معادلة الردع تحرف البوصلة
ابوبكر عبدالله
في موازاة التغيير الذي أحدثته انتصارات الجيش واللجان الشعبية في المعادلة العسكرية بالجبهات الداخلية وجبهات ما وراء الحدود فإن مؤشرات عدة تؤكد أنها نجحت أيضا في حرف بوصلة الترتيبات السياسية والعسكرية الدولية ولا سيما التي شرع فيها قطبا العدوان (السعودية والإمارات) مع الإدارة الأمريكية لدعم مخططها احتلال ميناء الحديدة.
وبدءا من الجبهة الساحلية التي تكبد فيها تحالف العدوان السعودي والمرتزقة في الأيام القليلة الماضية حصيلة خسائر ثقيلة مرورا بجبهات مأرب والجوف وصولا إلى جبهات الشريط الحدودي وما وراء الحدود بدت كل عمليات الجيش الهجومية والدفاعية حققت أهدافها في ردع كتائب العدوان والمرتزقة واستنزاف آلتهم العسكرية بل وتجاوز ذلك إلى التقدم في دك التحصينات الأمامية والتصدي للهجمات والزحوف المتتالية ونصب الكمائن ودكت مناطق التمركز بما فيها التعزيزات التي منيت بضربات مميتة قبل دخولها مسرح العمليات الميدانية كما حصل في جبهتي المخا ومأرب والجوف.
أكثر من ذلك أن حصيلة الانجازات النوعية للجيش واللجان في هذه الفترة القياسية لم تقف عند حدود المسرح العملاني الميداني، بل تجاوزته إلى معطى جديد في بوصلة الترتيبات السياسية والعسكرية الدولية التي شرعت فيها عواصم العدوان مع الإدارة الأمريكية وخصوصا في مشروعها الحصول على دعم عسكري امريكي كامل لدعم مخططها احتلال مدينة الحديدة ومينائها الرئيسي، وهي الترتيبات التي كشفت التصريحات الأمريكية الأخيرة أنها أخفقت في إقناع واشنطن بالتورط أكثر في مستنع العدوان على اليمن.
ورغم المحاولات المحمومة لتحالف العدوان السعودي في الأيام الماضية تصعيد وتيرة عدوانها سواء في الجبهات الساحلية الغربية والجبهات الجنوبية ( تعز ـ لحج ـ الضالع ) أو الجبهات الوسطى (مأرب الجوف ـ نهم) أو على مستوى الجبهات الحدودية وجبهات ما وراء (ميدي ـ عسير ـ جيزان ـ نجران) في حضور مباشر لقيادات كبيرة من تحالف العدوان في الجبهات، إلا أن نجاح الجيش واللجان الشعبية في سحق هذا المشروع بل وحشر تحالف العدوان السعودي والمرتزقة في زاوية حرجة للغاية.
بدا ذلك واضحا في التصريحات المعلنة لوزير الدفاع الأمريكي أثناء وبعيد زيارته الرياض والتي أشارت كلها إلى عدم رغبة واشنطن التدخل بشكل مباشر في الحرب العدوانية التي تعهدها وكلاء واشنطن (الرياض وأبو ظبي) وخصوصا في مخططهما احتلال ميناء الحديدة، كما كشفت عن وجود عقبات أخرى في طريق مشروع الرياض وابو ظبي توسيع مستوى الدعم الأميركي لتحالف العدوان خلال المرحلة القادمة.
بدا ذلك واضحا في التصريحات التي أطلقها وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس غداة زيارة رسمية أولى له إلى السعودية والتي أعلن فيها بوضوح دعم واشنطن خيار الحل السياسي برعاية أممية مقابل التوغل أكثر في خيار الحل العسكري.
التصريحات الأمريكية كلها حملت حتى الآن مؤشرات على عدم مجازفة الإدارة الأمريكية بالتورط أكثر في مستنقع العدوان السعودي الإماراتي على اليمن في المرحلة الراهنة على الأقل، خصوصا مع إخفاق التحالف السعودي في حسم الحرب خلال عامين من العدوان
صحيح أن تصريحات ما تيس ومسؤولين آخرين في إدارة ترامب استندت إلى حسابات الإدارة الأمريكية السابقة وصحيح أنها تعاطت بحذر مع الخلاف الحاصل في أروقة القرار الأمريكية التي تتجاذب طروحات تيار الصقور المؤيد لدعم امريكي مباشر لتحالف العدوان السعودي وتيار الحمائم المؤيد لتدخل محدود بالمستوى الذي كان عليه في إدارة باراك اوباما، لكنها واقعا لم تغفل حقائق المسرح العملاني في الداخل اليمني الذي وجه في الأيام الماضية رسائل شديدة الوضوح بامتلاك اليمن رغم كل ما أحدثته تداعيات عامين من العدوان إمكانيات ردع ومقاومة أي مستجدات والاحتفاظ بأوراق التصعيد والردع في مختلف الظروف بما في ذلك قدرات الردع الباليستي التي لم تعد بعيدة عن الرياض وما بعد الرياض.