قوانين مغيبة.. إيرادات مفقودة!

> مكافحة التدخين نموذجاً
رفيق علي أحمد الحمودي
منذ فترة وأنا أتابع بشغف – مثل أي مواطن – الإجراءات والقرارات والخطط التي تنتهجها الدولة ممثلة بالقطاع المالي بغية إنعاش الاقتصاد وتحسين الإيرادات..
ورغم المتابعة لكل التوجهات إلا أني ومعي الكثير من أبناء الشعب اليمني الصبور والصامد في وجه العدوان نتساءل :
لماذا أغفلت الجهات الرسمية الباحثة عن حلول جوانب تنمية إيرادات مستحقة ???
وحتى لا يكون الكلام مجرد إلقاء التهم على عواهنها فلنأخذ أمثلة للقارئ الكريم الذي سيحكم فيما بعد حول مدى عقلانية ومصداقية الحديث من عدمها.. ولنبدأ بقانون مكافحة التدخين الذي نست أو بالأصح تناست الجهات المسؤولة تطبيقه…!!! ولمن لا يعلم يجب أن تتضح الرؤية بأن القانون رقم 26 للعام 2005م لمكافحة التدخين ومعالجة أضراره ولائحته التنفيذية المقرة من قبل رئيس الوزراء – فيما بعد – برقم 379 للعام 2013م بأن ذلك يفرض غرامات على مستوردي التبغ بكافة أشكاله وخاصة السجائر بغرامات تتفاوت مابين 50—100% من قيمة الكمية المهربة أو المباعة التي تدخل البلاد بطرق غير مشروعة على  من يقوم بالتهريب أو البيع لمن يبيع أو يهرب منتجات شركات التبغ هذا بالإضافة إلى مصادرة الكمية المهربة.
كما ينص القانون أيضاً في احد بنوده على معاقبة الجهات التي تصنع أو تستورد أو تبيع تبغاً مختلفة مواصفاته عن المواصفات المقرة وفقاً للقانون بمصادرة الكمية وإتلافها مع غرامة تساوي 50% من إجمالي قيمة الكمية وتتضاعف هذه العقوبة في حال تكرار المخالفة.
هذا بالإضافة إلى أن القانون خصص نسبة واحد بالمائة من إجمالي الرسوم الجمركية والضرائب على التبغ المستورد أو المصنّع محلياً ومنتجاته وكل ذلك يدرج في حساب خاص لوزارة الصحة وهنا مربط الفرس..! أي أن هذه الإيرادات من الغرامات تدخل حساب وزارة الصحة وهذا إذا تم ضبط المخالفين أو تمت مصادرة الكميات المضبوطة من السجائر وإتلافها!!
لكن كل تلك الغرامات وبنود القانون ولائحته التنفيذية يذهب أدراج الرياح والدليل هو وجود أكثر من مائة صنف من السجائر المهربة التي تفتك بشبابنا وتنخر باقتصادنا الوطني..
ولعلّ وزارة الصحة العامّة والسكان لا تستطيع أن تنكر تخاذل قيادتها حيال متابعة تطبيق قانون مكافحة التدخين لاسيما وأنها أنشأت وبموجب هذا القانون إدارة خاصة به ألا وهي : البرنامج الوطني لمكافحة التدخين ومعالجة أضراره.
والذي يستمد مشروعيته وموارده وسلطته من هذا القانون الذي خوّل له متابعة وضبط المخالفات وليس فقط تحصيل الغرامات لحسابه!
وبعيداً عن الدخول في خضمّ الاتهامات يجب أن يتساءل الشرفاء والغيورون على الوطن وأبنائه :
لماذا لا يتم ضبط المخالفين ومصادرة الكميات المهربة من التبغ أو السجائر تحديداً، ولماذا السجائر المهربة تملأ الأسواق اليمنية وبصورة مفزعة تكاد أن تكون في كل حي؟
أليس من مصلحة وزارة الصحة خصوصاً والدولة عموماً ضبط المخالفات ومصادرة الكميات المهربة وفرض الغرامات وتوريدها بحسب القانون لوزارة الصحة؟.. أليس ذلك في سياق الصالح العام وإذا كانت الإجابة بالتأكيد هي : نعم. فلماذا إذاً يغفل المختصون عن ذلك؟!
وفي السياق ذاته ولكن في منحى آخر هناك دور سلبي لوزارة الصناعة والتجارة يتمثل في السماح من قبلها لأصناف من السجائر المهربة بأن تصبح سلعة قانونية ومنحتها تراخيص مخالفة وهذه مصيبتها أكبر وضررها على الوطن أشدُّ وألعن إذا ما عرفنا أن العلامات التجارية التي منحتها وزارة الصناعة أو بالأحرى صرّحت لها هي علامات مقلّدة لشركات وطنية أو علامات تجارية وهمية أو تم منح تراخيص لشركات لا تمتلك في رصيدها التأسيسي بضعة ملايين لا تساوي كلفة ما يعرف بـ”هنجر” لأي شركة معتبرة ” محترمة “.
بمعنى أو بآخر إنه تم منح تراخيص لمهربات باسم منتجات وطنية.. أعني بصريح العبارة أن وزارة الصناعة قامت بشرعنة تهريب لسجائر ومنتجات تبغ خارجي ومنحها صفة الوطنية وهذه مخالفة تكلف الدولة مليارات وتخسر الاقتصاد الوطني سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة…!!
إذاً لا وزارة الصحة العامة والسكان قامت بدورها وطبقت قانون مكافحة التدخين وفرضت الغرامات التي هي أصلاً-الغرامات- تعتبر إيرادات لحسابها…
ولا وزارة الصناعة والتجارة قامت بمسؤولياتها والتزمت بقانون مكافحة التدخين ومنحت التراخيص وفقاً للقانون ووفقاً للمصلحة الوطنية ولا التزمت بمعايير منح التراخيص..
وهذا فقط نموذج بسيط جداً من إيرادات تذهب أدراج الرياح وإذا تم ضبطها وفقاً للقانون فسوف تدرّ على خزينة الدولة بإيرادات تعدّ الآن في عداد المفقودة.
أخيراً : ما نريده ونتمناه هو تطبيق القوانين النافذة  لأجل الوطن لا أقل ولا أكثر ولكن هل يعي المسؤولون ذلك؟

قد يعجبك ايضا