استفهاميات مغادرة “الدُّونـيّـة” ..!
عبدالله الصعفاني
كن في أي مكان على خارطة الصراع والمواجهات وحتى العدوان ولكن.. قل لي بالله عليك حتى اطمئن إلى قواك العقلية أو اذهب لغسل يدي منك ومني بالماء والصابون .. هل يغيظك بأي صورة أن يصل اليمنيون إلى فضاء التحرر من الوصاية واختطاف القرار ؟
هل داخلك إحساس بالسعادة والفخر لأنك ترى اليمني بسقط العتاد وشحة المتاع يقتحم ما هو أسطوري من السلاح المهيب ويحوله إلى مجرد كتل حديدية قابلة للتصادم والانقلاب بل والهلاك على يد شجاع يصنع المعجزة من قطعة كرتون وولاعة في النزع الأخير من نقاط الغاز.
سؤال ثالث.. هل داخلك مثلي الإحساس بالذل والمهانة وأنت ترى جواز سفرك يتحول إلى بلوى بين يدي ضابط جوازات في سفرة تشعر في محطاتها بالمهانة فتسأل نفسك ما الذي يمنع من استعارة مفردة مكتوبة في جواز كندي حتى لا أقول أمريكي ،حيث الدول تنشغل بمن يحمل جواز سفرها في كل مكان قصي أو قريب على سطح الأرض ؟
أعرف أن من اليمنيين من لا يريد التعرض لمثل هذا السؤال إما وفاء لاستحقاقات الارتهان وردًا لجميل العيش في الفندق أو ضيقاً بسوء إدارة أمورنا في الداخل .. ولذلك سأسمح بتوجيه الأسئلة إلى نفسي بطريقة ممارسة التدريب الفردي بركل الكرة إلى الحائط واستقبالها منه .
حكايتنا مع الارتهان واختطاف القرار قديمة لا بأس من أن يسقطها أحدكم على أي طرف أو جهة وأي حقبة تاريخية حتى أن ما بعد ثورات الربيع شهد فجاجة أن يختار أحد السفراء في صنعاء أسماء لتولي حقائب وزارية بالإيعاز إلى تاجر من أصول يمنية حضرمية يتولى فرضها ويتبناها رئيس حكومة يتحوّل فيها هو الآخر إلى مجرد ” شاقي مرتهن ” بدرجة دولة رئيس الوزراء .
بذات المرتكز العقلي الرافض للقفز البهلواني على ظواهر الارتهان ما الذي يمنع المسؤولين في حكومة بن حبتور من تلبس روح المقاتل بحماسة المتوجّه إلى حفلة .. وهذه المرة عن طريق إنكار الذات الطامعة والولاء بعد الله للناس الذين صبروا على مرارة العلقم وبذلوا الدم تفاعلاً مع الإحساس بأهمية دفع فاتورة الانعتاق، ليس من السين أو من الشين وإنما من الدونية المفروضة بأجندة أوغاد في ألف صورة وألف لبوس .
ويا زميلي الأثير مروان الخالد .. ها أنا أشير إلى لحظات أجبرتك على قرار الهجرة وأنت تسمع ضابط جوازات السفر يقول لك في مطار خليجي .. عفوًا ستقضي 12 ساعة في قاعة الترانزيت لأنه لا يسمح لحامل جواز السفر الصومالي أو اليمني بالدخول إلى المدينة حتى لو دفعت عشرين ألف دولار من باب الضمانة .
وأما وقد أشرت أعلاه إلى حكومة بن حبتور فلم يعد يهمني مناقشة الضرورة أو الجدوى أو التضخم ومبرراته وإنما القول .. على الوزراء الاثنين والأربعين ومن يرأسهم أن يقدموا صورة مختلفة لما ألفناه .. صورة يترفعون بها عن المكاسب الشخصية احترامًا لمعاناة الناس وأوجاعهم وحالة العدوان والاحتراب وجفاف ضرع ما كنا نسميه الدولة الحلوب.
المذابي .. نجومية استقصائية
استقر مؤتمر شبكة أريج للصحافة الاستقصائية على إعلان أحقية زميلنا المبدع عبدالولي المذابي بجائزة أفضل تحقيق استقصائي عربي تحت عنوان ” أموات بلا قبور “.
الجائزة تكتسب أهميتها من الشروط الموضوعية الصارمة التي تحيط بالتحقيقات الاستقصائية المتسابقة .. وفوز المذابي بهذه الجائزة يذكر بحاجتنا الإعلامية إلى تغيير مرتكزات أدائنا الصحفي والإعلامي بحيث تحترم القارئ وتجذب المعلن وتحقق درجة من الثقة عن طريق الالتزام بالقواعد المهنية والأخلاقية للصحافة على قاعدة استقصاء الحقيقة بالمعلومة.
تحية للمذابي وهو يرسم نقطة ضوء يمنية في سماء عربية تعاني من أزمة الزواج بين الإعلام والإعلان وبين النزاهة والارتهان لمن يدفع ودائمًا .. كبير أيها اليمني في المسافة الممتدة من القلم وحتى الرصاصة .
استفهاميات مغادرة / ياسر شرف / ج 11