عادل بشر
قبل نحو عشر سنوات وضع احد المواطنين مبلغا ماليا في جيبه واستقل الباص ذاهبا إلى عمله ولكنه حين غادره لم يجد الفلوس في جيبه لأن الفتى الذي كان يجلس بجواره تمكن من إدخال يده إلى جيب الرجل وسرقة النقود.
هكذا كانت بداية انخراط “امجد” في عالم الجريمة وامتهانه للسرقة برضى وموافقة وتشجيع من والده الذي حصد في آخر الأمر ما زرعه في نجله وكاد أن يدفع حياته ثمنا لذلك.
وعود على بدء , فبعد أن تمكن امجد “14” عاما من سرقة نقود الرجل على متن الباص لم يتصرف في هذا المبلغ لصالحه الشخصي بل رجع الى البيت سعيدا وقدم لوالده الفلوس قائلا انه وجدها ملقاة على الشارع.
اخذ الأب النقود وهو شبه متأكد من أن ابنه قد سرقها ومع ذلك لم يحاول مساءلته والتحقيق في الأمر بل أعطى الابن جزءا منها واخذ الباقي.
تكرر الأمر مرة أخرى وعاد الابن بالمال إلى والده ولكن الأب وبعد بضعة أسئلة جعل ابنه يعترف بجريمته وقلبه يرتجف من العقاب غير أن والده لم يعاقبه واكتفى بتحذيره بأن يحرص على آلا ينكشف أمره.
اعتبر امجد كلام والده بمثابة التشجيع على مواصلة السرقة مقابل ان يتم اقتسام المحصول بينهما.
دارت الأيام ومضت السنون وامجد يمارس السرقة لدرجة انه ترك دراسته وتفرغ لـ”النشل”.. ومع الأيام أراد امجد تطوير عمله والانتقال إلى السرقات الكبرى فشكل لذلك عصابة من أربعة أشخاص هو خامسهم ومارسوا سرقات كثيرة لمحال تجارية وسطوا على شقق سكنية.
كان الأب يعمل نهارا حارسا في مخزن يتبع احد التجار الكبار وفي المساء يستلم الحراسة شخص آخر, ففاتحه ابنه في سرقة هذا المتجر غير أن الأب رفض وأمر ابنه بالغاء الفكرة من رأسه تماما خوفا عليه من بطش أصحاب المخزن إن انكشف أمره.
لم يلتزم امجد بكلام والده وخطط للأمر مع شركائه وعندما انتصف الليل وفي وقت كانت الكهرباء منطفئة والحي يغط في الظلام هجمت العصابة على هذا المخزن وأوكل لأحدهم مهمة التصرف مع الحارس وإسكاته بأي طريقة كانت فانهال عليه ضربا حتى اغمي عليه وقاموا بتحميل محتويات المخزن على متن سيارتهم ” الدينة” وقبل أن يلوذوا بالفرار أراد امجد أن يعرف مدى إصابة الحارس وهل مازال على قيد الحياة أم لا ؟ ففوجئ أن الحارس المغمى عليه لم يكن سوى والده لأن الحارس الآخر انشغل ذلك اليوم بزفاف ابنته وطلب من والد امجد ان يحل محله في ذلك المساء.
لم يصدق امجد عينيه واعتقد ان والده قد فارق الحياة فأمسك بشريكه الذي اعتدى على والده واشتبك معه ثم ارتفعت أصوات العصابة لتصل إلى مسامع الأهالي الذين خرج بعضهم لاستطلاع ما يحدث ,غير أن جميع العصابة لأذوا بالفرار تاركين المسروقات ,فيما ظل امجد ينوح فوق جسد والده , فتم القبض عليه وإسعاف والده إلى المشفى وبعد التحقيق معه اعترف الابن اللص بكل سرقاته التي تمت بعلم وموافقة والده الذي كاد ان يفقد حياته على أيدي عصابة ابنه, فكان مصير الجميع السجن بما فيهم والد امجد.