حوار/ نجلاء علي الشيباني –
> رغم اعترافه بأن تطوير التعليم يحتاج إلى أموال طائلة إلا أن وكيل وزارة التربية والتعليم لقطاع المشاريع والتجهيزات عبدالكريم الجنداري يؤكد أن التعليم ليس متدنياٍ وأن حصول خريجي الثانوية على منح خارجية دليل على ذلك.
الجنداري يؤكد أيضاٍ في حديثه لـ (الثورة) وجود معلمين غير مؤهلين وكذا وجود اخطاء إملائية وطباعية في المنهج… وهذا نص اللقاء:
• أستاذ »عبدالكريم« في البداية هل من الممكن أن تطلعنا بصورة موجزة عن واقع سير العملية التعليمية في بلادنا¿
- لا شك أننا ندرك بأن بلادنا تعاني الكثير من الإشكاليات في مجال التطوير التربوي ونحن بالتأكيد لم نصل إلى نسبة تغطية كاملة لمن هم في سن التعلم وما تزال الوزارة تسعى في هذا الاتجاه وتبذل جهوداٍ حثيثة للوصول إلى هذه الغاية ولتوفير متطلبات توسيع قاعدة الالتحاق بالتعليم سواءٍ من أبنية مدرسية وتجهيزات ومستلزمات دراسية وكتب ومعلمين وغيرها.. وهذا الأمر يحتاج إلى أموال طائلة وكذلك المزيد من الوقت للوصول إلى العملية التعليمية إلى مبتغاها.
ولدينا إشكاليات وهي خارجة عن إرادتنا تربط بالوضع الاقتصادي للأسر التي تؤثر كل التأثير على التحاق أبنائنا بالمدارس سواءٍ الذكور أو الإناث خاصة خلال الفترة الأخيرة نتيجة للأوضاع والأزمات التي مرت بها بلادنا والتي ولدت أزمات اقتصادية وسياسية أثرت على التحاق أبنائنا بالمدارس.. ولهذا يجب أن تتضافر كافة الجهات الحكومية والخاصة والمجتمع المدني من أجل إيجاد الحلول المناسبة ووضع قضية التعليم كأولوية لدى الدولة لتتمكن الوزارة والقيادات التربوية من تحقيق الأهداف المرجوة من التعليم في بلادنا.
الوضع الاقتصادي
• كما تفضلتم بالذكر بأن العامل الاقتصادي لعب دوراٍ بارزاٍ في تسرب الطلاب من مدارسهم¿ هل لكم توضيح ذلك أكثر¿ وما هي أجراءاتكم التي اتخذتموها تجاه هذه الظاهرة¿
- التعليم بالطبع بحاجة إلى مصاريف ووضع الأسر خاصة في الأرياف لا يسمح لهم بذلك فهدفهم الاساسي هو توفير لقمة العيش بدرجة أساسية وتدني حالتهم الاقتصادية يدفعهم في كثير من الأوقات إلى إخراج أبنائهم من المدارس وإلحاقهم بسوق العمل إذا كانوا ذكوراٍ وإبقائهم في المنزل أذا كانت إناثاٍ فهم لا يتمكنون من دفع مصاريف التعليم.. ونظراٍ لما تقدمه الوزارة من دعم لتعليم الفتاة للأسر لإلحاقها بالمدرسة نجد الأسر يخرجون الذكور وتبقى الفتاة ملتحقة بالمدرسة والوزارة حالياٍ تقوم بعمل معالجات لهذه المشكلة حيث أنها ستقوم بتقديم الحوافز والمواد الغذائىة للأسر الفقيرة وتقديم الحقيبة المدرسية للدفع بالطلاب دون استثناء بالالتحاق بالمدارس وفي تصوري هذا الأمر لا يكفي للحد من تسرب الطلاب من المدارس فالعامل الاقتصادي يلعب دوراٍ بارزاٍ فإذا ما التحقوا عادوا للتسرب مرة أخرى لهذا فنحن بحاجة إلى تنمية اقتصادية واجتماعية في هذه المناطق لتكون تنمية متكاملة حتى يتمكنوا من توفير سبل العيش لهم ولأبنائهم وبهذا سيتمكنون من الالتحاق بالمدارس بدون معوقات.
هذا التصور لا يعني أن الوزارة لم تحقق بعض المكاسب والأهداف في وصول التعليم إلى المستوى المطلوب فهناك فصول تبنى بصورة مستمرة لاستيعاب الطلاب وهناك معلمون ومعلمات تم توظيفهم للعمل في المناطق التي تفتقر للمعلمين.. والتعليم في بلادنا ليس كما يصفه البعض بأنه تعليم متدنُ.. والدليل على ذلك أن طلابنا يتخرجون من الثانوية العامة ويحصلون على منح دراسية للخارج كالصين والهند ومصر والأردن وماليزيا وغيرها من الجامعات ويحققون النجاح والتفوق ويجب علينا أن نشخص الحالات كما هي فنحن بحاجة إلى تطوير التعليم وتجويده وتحسينه وتلبية احتياجات المعلم والتعليم وهذه ضرورة لا بد منها.
دمج منهجي
• ليس بالجديد عليكم معرفة أن المنهج الدراسي لا يخلو من الأخطاء¿ هل يمكنكم معالجة هذه الأخطاء وتصحيحها خاصة وأنها ما زالت موجودة¿
- بعد قيام الوحدة المباركة تم دمج ثلاثة مناهج ما كان يسمى بمنهج الجمهورية العربية اليمنية ومنهج جمهورية اليمن الديمقراطية ثم مناهج المعاهد العلمية التي كانت في إطار الجمهورية اليمنية ويلي هذه العملية توحيد وتطوير وتحسين هذه المناهج وقد تمت عملية الدمج بطرق مدروسة وتربوية.. ولا نقول أنها وصلت إلى مستوى الكمال لكنها أفضل وحققت مناهج جيدة والدليل على ذلك تمارين الاختبارات الدولية الذي أجرته »تمس« للدراسات التربوية حيث أجري للصفين الرابع والسادس اختبار دولي شاركت فيه بلادنا ويختبر الطلاب وهم في المراحل الفصلية لمعرفة قدراتهم على استيعاب المنهج ووضع المنهج والمعلومات التي قدمت للطلاب هل هي متواجدة ضمن الكتاب المدرسي وهل الاشكالية في المنهج أو في القدرة الاستيعابية للطالب وكانت النتيجة جيدة للطلاب اليمنيين مقارنة بالدول الأخرى.
لا ننكر وجود أخطاء إملائية وطباعية وقليل من الأخطاء العلمية وفي كل عام دراسي تقوم الوزارة بمراجعة المناهج وتصحيح الأخطاء فيها بشكل مبسط وكما نعرف جميعا اننا الطباعة تكلف الوزارة كل عام 10 مليارات لطباعة الكتاب المدرسي سنويا والباقي يغطى من المستعاد من التلاميذ وتتم مراجعة الاخطاء وتصحيحها من قبل مختصين تربويين وموجهين واستشاريين عبر التقارير المقدمة للوزارة بعدد الأخطاء في الكتاب المدرسي.
• استاذ عبدالكريم يقال بأن هناك توجهاٍ لتغيير المنهج الدراسي ما صحة ذلك¿
- بالنسبة للوزارة هناك توجه فعلي لتغيير المنهج لكننا الآن في مرحلة مؤتمر الحوار الذي سوف تنتج عنه فلسفة للدولة اليمنية المدنية الحديثة وستكون هناك نظرة جديدة وثوابت مجتمعية مختلفة وستكون هناك أولويات يجب علينا تعليمها لأبنائنا أولاٍ الولاء الوطني وعندما تكتمل الصورة الكاملة نتحدث عن تغيير المنهج وهناك محاولات تتم لتغيير المنهج لكننا الآن في اللجنة العليا للمناهج لم نطلع عليها ونرفضها إذا كانت تتم في أماكن مغلقة لانعرفها.
تدريب وتأهيل
• هناك شكاوى من بعض أولياء الأمور على بعض المعلمين غير المؤهلين والذين لم يلتحقوا بدورات تدريبية منذ زمن ما الذي بإمكانكم أن تقدموه لتحسين جودة التعليم لهؤلاء المعلمين¿
- صحيح أن لدينا معلمين غير مؤهلين ولديهم دبلوم سنتين بعد الثانوية ودبلوم ثلاث سنوات وخمس سنوات وما دون ذلك وهذا الأمر أصبح يشغل الوزارة وتسعى جاهدة للتخلص من هذا المشكلة ويأتي من خلال تأهيل هؤلاء المعلمين بالتعاون مع الجامعات اليمنية في مختلف المحافظات بوضع برامج تتناسب بمواعيد المعلمين والأوقات المناسبة لالتحاقهم بالدراسة الجامعية وأن لا يخل ذلك بمواعيد العمل الدراسي وباتفاق مع وزارة التعليم العالي والجامعات اليمنية وايجاد دورات تدريبية متخصصة للمعلمين في الإجازات والعطل الدراسية كنوع من التأهيل لهم هذه من ضمن الخطط التي تسعى الوزارة لتحقيقها خلال الأعوام القادمة وإيجاد التشريعات التي تجعل من المعلم أن يكون ملزما لتطوير نفسه من خلال بعض الحوافز والترقيات للمتدربين والحاصلين على مؤهلات.
ويجب أن يكون التدريب بصورة مستمرة للإسهام في تطوير مهارات وقدرات المعلمين داخل الحقل التربوي.
تسرب الفتيات
• في الآوانة الأخيرة بدأت ظاهرة تسرب الفتيات من مدارسهن هلا تفضلتم بالحديث عن أسباب تزايد نسبة المتسربات من الفتيات¿
- قلة الوعي لدى الأسر بأهمية التعليم بالنسبة للفتاة وتدني مستوى المعيشة والحالة الاقتصادية للأسر والزواج المبكر بالنسبة للفتيات وبعد المدرسة عن سكن الفتيات مما يضطر الآباء والامهات إلى سحب بناتهم من المدرسة واختيار موقع المدرسة في مواقع مزدحمة بالناس كالأسواق والبيئة المدرسية غير الملائمة ولا تلبي احتياجات الفتيات وعدم توفر المرافق الصحية لمدارس الفتيات والاختلاط في المدارس وعدم وجود مبان مستقلة بالإناث إلى جانب النزاعات المسلحة في محافظات صعدة وعمران وحجة والكوارث الطبيعية في محافظتي الحديدة وحضرموت والتي تم التدخل فيهما عام 2009-2010م من قبل الوزارة وشركاء التنمية تحت مسمى حملة العودة إلى المدرسة وتمتد على نطاق جغرافي وسكاني واسع امتد إلى 12 محافظة وبنسبة 57.14٪ من إجمالي عدد المحافظات واتساع نطاق الصراع ما بعد عام ٩٠٠٢ – ٠١٠٢م إلى عشر محافظات هي أمانة العاصمة تعز صنعاء عدن الضالع لحج الجوف شبوة البيضاء أبين وبنسبة 68.19٪ من إجمالي محافظات الجمهورية وتدمير مدارس لأكثر من 885 مدرسة متضررة بشكل جزئي وكلي واستخدام العديد منها لايواء النازحين.
الحد من الأمية
• ماهي المعالجات التي تضعها الوزارة للحد من الأمية في بلادنا¿
- هناك جهود كبيرة تبذل في هذا الجانب ونسعى إلى الحد من الأمية في بلادنا بصورة مستمرة والأعداد قليلة والآن الوزارة تقوم بإطلاق حملة مجتمعية للحد من الأمية فالقضية لا تتعلق بوزارة التربية والتعليم وإنما هي قضية وطن ويجب أن يساهم كل أفراد المجتمع اليمني والمؤسسات الحكومية والأهلية والمجتمع المدني من أجل إنجاح هذه الحملة بحيث تكون الوزارة مسئولة عن تقديم الكتاب والمنهج والإشراف والمعلمين وعلى الجهات الأخرى أن تكون داعمة بتحمل تكاليف المعلم وبعض التكاليف المادية وأن تعمم على أي مواطن يرغب في الألحاق في مؤسسة ما لابد أولاٍ أن يلتحق بمحو الأمية في حالة عدم إجادته للقراءة والكتابة وهكذا نستطيع أن نقضي على الأمية في بلادنا.
ومن الملاحظ أن أكثر الملتحقين بجهاز محو الأمية هم من النساء أما الرجال فهم عازفون عن التعليم.
المناطق النائية
• مناطق ليس بها مدارس وطلاب يدرسون في الهواء الطلق¿ ماهو تعليقكم على ذلك¿
- هذه حقيقة نحن لايزال لدينا أكثر من 660 مدرسة وهذه المدارس في غير استها الدراسين إما في خمية أو تحت شجرة أو صقيح أو جامع وأماكن مختلفة يدرس فيها الطلاب والوزارة لديها حصر كامل بهذه المدارس ومن أولوياتها خلال الفترة القادمة من خلال مشروع التعليم الأساسي ومشروع الشركات اليمنية التي حصلت فيه اليمن على 82 مليوناٍ ومنها 10 ملايين للتعليم الأساسي و 10 ملايين للطورىء ونعمل على أن يتوجه جزء منه لإيجاد المباني التعليمية لتخطي هذه المشكلة والتركيز على المناطق التي لا توجد بها مدارس والمناطق التي توجد بها مدارس آيلة للسقوط والمدارس الذي يكون إلتحاق الفتيات بها ضيئلاٍ نتيجة لعدم وجود مدرسة قريبة.
• إضافة إلى اللغة الانجليزية لطلاب المراحل الأساسية خلال المراحل الدراسية القادمة ما مدى تصديقكم على هذا الكلام¿
- هذا القرار قد سبق وأن اتخذ في فترة مبكرة وتعمل الوزارة على محاولة تنفيذه لكننا نواجه العديد من المشكلات على وجه الخصوص توفير كتاب اللغة الإنجليزية إلى جانب توفير المعلم وسوف تحتاج إلى آلاف المعلمين والمعلمات لتعليم اللغة الإنجليزية للفصول الأساسية في الوقت الذي نفتقد فيه إلى إيجاد مدرسين للغة الانجليزية متخصصين للصفوف السابع إلى الثانوي.. ولكن يمكن أن نجري هذه التجربة في مدارس مختلفة كنماذج ويعطوا الطلاب هذه الحصص في الصفوف متقدمة للمرحلة الأساسية وهذا الأمر سيكون بالطبع لصالح العملية التعليمة إذا نجحت التجربة في المدارس التي اتخذت كنماذج سوف نعمم الأمر على بقية المدارس في الجمهورية.
إصلاحات وزارية
• يقال أن هناك عدداٍ من الإصلاحات جديدة داخل الوزارة¿ هل بالإمكان أطلاعنا عليها¿
- هناك إصلاحات تتعلق بالبنية المؤسسية والهيكلية للوزارة حيث تم إنجاز المرحلة الأولى من المشروع وهناك إصلاحات تتعلق بتطوير المدرسة والعمل على تحويل المدارس من مدارس طاردة إلى جاذبة عبر برنامج المدارس المطورة والذي نستهدف من خلاله حوالي (1143) مدرسة في المحافظات وذلك بتزويدها بكافة الإمكانيات التي تؤهلها لتقديم تربية وتعليماٍ متميزين وبجودة عالية لأبنائنا الطلاب وإنجاز الدليل الوطني الموحد للتطوير المدرسي والذي يتضمن مجالات التطوير المدرسي وعددها (11) مجالاٍ وآلية الاعتماد المدرسي ومجال التقييم الذاتي كما تم إقرار خطة الأنشطة والفعاليات لعام 2013م ومعالجة ظاهرة تسرب الطلاب من المدارس وظاهرة الغش والقضاء عليها نهائياٍ والبحث عن المشكلة وأسبابها وطرق علاجها.
معوقات
• أستاذ عبدالكريم ماهي أبرز المعوقات التي تواجهكم في العملية التربوية¿
- الإمكانيات المادية أهم ما تواجه العملية التربوية ويجب على الدولة أن تدرك بأن أولوياتها هي تطوير العملية التربوية وإعادة توزيع المدارس بصورة عادلة في كافة محافظات الجمهورية وخاصة المناطق النائية وإعادة تأهيل وتدريب الكادر التربوي بصورة مستمرة خاصة أيام العطل والإجازات وأثناء العام الدراسي بحيث لا يخل ذلك بالعمل التربوي وإيجاد بيئة جاذبة للطلاب والطالبات لدفعهم للتعليم.