خالد عبدالمنعم *
شهد مقر الأمم المتحدة بجنيف السويسرية، اجتماعا، أمس، حضره ممثلون لـ50 دولة، بغرض جمع الأموال، بغية ترميم الكارثة الإنسانية التي أحدثها العدوان السعودي الأمريكي على اليمن.
ونجحت الأمم المتحدة في جمع مليار ومائة مليون دولار من المانحين الدوليين، وهو نصف المبلغ الذي كانت دعت إلى الحصول عليه لدعم “خطة الاستجابة الإنسانية للعام 2017م”، ومن المفترض أن يذهب المبلغ إلى حساب المنظمات الأممية التي تنفذ أعمال الإغاثة في اليمن.
على الرغم من الرداء الإنساني الذي اتشحت به جلسة جنيف بالأمس، فإنه سريعًا ما انكشف زيف هذه المؤسسات تجاه دماء الشعب اليمني، خاصة إذا ما تم التركيز على ردود أفعال المؤسسات الأممية تجاه الملف السوري ومقارنتها باليمني، فالأمم المتحدة، وأذرعها، أقامت الدنيا ولم تقعدها، بعد الهجوم الكيماوي البشع الذي جرى في خان شيخون السورية وتسبب في قتل 10 أطفال، حيث بدأت بعض الدول كبريطانيا وفرنسا وأمريكا بإعداد مسودات لمشاريع قرارات تحت مظلة مجلس الأمن لإدانة النظام السوري، كما قامت واشنطن بقصف مطار في سوريا وفرضت عقوبات على علماء سوريين حتى قبل امتلاكها لأدلة تثبت تورط النظام السوري في الهجوم الكيماوي، كل ذلك تحت ذريعة الأطفال الذين قضوا بالكيماوي كسلاح محظور دوليًا.
لكن عند الحديث عن أطفال اليمن فإن “اللسان الدولي” يصاب بالشلل، ففي الوقت الذي فشلت فيه الأمم المتحدة في جمع ملياري دولار كحد أدنى لإنقاذ الموقف الإنساني باليمن، واقتصر المزاد الأممي على مليار واحد فقط، نجد أن الولايات المتحدة وبريطانيا تجاهران ببيع الأسلحة للسعودية التي تستخدمها لقصف اليمن، حيث نشرت منظمة “أيدكس” الأمريكية تقريرا في أواخر عام 2015م توضح فيه حجم الصفقات التي أجرتها الولايات المتحدة مع السعودية ونوعها، حيث وصل إجمالي الصفقات إلى 117 مليار دولار، وفي المملكة المتحدة أصدرت بريطانيا تراخيص لبيع أسلحة تزيد قيمتها على 3.3 مليار جنية إسترليني أي (4.1 مليار دولار أمريكي) منذ بدء القصف على اليمن.
وإذا ما تم اعتماد هذه الأرقام فإن هذا سيقودنا إلى نتيجة واحدة هي أن الدول التي تدعي الإنسانية كأمريكا وبريطانيا تبيع السلاح بالسر وبصفقات تتعدى مئات المليارات، وفي العلن تتبنى مؤتمرات دولية تدّعي فيها الإنسانية لمساعدة أطفال اليمن، ذرا للرماد في العيون.
الاجتماع الأممي ، إذن، كان يعبر عن قمة الاستهزاء بالمشاعر الإنسانية، فالسعودية التي تدمر اليمن وتقتل أطفاله ونساءه، قامرت بأموالها على طاولات جنيف كدولة “إنسانية” تسهم بالأموال لحل الأزمة الإنسانية في اليمن، بينما كان من المفترض أن يعمل المجتمع الدولي على وقف انتهاكاتها.
التلاعب بالطفولة واستثمارها حسب الأهداف والمصالح أمر لم تتوقف الدول الغربية عنه، فقتل 10 أطفال في سوريا بالكيماوي لاقى ردود أفعال دولية غاضبة، بينما في اليمن حصل تعتيم كبير على عدد الضحايا وعلى الدور السعودي والأمريكي في استهدافهم، علمًا بأن طفلا دون الخامسة يموت في اليمن كل 10 دقائق، مع الأخذ في الاعتبار أن منظمة العفو الدولية أكدت أن العدوان السعودي قتل الآلاف من المدنيين اليمنيين، عبر استهداف المنازل والبنى التحتية على مساحة البلاد، وانتهك القانون الإنساني الدولي من خلال شنه المتكرر لضربات عشوائية ضد المدنيين.
بدأ العدوان على اليمن من قبل التحالف العربي بقيادة سعودية في مارس 2015م، ومنذ بداية العدوان قتل 7700 شخص غالبيتهم من المدنيين وأصيب 42500 بجروح، وفشلت كل وساطات الأمم المتحدة و7 اتفاقات لوقف إطلاق النار، فيما تفرض القوات السعودية الحصار على ميناء الحديدة الذي تعتمد عليه اليمن بشكل أساسي في وارداتها، فضلا عن منع 3 بعثات إنسانية من المرور من خلاله إلى اليمن.
*كاتب صحفي مصري
-البديل-