من وحي الإسراء والمعراج
حمدي دوبلة
إذا ضاقت عليك الدنيا فقل يا الله وإذا اعرض عنك الناس جميعا فاعلم أن لك ربا كريما لا يخيب عنده رجاء ولا يرد لديه سائل وليكن لك من الحبيب المصطفى أسوة حسنة في كل شؤونك وبالتحديد مواجهة الشدائد والمحن.
جاءت معجزة الإسراء والمعراج على صاحبها وآله أفضل الصلاة والسلام التي أحيا المسلمون ذكراها العطرة مساء أمس الأول والرسول الكريم والدعوة الإسلامية في اشد وأقسى الظروف وفي مرحلة هي الأخطر والأصعب في مسيرة هذا الدين الذي امتن الله به على العباد فكان نورا وهدى ورحمة للعالمين..
في السنة الثانية عشرة للبعثة النبوية الشريفة وفي عام الحزن الذي رحل فيه أبو طالب عم النبي وزوجه خديجة الداعمان الوحيدان للرسول في مواجهة رؤوس الشرك والطغيان وفي أعقاب ثلاث سنوات من الحصار الشامل الذي فرضه مشركو قريش على الرسول والمسلمين والمتعاطفين معه من قومه بني هاشم خرج النبي خلسة من مكة التي لم تعد مكانا آمنا له ولدعوته إلى الطائف لعله يجد من يجيره ويكون له معينا له لكي يبلغ رسالة الحق بعد أن اقتصر عدد من امنوا في مكة طيلة الاثني عشرة سنة على بضع عشرات من الرجال والنساء وباتت الدعوة شبه متوقفة تماما بفعل إجراءات القمع والحصار ضد الرسول وأنصاره القلائل من قبل سادة قريش لكن رجاء رسول الهدى والرحمة خاب ووجد من الصد والقسوة من قبل سادة ثقيف ما لم يكن في الحسبان وسلطوا عليه العبيد وأراذل الخلق ليرمونه بالحجارة حتى دميت قدماه الشريفتان ليخرج حزينا من الطائف ومكسور الخاطر حينها توجه باكيا إلى ملك الملوك وأكرم الأكرمين بهذا الدعاء الجميل “إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس..اللهم أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى قريب ملكته أمري لكن عافيتك هي أوسع لي..أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلُح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن يحل بي غضبك أو أن ينزل عليً سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك”
كان هذا اللجوء الجميل إلى ارحم الراحمين سبيلا إلى التكريم الرباني لرسوله الخاتم وباستقباله فوق سبع سماوات من قبل جبار السموات والأرض في تكريم لم يحظ به نبي قبله ووصوله إلى مكان مقدس لم ولن يصل إليه بشر أو ملائكة من خلال هذه المعجزة التي ستبقى واحدة من المعجزات التي اختص بها الله رسوله الخاتم عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام دونا عن سائر خلقه جميعا.
معجزة الاسراء والمعراج كانت مقدمة لانتهاء معاناة الرسول والمسلمين في مكة وانتشار الإسلام إلى أرجاء المعمورة وما هي إلا أشهر على حدوث هذه المعجزة وجاءت الهجرة النبوية الشريفة إلى المدينة المنورة لتنطلق منها أعظم مسيرة عرفتها البشرية جمعاء.
ما احوجنا اليوم ونحن في ظل هذا العدوان الكوني والحصار العالمي غير المسبوق أن نلجأ إلى الخالق العظيم ونناجيه في خلواتنا بما ناجاه به الرسول المصطفى عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأزكى التسليم.