–
,قلة الوعي بأهمية تعليم الفتاة لدى المجتمع والزواج المبكر وتدني الوضع الاقتصادي سبب رئيسي في تسرب الفتاة من المدارس
,إنشاء شبكة وطنية لدعم وتعليم الفتاة وعمل أدلة موحدة في برنامج الحوافز الأسرية المختلفة
تحقيق/نجلاء علي الشيباني
أعلنت فاطمة التي لم تبلغ الـ٠٢ من العمر استسلامها بعد أن رفعت الراية البيضاء لنزاع استمر عدة سنوات مع والدها وإخوتها .. وقررت مرغمة كبقية زميلاتها البقاء في المنزل لتقوم بخدمة والدها وأشقائها الذكور الذين تتفوق عليهم في المستوى العلمي .. لتترك حلمها في الالتحاق بالجامعة.
فهي كما تقول الوحيدة من بين إخوتها التي استطاعت أن تكمل دراستها للمرحلة الثانوية بينما البقية توقف قطار التعليم بهن في مرحلة تعليمية مبكرة .. كل ذلك كان سببه فكرة واحدة هي أن المرأة مصيرها البيت والزواج فكرة تبناها والدها وإخوتها بحذافيرها وليس هذا هو حال فاطمة وإنما هو حال جميع فتيات القرية التي طغت عليهن الفكرة التقليدية السائدة فتعليم الفتاة .. هناك ليس بالأمر المهم بل أمر في ذيل قائمة اهتمامات الذكور.
❊ فيما يجد عبدالستار ٠٤ عاما وهو موظف في إحدى الشركات الخاصة ضرورة التحاق الفتيات بالتعليم والأولوية يجب أن تكون للذكور فالفتاة مصيرها الزواج والبيت هذا ما قاله. وهذه الأمور نجدها لدى معظم أولياء الأمور وليس عبدالستار فقط من يفكر بهذه الطريقة فهناك آلاف الأشخاص في بلادنا خاصة في الأرياف ممن يهتمون بتعليم البنين عن البنات ولأسباب عديدة وكل حسب رأيه.
تعكس إحصائية منظمة اليونيسف بأن ٠٧٪ من فقراء العالم هم من النساء منوهة بأن النساء حول العالم يكسبن في المعدل فقط ثلاثة أرباع ما يكسبه الرجل وأنهن يؤدين ثلثي ساعات العمل في العالم سنويا .. مبينة أن ثلثي الأميين الراشدين في العالم وعددهم ٥٧٨ مليونا هم من النساء ممن أجبرتهن ظروفهن المعيشية والاقتصادية على الخروج والابتعاد عن التعليم.
برامج هادفة
❊ أوضحت الأستاذة أمان علي البعداني مديرة عام تعليم الفتاة بوزارة التربية والتعليم أن القطاع منذ إنشائه يضع أنشطة وبرامج هادفة لتحقيق دعم تعليم الفتاة وتفعيل المشاركة المجتمعية وأنه من هذا المنطلق لديه عدة برامج يقوم بتنفيذها في عدة محافظات مستهدفة داخل الجمهورية تشتمل برامج الحوافز المادية والنقدية المدرسية وغيرها إلى جانب البرامج الخاصة بتفعيل المشاركة المجتمعية من تدريب اختصاصيين اجتماعيين أو تشكيل مجالس الآباء وأولياء الأمور في المدارس وتدريبهم وتفعيلهم وإبراز أدوارهم تجاه العملية التعليمية وأيضا تشكيل مجالس تنسيقية لدعم تعليم الفتاة وقد تم إنشاؤها في ٧١ محافظة ويتم حاليا العمل على استكمال إنشائها في المحافظات الخمس المتبقية بهدف إنشاء الشبكة الوطنية لدعم تعليم الفتاة على مستوى الجمهورية اليمنية.
وترجع أمان تدني معدل التحاق الفتيات بالتعليم في بلادنا لعدة عوامل منها اقتصادية وتتمثل في الفقر الذي يعد أهم العوامل التي تؤدي إلى تدني مستوى التحاق الفتيات بالمدارس وارتفاع نسبة التسرب حيث إن الأسر الفقيرة لا تتمكن من دفع تكاليف التعليم لأبنائها وبناتها.
وتكتفي الأسر غالبا بتعليم البنين دون البنات وذلك لوضعها الاقتصادي المتدني وعوامل ثقافية تتمثل في قلة الوعي لدى الأسرة بأهمية تعليم الفتاة والزواج المبكر وانتشار الأمية في معظم المجتمع اليمني خاصة بين أوساط النساء وعوامل جغرافية تكمن في بعد المدرسة عن سكن الفتيات مما يضطر الآباء إلى سحب بناتهم من المدارس خشية تعرضهن لأي مكروه أثناء الذهاب إلى المدرسة.
عوامل تعليمية وتربوية وتتعلق بالبيئة المدرسية غير الملائمة ولا تلبي احتياجات الفتيات وقلة المعلمات خصوصا في المناطق الريفية والنائية لعدم وجود مخرجات من تلك المناطق والاختلاط في المدارس وعدم وجود مبان مستقلة خاصة بالإناث وازدحام الفصول الدراسية واستخدام العقاب الجسدي ضد الطالبات وتدني مستوى إعداد وتدريب المعلمين والمعلمات العاملين بالصفوف الأساسية وهناك عوامل سياسية منها النزاعات المسلحة في محافظات (صعدة وعمران وحجة) والكوارث الطبيعية في بعض المناطق اليمنية.
خطوات إيجابية
❊ وفي هذا الصدد قدمت الوزارة الكثير من أجل جذب الفتاة للتعليم كما تقول البعداني فهناك برنامج المبادرة المحلية لدعم تعليم الفتاة (التطوير الشامل للمدرسة) أول اتفاقية وقعها قطاع التعليم مع الحكومة اليابانية والذي بدأ في محافظة تعز في عام ٥٠٠٢م في ٩٥ مدرسة والآن ينفذ بدعم المجلس المحلي بمحافظة تعز بالمديريات والمدارس المستهدفة وتوسع المشروع ثلاث مديريات و٠٦٣ مدرسة بتمويل من المجلس المحلي بتعز تم في عام ٠١٠٢م استهدفت محافظة ذمار ٠٧ مدرسة في ٧ مديريات والذي يمول بدعم من منظمة جايكا اليابانية والسلطة المحلية بالمحافظة حيث يتم اعتماد ميزانية 300.000 ريال سنويا تودع في البريد بهدف تطوير المدرسة بحيث تصبح المدرسة جاذبة وصديقة للأطفال ويتولى عملية التنفيذ وصرف المبالغ فريق من المدرسة عبر البريد وبرئاسة مجلس الآباء كما يتولى عملية المتابعة والتنفيذ فريق المديرية والمحافظة والوزارة ومشروع المدارس المطورة (الصديقة للأطفال) ومشروع التحسين الشامل ومجالس تنسيقية لدعم تعليم الفتاة بالمحافظات (الشبكة الوطنية لدعم تعليم الفتاة) وبرامج التغذية بالمدرسة لدعم الفتاة أما فيما يتعلق بدعم الطالبات بالتغذية المدرسية (قمح زيت) للتوزيع السابع والثامن من البرنامج الغذائي العالمي لدعم تعليم الفتاة حيث بلغ عدد الطالبات المستهدفات في عام ٣١٠٢م 35.000 طالبة وبرنامج تفعيل المشاركة المجتمعية لدعم تعليم الفتاة من عام ٥٠٠٢م إلى عام ٣١٠٢م تم تشكيل وتدريب أكثر من ٠٣٠٩ مجلس آباء وأمهات مع طباعة وتوزيع أكثر من 600.000 لائحة وأصبح بعض مجالس الآباء والأمهات بلجانه الثلاث لجنة الصياغة والتخطيط والعلاقات فاعلات وتمارس مهامها من خلال عقد الاجتماعات الدورية للمجلس لحل الإشكاليات التعليمية بالمدارس التي يلتحق بها أبناؤهم.
استراتيجية وطنية
❊ وحول الاستراتيجية الوطنية لتعليم الفتاة تقول مديرة عام دعم تعليم الفتاة: لا توجد استراتيجية وطنية خاصة بتعليم الفتاة بل وضع محور تعليم الفتاة من المحاور الثماني الاستراتيجية الوطنية لتطوير التعليم الأساسي والذي يهدف إلى تحقيق التعليم الأساسي للجميع بحلول عام ٥١٠٢م والاستراتيجية الوطنية لتطوير التعليم الثانوي ووضع مشروع تطوير التعليم الثانوي .. والتحاق الفتاة لتنفيذ الخمس المبادرات وهي كالآتي: تطوير المرافق المدرسية من خلال توسعة وإعادة تأهيل وتحديث الفصول الدراسية الحالية وتزويد المدارس بمواد ومصادر تعليم وتعلم وتطوير المنهج الحالي وعملية التقييم وتقديم وتنفيذ برامج تدريبية ورفع الوعي المجتمعي للعاملين بالمدارس والمجتمع المحلي وتقديم منح مجتمعية للمدارس لتشجيع الطلاب والطالبات للاستمرار بالتعليم الثانوي.
وعن المهام التي تقوم بها إدارة تعليم الفتاة تحدثنا أماني قائلة: المساهمة الفاعلة في نشر تعليم الفتاة لتوفير فرصة لكل فتاة في العمر ٦-٨١ عاما للحصول على تعليم ذي جودة عالية وتفعيل المشاركة المجتمعية في العملية التربوية والتعليمية لها وأن يصبح القطاع على المستوى المركزي والمحلي أداة قوية وفاعلة للوزارة في دعم وتسريع ونشر تعليم الفتاة وتحسين جودته ونوعيته وقادرا على تفعيل المشاركة المجتمعية في العملية التربوية والمشاركة في وضع الخطط والبرامج وتنمية الموارد والقدرات المتعلقة بتعليم الفتاة ومشاركة المجتمع والدراسات وتحليل المعلومات والمتابعة والتقييم المتعلقة بتعليم الفتاة ومشاركة المجتمع.
حلول
❊ وحول الحلول التي وضعتها الوزارة وقطاع دعم تعليم الفتاة للحد من تسرب الفتاة من المدارس ودعم تعليم الفتاة أفادت البعداني بقولها: الاستمرار ببرنامج التحولات النقدية المشروطة بعد عام ٥١٠٢م من تمويل حكومي بحسب الاتفاقية المبرمة بين البنك الدولي ووزارة التربية والتعليم ووزارة المالية وتعزيز العمل التكاملي بين وزارة التربية والتعليم والجهات ذات العلاقة بالعملية التربوية التعليمية لدعم تعليم الفتاة وعمل أدلة وطنية موحدة ببرنامج الحوافز الأسرية المختلفة وإنشاء الشبكة الوطنية لدعم وتعليم الفتاة على المستوى الوطني وتشكيل مجالس الآباء والأمهات وتدريبهم بالمدارس التي لم تتشكل بها وتدريب الأخصائيين الاجتماعيين على أدلة المشاركة المجتمعية والإرشاد المدرسي والخدمة المجتمعية الاعتماد في بناء قدرات العاملين في السلك التعليمي الإداري والفني لتحسين الأداء الإداري والفني وتعاقد مع معلمات الريف بالمناطق ذات الاحتياج بتوفير كادر نسائي وتوسيع برنامج التغذية المدرسية لتمثل أكثر المناطق ذات الاحتياج وترميم وتوفير المياه والمرافق الصحية بالمدارس وبناء مدارس وفصول دراسية لتغطية ما أمكن تغطيته منها من المناطق ذات الاحتياجات التعليمية.
تساوي الفرص
❊ فيما تشير أستاذة علم الاجتماع بكلية الآداب الدكتورة سميرة سعيد إلى أن أخطر وسائل هدم لكيان المرأة والفتاة خاصة الوصول إلى الشعور بالنقص وعدم الجدوى من فاعليتها في المجتمع وهذا يتسبب في حصر شخصيتها وهدر طاقاتها وإعاقة نموها الاجتماعي والإنساني فنجدها تتحول إلى شخصية ضعيفة معززة لا تستطيع التعامل بثقة بما يجري في محيط مبينة أن المدرسة هو المكان الآمن التي تستطيع الفتاة أن تبرز قدراتها وإبداعاتها وصقل شخصيتها في شق نواحي التعليمية والعلمية والفكرية والثقافية.
مؤكدة على أهمية تعزيز تكافؤ الفرص والمساواة في المعاملة في ميدان التعليم لضمان حصول الفتيات على فرص متساوية في الحياة.