الناشطون الحقوقيون ببلادنا.. ” في النائبات قليلُ”
صولان صالح الصولاني
ما أكثر الناشطين الحقوقيين والناشطات، حين تعدّهم في بلادنا قبل أن يتعرض يمننا الحبيب أرضاً وإنساناً في الـ 26 من مارس 2015م لعدوان خارجي من قبل تحالف قوى الشر السعو صهيو امريكي الذي تقوده جارة السوء، والذين ظلوا يتكاثرون منذ ما قبل أحداث الربيع “العبري” التي شهدتها بلادنا في العام 2011م كالجراد يوماً بعد يوم، إلى أن تجاوزت أعدادهم الآلاف في مطلع العام 2015م .. وكم كان حضورهم لافتاً وصوتهم مدوياً- أيضاً- خلال تلك الفترة الزمنية المذكورة سلفاً، وما أكثرها الأنشطة والفعاليات والوقفات الاحتجاجية ” التحريضية” التي كانوا يقيمونها يومياً هنا وهناك على امتداد مساحة ورقعة الأرض اليمنية، سواء باسم الدفاع عن الحقوق أو الحريات أو ما شابه ذلك من العناوين والمسميات الأخرى، أما ذلك الاهتمام الإعلامي الكبير والواسع النطاق الذي كانوا يحظون به من قبل قنوات العربية والجزيرة عبر مختلف شاشاتها الإخبارية القديمة والمستحدثة خصيصاً – آنذاك – لتغطية تحركاتهم النشطة وفعالياتهم الكثيرة والمتعدّدة، فحدِّث ولاحرج ، قد لا أكون مبالغاً إن قلت بأنهم عبر تلك القنوات ” الفتنوية” كانوا يقيمون الدنيا ولا يقعدوها لأبسط الأمور وأتفه الأسباب في ما يخص القضايا المتعلقة بالحقوق والحريات التي بعضها لا ترقى إلى حدّ وصمها بالانتهاك والبعض الآخر منها ربمّا تكون أقل انتهاكاً واستفزازاً لمشاعر الإنسانية والآدمية.. باختصار شديد لقد أذووا مسامعنا – حينذاك- وهم يتشدقون، ليل نهار، عبر مختلف وسائل الإعلام المحلي والعربي بدفاعهم المستميت عمّا يدّعونه الحقوق المسلوبة والحريات المنتهكة في اليمن سواء ما يتعلق منها بالأفراد أو الجماعات.
لكن أولئك الناشطين والناشطات- وأعوذ بالله من لكن – بمجرد إعلان بدء العدوان السعو صهيو امريكي الظالم والغاشم على بلادنا في الـ 26من مارس 2015م ” شلّوهم الجن”، أجارني الله وإياكم أعزائي القرّاء، فعلى مدى العامين الماضيين من عمر هذا العدوان “اللّعين” الذي يتعرض له وطننا وشعبنا اليمني، لم نعد نسمع لهم صوتاً لاغياً ولم نر لهم حضوراً إنسانياً أو نشاطاً حقوقياً يذكر، إلاّ ما ندر، والنادر هنا لا حكم له، مقارنة بالأعداد المهوّلة من الانتهاكات وجرائم الحرب الفظيعة والمجازر الدموية البشعة التي يتعرض لها يومياً شعبنا اليمني نساءً وأطفالا وشيوخاً ومدنيين عزّل من قبل آلة الحرب والدمار الجوية والبحرية والبرية لقوى تحالف الشر السعوصهيوامريكي، والتي تستنفر حتى الأموات في قبورهم، فما بالك بناشطين حقوقيين أحياء، تفرض عليهم أبجديات وأخلاقيات المهنة التي ينتمون إليها أن يكون دورهم الحقوقي والإنساني والأخلاقي – أيضاً – حاضراً وبقوة في بلادنا على مدى العامين الماضيين من عمر العدوان، أكثر من أي وقت مضى، هذا إن كان لهم دور أصلاً في هذه المهنة الأخلاقية والإنسانية البحتة.
* أما إذا ما افترضنا أن أولئك الناشطين الحقوقيين ليسوا في ضيافة “جنّ سلمان الرجيم” ولا جنّ أمَّ الصبيان وعيالها، وإنما لا يزالون يعيشون بين ظهرانينا، فلماذا إذاً لم تثر مشاعرهم وأحاسيسهم أي من تلك الجثث المتفحمة والأجساد المتقطعة أوصالاً لآلاف النساء والأطفال والشيوخ من أبناء جلدتهم الأبرياء الذين تطايرت اشلاؤهم وسط أكوام منازلهم المدمَّرة بصواريخ الحقد والقنابل المحرمة دولياً، التي لا تكل ولا تمل طائرات تحالف قرن الشيطان والأمريكان والصهاينة عن حصد أرواح اليمنيين الأبرياء يومياً على مدى عامين مضيا دونما أدنى رحمة؟.. ولماذا لم يستفز مشاعرهم حجم الخراب والدمار الهائل الذي طال كل شيء في يمن الإيمان والحكمة؟.
* وحينما أنتقد هنا دور الناشطين الحقوقيين الغائب لا أقصد بذلك – البتّة -أن الشعراء والأدباء والمثقفين اليمنيين – الكثر – أيضاً في بلادنا كان لهم دور أو حضور وطني يذكر، بل على العكس من ذلك، مثلهم مثل الناشطين الحقوقيين، والذين أثبت العامان الماضيان من عمر العدوان والحصار، أنهم جميعاً كغثاء السيل، إلاّ من رحم ربي .. ولكن لك الله يا شعبنا.