مهازل الأمم المتحدة
أحمد يحيى الديلمي
لا اعتقد أن أحداً في العالم بأسره بات يثق في المنظمة الدولية المسماة بالأمم المتحدة بعد أن أصبحت تدور في حلقة مفرغة وتتخذ مواقف هزيلة تجاه الكثير من القضايا بعيدا عن الصفات الإنسانية والمعاني التي اشتمل عليها ميثاق هذه المنظمة وكانت بمثابة الحارس الأمين على مكاسب ومصالح الأمم، باعتبارها المدافع عن الأخلاق والقيم والمبادئ الإنسانية، لكن للأسف أثبتت الأيام بأن سلوك المنظمة تغير وأنها بدأت تشكل مظلة لا إنسانية للحروب المرعبة والمآسي اللاإنسانية غير السوية ، كأن المشرفين عليها تحولوا إلى سماسرة للإتجار بمآسي البشر.
فها نحن نشاهد موقف هذه المنظمة مما يتعرض له اليمن خلال أكثر من عامين، وهذا البلد يقصف بأفتك الأسلحة المحرمة دوليا بينما مواقف هذه المنظمة لم يتعد مرحلة الإحساس بالقلق عند حدوث كارثة كبرى لهذا الشعب وهاهي المنظمة أخيرا تتحول إلى يافطة للمتاجرة بمعاناة الناس وفتح المجال أمام شذاذ للارتزاق الرخيص واستغلال مآسي الناس ومعاناتهم كما حدث فيما سمي بمؤتمر الاستجابة الإنسانية الذي عقد في جنيف، فالدول الرئيسية المشاركة في العدوان بزعامة النظام السعودي هي التي تباكت على اليمنيين وهي التي ادعت الوقوف إلى جانبهم، متناسية مئات الأطنان من القنابل والصواريخ الذكية والبليدة التي وقعت على رؤوس اليمنيين ونسيت أنها تمول كل الأعمال الاجرامية حتى عن طريق الجماعات الإرهابية المتطرفة والأكثر غلوا فهي التي تمولها وهي التي ترسم لها خرائط الأعمال الاجرامية ومع ذلك تقدمها الأمم المتحدة في شكل الحمل الوديع المتباكي على مآسي البشر.
إنها قمة المهازل أن تتحول هذه المنظمة إلى وسيلة لتجميل وجوه القتلة والمجرمين الذين يحاولون التكفير عن ذنوبهم بتقديم الفتات لليمنيين تحت ما يسمى بـ”مشاريع الاستجابة الإنسانية” وهو محفل هزيل دل على التسول والمتاجرة بمعاناة اليمنيين ومآسيهم، لا نشكك في نوايا ومواقف بعض الدول قد يكون حضورها بدافع إنساني لكننا لا نثق إطلاقا بالمنظمة وهذه الدول التي احتمت بمظلتها وجاءت تقدم الفتات لليمنيين بعد أن دمرت كل شيء في بلادهم ، فهل يمكن للأمم المتحدة أن تخبرنا عن مصير مليارات الدولارات التي تم جمعها في المراحل السابقة وأين ذهبت ؟ علماً بأن 75 % من سكان اليمن لم يشموا حتى رائحة هذه الأموال والمطلوب من المنظمة ليس المزيد من المؤتمرات الهزيلة ولكن البحث عن مصير هذه الأموال والمجالات التي صرفت من أجلها ما لم فأنها تعبر عن انهيار أخلاقي وقيمي للمنظومة الدولية خاصة عندما ندرك أن المجتمع الدولي يكافئ النظام المارق في السعودية بأشياء مريبة، فمن المفارقات العجيبة أنه في الوقت الذي اصدر فيه المحفل الوهابي فتوى أكدت أن صوت المرأة عورة وحرمت على الفتاة السعودية الحديث إلى وسائل الإعلام حتى المسموعة في هذه اللحظة تم اختيار السعودية عضوا في اللجنة الدولية للدفاع عن حقوق المرأة.
يا لها من مهزلة، وهل أصبح المال سلطة لهذا الحد يتحكم بكل شيء!؟ هذا موقف أخلاقي وإنساني غير مسؤول يتعارض مع أبسط مبادئ الميثاق الدولي. وهنا نقول للأمم المتحدة إن أكبر مساعدة لنا كيمنيين هو كبح جماح المعتدين وإيقاف ما يقومون به من أعمال إجرامية في حق هذا الشعب . هذا غاية ما نتوقعه وننتظره من هذه المؤسسة الدولية لكي تحافظ على أقل نسبة من ثقة الناس بها .
والله من وراء القصد .