أحمد طالب الطب.. بعض من ذخيرة اليمن !

عبد الحميد الغرباني
عرفته في جنيف هادئا بعد أن قدم ورفاقه من ألمانيا للالتقاء بالوفد الوطني، كان قليل الكلام فيما هم الوطن كان يطل على محياه ولقد فجعت حين جاء خبر استشهاده ! فلم أكن أعلم انه قد ترك دراسة الطب في ألمانيا وعاد لحمل بندقية الجهاد المقدس في هذا الزمن العصيب …
يتحدث الشاب أحمد في مقطع فيديو وثق لحظات من حياته في ميدان المعركة وملؤه خجل بعد أن سأل عن رسالته للسيد عبد الملك الحوثي قائد الثورة ومعركة التحرر الوطني وكان أحمد بخجله وتلعثمه يشير إلى تقصير البعض وقد وهب الله اليمن مثل هذا القائد العظيم والحريص على حفظ كرامة الشعب اليمني واستعادة دوره بين الامم والشعوب …
ما الذي حرض أحمد وهو في مقتبل عمره على ترك دراسة الطب والمستقبل الموعود وسقف الطموح العالي ؟ ليس ثمة شيء غير أن دماء الحرية والكرامة غلت في جسده حتى وصلت الذروة تحرضه على فعل الجهاد والكفاح المسلح ضد الغزاة الجدد الذين هجموا على اليمن في لحظة ظلام عالمي ! غض الطرف عن القاتل الطائر وهو يقتنص اليمنيين في منازلهم ويذبحهم بسلاح الجو على قارعة الطرقات وفي الأسواق الشعبية وفي قاعات العزاء والفرح وفي مقرات أعمالهم المختلفة ..
عاد أحمد من قاعات دراسة الطب في ألمانيا
إلى ميادين ومعسكرات التدريب والتأهيل العسكري بعد أن حسم خياراته واختار مستقبلا مضمونا وأكثر أمنا، وسريعا ما ألتحق بصفوف المقاتلين وفضلت صوابعه زناد البندقية التي تدفع عن ملايين اليمنيين مصيرا قاتما يريد العدوان الانتهاء بهم إليه فعل أحمد ليس غريبا وطارئا على اليمن لكنه في زمن خيانة اليمن من أحزاب سياسية تحولت الى عكاكيز للغزاة الجدد فعل جليل ولافت ومثير يقدم للعالم نموذج اليمني المكابر الذي يأبى الضيم والتبعية للخارج ورهن وطنه ومقدراته للأجنبي ، وفي فعل الشهيد أحمد المؤيد درس آخر لعدد كبير من منتسبي المؤسسة العسكرية أو بشكل أدق لمن اختاروا زوايا منازلهم ولم يلتحقوا بركب رفاقهم المقاتلين في جبهات الدفاع عن اليمن ، درس بالغ يخبرهم أن اللحظات التاريخية الفارقة تحتاج إلى قرار شجاع ينحاز لليمن ورجال أبطال يقدسون كرامة اليمن لا يبيعونها ويرهقونها في البلاط الخليجي وللعقالات المذعنة للأمريكي والصهيوني ، فعل الشاب الفذ أحمد يخبر الجميع أن اليمني الحر سيطير من آخر العالم ويترك مدرجات الدراسة أي كانت ليشارك في إثبات أن اليمن لا تقبل الطائر الغريب وانه لا يمكن أن تنطلي على اليمنيين الأحرار حيلة أن يطل الاستعمار الجديد على اليمن برأس عربي ! وكيف يحدث ذلك وقد أسقط اليمنيون في ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المجيدة الاحتلال الناعم الذي اختطف قرار اليمن.
لله أنت يا أحمد فسيظل فعلك محرضا للأجيال ودرسا يدلهم على اتخاذ القرارات الشجاعة وعدم المراوحة بين ماذا ولو !
بلد ينجب مثل أحمد المؤيد حفيد عالم اليمن الكبير الحجة حمود بن عباس المؤيد لا يمكن أن ينهزم أو يستسلم مطلقا ..
استشهد أحمد المؤيد وهو يشارك في معركة اليمن المقدسة وفعله وإصراره على خوض المعركة يؤكد أن ذخيرة اليمن القوية وسلاحه العتيد هم بانوه الأحرار والشرفاء الذين هبوا ملء قلوبهم إيمانا وملء سواعدهم بأسا ، لبنائه عبر الثورة ثم الجهاد وهم على وعي وإدراك أن الحياة فرصة للخلود وأن ‏لا عيش إلا عيش الشهداء ولا فوز إلا فوزهم وبتضحياتهم تحاط الأوطان ويدفع العدوان ويعاد للإنسانية اعتبارها في هذا العصر ..
الخلود لشهداء اليمن والخلود للشهيد أحمد المؤيد، فقد أوفى بما قطعه على نفسه.
ومثله لا يرحل إلا شهيداً عزيزاً ..

قد يعجبك ايضا