شعر/ لطفي جعفر أمان
“لأول مرة بعد 129 من الاحتلال البريطاني البغيض يجلو آخر جندي بريطاني عن بلادي في 30 نوفمبر 1967م”.
على أرضنا.. بعد طول الكفاح
تجلَّى الصباح.. لأول مرةْ
وطار الفضاء طليقاً رحيباً
بأجنحة النور ينساب ثره
وقبَّلت الشمس سمر الجباه
وقد عقدوا النصر من بعد ثوره
وغنّى لنا مهرجان الزمان
بأعياد وحدتنا المستقرة
وأقبل يزهو ربيع الخلود
وموكب ثورتنا الضخم إثره
تزين إكليله ألف زهره
وينشر من دمنا الحر عطره
ويرسم فوق اللواء الخفوق
حروفاً تضيء .. لأول مره
بلادي حرة ..
***
تحرر شعبي .. ففي كل بيت
ترفُّ نجوم.. ويورق بدر
وفوق شواطئنا الراقصات
مع النور .. فاض من الخلد فجر
وضم مراعينا والحقول
جناح غمير العبير أغرُّ
وحتى الشّياه تكاد تطير
وتشدو بحرية .. لا تقرُّ
وحتى الصحاري كأن الربيع
حواها .. وزيّنها.. فهي خضر
فضائي حر .. وطيري حر
وقلبي حر .. وشعبي حر
أجل .. قد صحونا .. لأول مره
لنحيا الحياة .. لأول مره
بلادي حرة ..
تنفستُ .. أسحبُ كل دمي
كأني أشق من الصخر نهرا
كأني من قبلُ ما كنت شيئاً
ولا عشت عمراً .. ولا قلت شعرا
بلادي .. ضفائرها الألقات
توزع فوق المرابع فجرا
بأسنى الزنابق تنضح عطرا
وأطفالنا أغنيات تخفُّ
إلى غدها .. وهو يفترُّ بِشرا
لقد أنجب الدهر أعياده
بثورتنا .. فتنفستُ حرا
كأني أعيش لأول مرة
فتهتف روحي .. لأول مرة ..
بلادي حرة
***
لك المجد “ردفان” كم ثائر
قذفت به لهباً يهدر
يطير على صهوات المنايا
وينتزع النصر .. لا يُقهر
فأين القلاع* مدوّيةُ
تصول .. وتُردي .. وتستهتر؟
وأين العروش مفخمة ؟
وأين من الشعب مستعمر ؟
جحافله – بل شياطينه**
كما قيل – حمر – ألا فاسخروا
لقد هبّ ردفان في ثورة
يخلّدها عيدنا الأكبر
وينشرها فوق كل “الجنوب”
ضياء سخياً لأول مرة
بلادي حرة ..
———————————-
* القلاع يقصد بها الدبابات
**عندما انهزم الاستعمار أمام ضربات الثورة استنجد بأقوى جنوده : “الشياطين الحمر” فدحرهم الثوار في أيام معدودات.