تحقيق/ حسن شرف الدين –
> الكثير من التربويين والأكاديميين يدقون ناقوس الخطر من انتشار ظاهرة تسرب طلاب وطالبات المدارس.. ويؤكدون ضرورة إيجاد معالجات جذرية لهذه الظاهرة قبل فوات الأوان وارتفاع نسبة الأمية وضعف مخرجات العملية التعليمية والتربوية.
هذه الظاهرة بدأت تتفشى مع غياب دور الجهات المعنية كوزارة التربية والتعليم والمناطق التعليمية في مختلف المديريات.. إلى جانب غياب دور المدرسة وأولياء الأمور وعقال الحارات للحد من هذه الظاهرة التي تهدد مستقبل الطلاب والطالبات مستقبلا.
في هذا التحقيق الذي تجريه “الثورة” نحاول تسليط الضوء على هذه الظاهرة للفت نظر الجهات المختصة وعمل برنامج أو خطة للحد من هذه الظاهرة مع بدء العام الدراسي القادم.
يقول أحد أولياء الأمور الأخ صلاح قاسم الذيفاني إنه كثير ما يشاهد طلاب المدارس في أوقات الدوام المدرسي في محلات الإنترنت ونوادي البلياردو أو في الشوارع وكأنهم غير مكترثين بمستقبلهم وغير مدركين بخطورة ما يعملوه.
وقال الذيفاني: إنه يعمل جاهدا متابعة أولاده من فترة إلى أخرى الذين يدرسون في مدارس حكومية ينقصها الكثير من الاهتمام حيث يفتقر أولاده إلى بعض الكتب التي لم توفرها المدرسة كما أن أولاده يعودون إلى منزله في أوقات مبكرة أحيانا الساعة العاشرة صباحا قبل انتهاء الدوام وعند سؤاله لماذا أتيت مبكرا يقول: إن الاستاذ المشرف قال لهم ارجعوا الى البيوت لغياب المدرسين.
وأضاف ولي الأمر يجب على مدراء المدارس العمل على توفير المدرسين والكتاب المدرسي وإلزام الطلاب بالدوام المدرسي والتواصل مع أولياء الأمور وتفعيل مجلس الآباء الذي لم يتم تفعيله إلى الآن.
من جانبها قالت الأستاذ نجوى مالك -مديرة المدرسة الحديثة بأمانة العاصمة: ظاهرة التسرب ظاهرة خطيرة جدا وتواجه أغلب المدارس لعدة أسباب منها الحالة المادية للطلاب والطالبات والزواج المبكر للطالبات وهي ظاهرة منتشرة كثيرا وعند نقاش ولي الأمر يرد “البنت آخرتها للمطبخ مهما حصلت على مؤهلات” وقد حدثت حالة فشل لزواج مبكر كتب عليها الطلاق وعند عودتهن للمدرسة أقول لولي الأمر ألم أقل لك سابقا بأن البنت غير مؤهلة للزواج ما وما زالت صغيرة فيكون رده “النصيب يا أستاذة”.
وأضافت مالك: من خلال التجربة العملية وجدنا أن هذه الظاهرة تتركز في الصف الثالث ذكوراٍ ودائما نعمل على استدعاء أولياء الأمور ومناقشتهم إلا أنهم لا يستجيبون وأغلبهم يقول “خليه يبزغ معي قات ما تفعل له الشهادة¿”.. ومن أسباب ظاهرة التسرب انتقال سكن الأسرة خاصة إلى أماكن بعيدة ولا يتم سحب الملف من المدرسة ومن ثم يسجل منقطعاٍ.. بالإضافة إلى عدم اهتمام الأسرة بالطلاب والطالبات بالشكل المطلوب حتى يتم رفع المستوى التحصيلي.
وتقول مديرة المدرسة: نعمل كإدارة مدرسة بالتعاون مع الجهات المختصة لشراء اللوازم المدرسية للطلاب المحتاجين من حقائب مدرسية ودفاتر وأقلام وغيرها وزي مدرسي مع تبرعات نجمعها من المدرسين والمدرسات وكذلك بعض أولياء الأمور المقتدرين وتنفذ إدارة المدرسة كذلك مشروع الصبوح للفقراء بالتعاون مع المدرسات وعائد الرحلات مع العلم بأن إيجار البوفية يذهب رواتب للحارس والفراشة لأنهم غير مثبتين.. ومع ذلك إذا ما تم ظهور حالة تسرب نقوم باستدعاء أولياء الأمور وهم قلة الاستجابة ومناقشتهم في مستوى ابناءهم ونقوم بعرض عدة حلول لهم.. كما عملنا بالتعاون مع المدرسين والمدرسات تخصيص يوم الخميس لعمل دروس تقوية خاصة في الصفوف الأولية من الصف الأول أساسي حتى الصف السادس أساسي في مادة القراءة.
وكممثل لأحد الجهات ذات الاختصاص يقول الأستاذ عصام حسين العابد – مدير مكتب التربية والتعليم بمديرية شعوب: ظاهرة التسرب من التعليم حقيقة ظاهرة موجودة تتوسع وتتفاقم بشكل كبير جدا وهذه الظاهرة لها عدة أسباب تربوية داخل ميدان التربية والتعليم منها إغلاق بعض المدارس في وجه الطلاب من المتأخرين وعدم استخدام الأساليب التربوية والتعليمية من خلال إبلاغ أولياء الأمور واستدعاءهم ومن أسباب ظاهرة التسرب ظاهرة العنف التي يستخدمها بعض الإخوة المعلمين في بعض المدارس رغم التوجيهات والتعليم الصادرة من وزارة التربية والتعليم بعدم استخدام العنف مع ابنائنا وبناتنا الطلاب في المدارس ويعد هذا مخالف وظاهرة غير تربوية وغير تعليمية إلا أننا نجد أن هذه الظاهرة موجودة في بعض الأماكن الخفيفة والبسيطة.
وأضاف العابد: هذه الظاهرة هي سبب كبير جدا في تسرب كثير من أعداد الطلاب والطالبات كذلك من ظواهر التسرب لدى الطلاب والطالبات تخص الأسرة كعدم اهتمام أولياء الأمور بمتابعة ابنائهم الطلاب داخل المدارس والذين تسببوا في تفاقم هذه المشكلة.
وقال مدير مكتب التربية: حقيقة أنا أربط هذه المشكلة بأنها جانب تربوي وأسري ولا بد من متابعة ابنائنا الطلاب والطالبات عند ذهابهم إلى المدارس وهناك الكثير من الطلاب يذهبون إلى المدارس ويرتدون الزي المدرسي ويعتقد ولي الأمر أن ابنه قد توجه إلى المدرسة إلا أنه لم يدخلها أو يصل إلى بوابة المدرسة بل ذهب إلى أماكن اللهو واللعب كمحلات الإنترنت والبلياردو غير التربوية والتي نناشد من خلال أمانة العاصمة والمجالس المحلية بالمديريات بشكل عام بعمل حل جذري وحلول ومعالجات لمثل هذه النوادي التي تجمع أبناءنا الطلاب وتسبب استياء كبيراٍ جدا لدى التربويين.
وعن الآثار السلبية يقول العابد: ينتج عن تسرب الطلاب من المدارس آثار سلبية منها تفاقم نسبة الرسوب لدى الطلاب والطالبات مما يشكل عبئاٍ كبيراٍ جدا على ولي الأمر وعلى الطلاب وعلى الدولة التي تنفق على الطلاب سنويا مبالغ كبيرة جدا من حيث توفير المبنى والكرسي والمعلم والكتاب والمعمل وغيرها إلى جانب انتشار ظاهرة الأمية وعدم اكتمال الطلبة غالبا الذكور.
وأشار العابد إلى أن تفشي ظاهرة الهروب من المدارس يسبب وجود أعداد كبيرة ومهولة لم يستكملوا تعليمهم وهذا يشكل عليهم عبئاٍ على أنفسهم وعلى أسرهم وعلى الوطن بشكل عام وعلى اقتصاد البلاد.. كما يشكل الطلاب المتبقين نتيجة تسربهم عبئاٍ على المدارس في ازدحام الفصول وإعادة السنة لأكثر من مرة مما يؤدي إلى عدم إعطاء الفرصة لطلاب آخرين من حقهم أن يتعلموا وأن يكونوا في جو تربوي مناسب داخل الفصل.
وقال: هناك الكثير من الأخوة المدراء والمديرات يقومون بمتابعة مثل هذه الظاهرة من خلال إبلاغ الأسر وأولياء الأمور ولكن هناك قصور موجود في بعض المدارس نعمل على تلافيها والأخذ بعين الاعتبار بأهمية الاتصال والتواصل بولي الأمر لمعالجة مثل هذه الظاهرة.
ولمعالجة هذه الظاهرة يقول مدير مكتب التربية: يجب عدم معاقبة الطلبة واستخدام العنف معهم ومتابعتهم وعند وجود أي شكوى نعمل على متابعتها وفقا للنظام واللوائح والتعاميم والقرارات الصادرة من وزارة التربية والتعليم.. دورنا أيضا في هذا الجانب أننا نوجه الأخوة مدراء ومديرات المدارس بعدم إغلاق بوابات المدارس أمام أي طالب أو طالبة متأخر وعليهم اتخاذ المعالجات التربوية المناسبة في مثل هذه الحالات كتفعيل الأنشطة المدرسية لأن عدم وجود الأنشطة المدرسية داخل المدارس يؤدي أحيانا إلى تسرب الطلاب.
ويناشد العابد كل ولي أمر وأب وأم أن يتابعوا ابناءهم.. وقد عملنا استبياناٍ على مستوى المنطقة وجدنا أن متابعة أولياء الأمور لأبنائهم لا يتجاوز نسبة 2٪ من اجمالي عدد الطلاب و1.5٪ من اجمالي عدد الطلاب في المدارس الأهلية ندعو أولياء الأمور إلى الاهتمام وان يعطوا ولوجزءاٍ من اوقاتهم لمتابعة أولادهم وبناتهم ما لم ستتسبب في تفاقم مشكلة التسرب.
وعن تسرب الإناث من المدارس يقول مدير مكتب التربية: بالنسبة لتسرب الإناث من المدارس سببه من الأسرة ليس التسرب في عدم الرغبة في التعليم أو عدم الالتزام بالزي المدرسي.. وتسرب الإناث يعود لعدم رغبة كثير من الأسر في مواصلة التعليم للبنات.. أما بالنسبة للطالبات فهن أكثر التزاما وانضباطا وأكثر توجهاٍ للمدرسة.