2016 .. اضطرابات سياسية واقتصادية في المنطقة

الثورة نت/ متابعات

شهدت المنطقة العربية العديد من التطورات على الصعيد السياسي والعسكري والاقتصادي في عام 2016، فبينما تصدرت انتصارات الجيوش العربية في سوريا والعراق على الجماعات المسلحة والمتطرفة المشهد، كان لتلك التطورات انعكاسات على أغلب قضايا المنطقة، والتي ظهرت فيها انفراجات سياسية كما حدث في لبنان، في حين وقعت دول أخرى مثل ليبيا في فخ الجمود السياسي على واقع تجاذبات سياسية بين الحكومات المتصارعة، وسباقات عسكرية لحسم المشهد على الأرض.

عام انتصارات الجيش السوري
بدا واضحًا من الوهلة الأولى في هذا العام، أن سوريا ستشهد تطورات عدة على الصعيد العسكري ضد الجماعات المسلحة المنتشرة في البلاد، وهو ما تعزز بدخولل روسيا كلاعب دولي قوي في الملف السوري مدعمًا الرئيس السوري بشار الأسد، بالتزامن مع أبعاد أمريكا والخليج عن المشهد، وتراجع تركيا عن المطالبة برحيل الأسد، حيث انتقلت إلى المحور الروسي الإيراني متفقة على محاربة الإرهاب، والتخلي عن مطلب إسقاط «بشار».
وحظى الجيش السوري بعدد من الانتصارات الكبيرة على المسلحين وتوجت انتصاراته في 2016 باستعادة مدينة حلب كاملة، حسب بيان للجيش السوري الأسبوعع الماضي، بعد معارك عنيفة مع الفصائل المسلحة والجماعات الإرهابية، بعدما كانت المدينة منقسمة طوال 4 سنوات بين القوات الحكومية في الغرب والمعارضة في الشرق.

وقال بشار الأسد: إن استعادة الجيش السيطرة الكاملة على مدينة حلب يعتبر «انتصارًا للحلفاء الروس والإيرانيين»، موضحًا أن استعادة حلب «خطوة أساسية في طريق القضاء على الإرهاب في كامل أنحاء سوريا، وتوفير الظروف الملائمة لإيجاد حل ينهي الحرب».
عام الجمود السياسي الليبي
يمر عام ويأتي الآخر وتظل الأوضاع الليبية متجمدة لا ترى انفراجات على الصعيد السياسي، وكلما انطلقت آمال بصعود الحل السياسي إلى الواجهة كما شهدتها فيي بداية هذا العام، عادت في آخر شهوره بخيبة أمل تركت البلاد في طريق مجهول، فمع بداية 2016 بدأت الأطراف السياسية في تنفيذ «اتفاق الصخيرات» السياسي المدعوم من الأمم المتحدة، ورأت حكومة الوفاق الوطني النور بعدما وصلت إلى طرابلس متسللة بحرًا في الثلاثين من مارس، لكنها لم تحقق شيئًا ذا دلالة، وبدلًا من أن يكون الاتفاق سبيلًا للحل أصبح عائقًا له، حيث فشلت جميع الجهود السياسية المنصبة لحل الأزمة.
وتأتي التحركات الأممية الساعية لحل الأزمة بقيادة مارتن كوبلر، مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، في صدارة الجهود الفاشلة، لاسيما بعد انتهاء المدة القانونيةة لحكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، التي لم تنل الثقة من مجلس النواب حتى الآن، في الوقت ذاته لم تسفر اجتماعات عديدة إقليمية ودولية شهدتها عواصم بلدان عربية وأووربية، في إحداث اختراق يذكر في هذه الأزمة، بينما بقي السراج في موقعه باعتراف دولي واسع، لكنه لم يحز الاعتراف الليبي المحلي، وهو أمر قلل من شرعيته.
وما زاد من تعمق الأزمة عندما صعدت حكومة الإنقاذ بقيادة رئيسها خليفة الغويل في طرابلس إلى الواجهة، مستعيدة سلطة تعتقد أنه من حقها والسيطرة علىى مقرات الحكومة في طرابلس مدعومة بمليشيات مسلحة تعرف في السابق باسم فجر ليبيا، التي يدعمها إخوان ليبيا الأمر الذي أثر بشكل سلبي على سمعة حكومة الوفاق، التي ظهرت ضعيفة ولم تحافظ هيبتها في العاصمة، مما جعل الليبيين يشعرون بخيبة أمل أكبر مما مضى.

فبعد أن كان الصراع يتركز بين حكومتين متصارعتين على الشرعية، بات الوضع ينذر بنزاع على الشرعية بين ثلاث حكومات، كل واحدة تدعي أحقيتها في قيادة البلاد، فحكومة الشرق الموازية برئاسة عبد الله الثني، ترفض الاعتراف بحكومة السراج، ومن ثم بسطت نفوذها على المنشآت النفطية، حيث يشكل النفط شريان الحياة الوحيد لليبيين، كما أن لديها جيشًا قويًّا يقوده المشير خليفة حفتر، الذي يتحرك دوليًّا لكسب الدعم لجهوده في محاربة الإرهاب.
وعلى ذكر الإرهاب، يبدو أن الجميع يتسابق لإثبات الشرعية في هذا المضمار، فبينما حقق الجيش الليبي بقيادة حفتر انتصارات عدة على داعش في درنة وبنغازيي وسيطر على مناطق الهلال النفطي، كان طرد تنظيم «داعش» من مدينة سرت هو النجاح العسكري والأمني الوحيد الذي حققته حكومة السراج، لكنه نجاح منقوص بسبب أن ما حققه هو ميليشيات تشكلت أساسًا من مقاتلي مصراته وميلشيات مسلحة كانت تحارب في فجر ليبيا، ولم تتول تحقيقه قوات الجيش، كما أنه جاء بدعم جوهري من الخارج، خاصة امريكا التي دعمت قوات الوفاق بـ500 غارة في ثمانية أشهر من القتال، أسفرت عن خسائر بشرية كبيرة بلغت 700 ضحية و2500 جريح.
وفي تلك الفترة يبقى المستقبل مجهولًا مع إبداء أوساط عدة رغبتها في الوصول إلى حل سياسي يجمع جميع الأطراف، لكن يؤكد المراقبون أن الخيارات أصبحتت محدودة في التعاطي مع الوضع، فإما أن تبقى حكومة الوفاق مستمرة في أداء مهامها، دون المطالبة بالتمديد بمقتضى الاتفاق، وهو ما يرفضه الشرق الليبي وحكومته؛ وإما أن يتم اللجوء لطلب التمديد، لكن ذلك لن يحظى بثقة البرلمان، أما الخيار الثالث فيتمثل في الجلوس إلى طاولة الحوار من جديد، بهدف إدخال تعديلات على الاتفاق وفقًا لما يطالب به البرلمان والحكومة المؤقتة في الشرق، وهو ما قد تلوح بوادره في الأفق خاصة بعد انتصارات الشرق العسكرية والانعطافات الدولية نحوها، التي تمثلت في ترحيب مارتن كوبلر والولايات المتحدة بانتصارات حفتر.
العراق.. عام الاضطرابات الاقتصادية والانتصارات العسكرية
شهد العراق العديد من التقلبات في المشهد السياسي والعسكري والاقتصادية خلال عام 2016، لكن السمة البارزة لهذا العام على الصعيد على خلاف الأعوامم الماضية استمرار التقشف الحكومي وتقليص الإنفاق العام بمعدل كبير؛ بسبب تدني إيرادات الدولة من بيع النفط، فلعل أبرز هذه التقلبات ما يرتبط بسعر صرف الدينار العراقي أمام الدولار، فقد تعمق الفارق بين سعر الصرف الحكومي للدينار والسعر الموازي في السوق السوداء حتى بلغ معدلًا قياسيا.
وبجانب التفجيرات الإرهابية التي كان أعنفها تفجير الكرادة الذي أسفر عن مقتل أكثر من 300 شخص، بقى العراق يعاني غياب الخدمات في ظل التقشف التيي تطالب بها الحكومة الشعب؛ من أجل دعم القوات المشتركة والحشد الشعبي الذين يحاربون تنظيم «داعش» وسط هبوط في سعر برميل النفط، الذي يشكل المورد الوحيد تقريبًا لهذا البلد، الذي يتمتع برقعة زراعية كبيرة ونهرين وأيدٍ عاملة.
وتمثلت الجوانب الإيجابية في تحرير العديد من المناطق في المحافظات واسترجاعها من يد تنظيم «داعش» أبرزها محافظة الأنبار ومحافظة صلاح الدين، وبدء العملياتت في الموصل.
ففي 28 يناير أعلنت قيادة العمليات المشتركة في العراق تحرير مدينة الرمادي من سيطرة تنظيم «داعش»، وأن قواتها رفعت العلم العراقي فوق مباني المجمعع الحكومي وسط الرمادي، كما انطلقت في شهر أكتوبر عمليات تحرير مدينة الموصل من تنظيم «داعش»، وتعهد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بأن «يكون عام 2016 عام الخلاص من الإرهاب ومن التنظيم الإرهابي»، ومن المحطات المهمة التي شهدتها العراق في عام 2016 هو إقرار مجلس النواب العراقي في 26 نوفمبر قانون «هيئة الحشد الشعبي» ليكون تحت السلطة التنفيذية للدولة العراقية.
لبنان وعام الانفراجات السياسية
حمل عام 2016 العديد من الانفراجات السياسية للوضع في لبنان، كان أبرزها انتخاب الرئيس الـ13 للجمهورية اللبنانية بعد 46 جلسة، بينها 12 جلسة دعي إليها فيي هذا العام، ومن أبرز ما حملته تلك السنة هو استمرار الحوار الثنائي بين حزب الله وكتلة المستقبل، الذي انتهى بدخول الطرفين في حكومة واحدة برئاسة رئيس الوزراء سعد الحريري.
وشهد هذا العام شهد العديد من الاشتباكات الإقليمية بين السعودية وإيران على خلفية إعدام الشيخ نمر النمر، الذي كانت له انعكاسات على الساحة اللبنانية، إلَّاا أن تغلب اللبنانيين أنفسهم على هذه التجاذبات الإقليمية أدى إلى استئناف الحوار الثنائي وانتخاب رئيس وتشكيل حكومة لبنانية.
كما حصلت في مقدمة التطورات اللبنانية عام 2016 خطوة مهمة أعادت المصالحة المسيحية بين الطرفين المتخاصمين، القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، إلىى الواجهة في خطوة خلطت الأوراق الرئاسية، عندما أقدم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على ترشيح رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون إلى الرئاسة قاطعًا الطريق على فرنجية.
وعلى الصعيد الأمني هزت البلاد العديد من التفجيرات، كان أبرزها أربعة تفجيرات انتحارية متتالية في بلدة القاع في يونيو، أسفرت عن مقتل 5 ضحايا وعدد منن الجرحى.

قد يعجبك ايضا