثة من نوع آخر، وهم من يمكننا وصفهم بالمنتظرين الجدد، إنهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وملك البحرين، حمد بن عيسى وولي العهد السعودي محمد سلمان.
قد يسألني من يقول: كيف تصفهم بالمنتظرين، وهم من نعايشهم ويتبوأ كل منهم سدة الحكم في بلده، بل ويكتوون بنيرانهم؟!.
فأجيب عليه: بأن مؤلاء الثلاثة لا ينتظرهم أحد، بل هم من ينتظر.. أنهم منتظرون “بكسر الظاء وليس بفتحها” وبالطبع هم – أو ثلاثتهم- لا ينتظرون اللحاق بمن قضى نحبه في سبيل الله أو الشهادة التي حرَّموها على أنفسهم، بل منافسة فرعون مصر.. وتحديداً فرعون موسى – ليس في مآثره وما ترك من تاريخ، ولكن في ادعاء الربوبية والألوهية، عند ما قال لشعبه:” أنا ربكم الأعلى”.
إن ما توحي به، بل تدل عليه تصرفات هؤلاء الثلاثة في تركيا والبحرين ومملكة بني سعود، وهو أن كلاً منهم ينتظر الوقت الملائم والفرصة المناسبة ليقول للشعب الذي يحكمه ويتحكم في مصيره “أنا ربكم الأعلى” أسوة بفرعون.
لا مبالغة فكل الشواهد تقول ذلك، ومنها علي سبيل المثال أن الرئيس الإسلامي في دولة علمانية دستورية ديمقراطية (هي تركيا) يقدم وبحجة الانقلاب عليه بزج عشرات الآلاف إلى السجون، وتسريح عشرة آلاف شخص من أعمالهم، وبعد أن تم له تعديل الدستور ليكون هو صاحب السلطة الأعلى حتى على القضاء، يقوم بتسريح أو إقالة أربعة آلاف مسؤول من أعمالهم في يوم واحد.. هذا مثال فقط على بعض تصرفات جنون العظمة لرئيس ينتظر الفرصة المناسبة ليقول “أنا ربكم الأعلى”.
وهذا هو مجنون البحرين الذي رأى أن وصفه بالأمير لا يتناسب وجنون عظمته، فنصب نفسه ملكاً لقبه (صاحب العظمة) ها هو يعاقب على العمل السياسي والمطالبة بالعدل والمساواة بالقتل والنفي وسحب الجنسية، ومنع الكهرباء والغذاء والماء عن أحياء بأكملها.. الخ، فهل سمعتم عن عقوبات من هذا النوع في دولة غير البحرين..؟؟ أنه هو الآخر ينتظر الفرصة التي ينتظرها أردوغان.
نأتي إلى الأمير المدلل محمد سلمان الذي لم يتناسب جنون العظمة مع سنه، وما يبيته لأبناء عمومته قبل جيرانه، فأمسك بكل تلابيب السلطات القضائية والأمنية والسياسية والعسكرية والاقتصادية، واقحم مملكتهم في حروب لها عواقبها ويعجز الزمن عن محو آثارها وإزالة ندوب جراحها، أو إضاءة قنديل في نفقها المظلم.. الخ كل ذلك لأنه يترقب الفرصة ليقول لشعبه “أنا ربكم الأعلى”..
لا عليهم .. فأمريكا راعيتهم.