فرز .. ألوان الوجوه

 

علي أحمد جاحز

العدوان على اليمن مثلما فرز المواقف الدولية وكشف حقيقة الامم المتحدة ومنظماتها و النظام العالمي واجنداته ومن يتحكم في قراره وكيف يتعاطى مع القضايا السياسية والاقتصادية والانسانية في العالم ، وماهي معايير ذلك التعاطي ، فإنه أيضا فرز المواقف الداخلية وكشف اقنعة كثيرة كانت تخبئ ثعابين و ذئابا وجبناء وعملاء وخونة ومرتزقة وووو الخ .
أولئك الذين فضحهم العدوان وعرتهم اسطورة الصمود وأسقطتهم تضحيات الوطنيين ، لا يمثلون في زخم جمهور الوطنيين من أبناء الشعب سوى شرذمة قليلة لا ترى في خانات النسبة المئوية ، وبرغم انهم كانوا ارقاما كبيرة في مضمار ما قبل العدوان ويلعبون في قلب مضمار العمل السياسي والاقتصادي والعسكري والانساني والاعلامي بفاعلية ، إلا أنهم منذ بداية العدوان تواروا وسقطوا وانكشفوا وصار الشعب يعرف ويفهم جيدا انهم كانوا يلعبون لصالح الخارج وينشطون في خدمته ليس أكثر.
عندما توجهت قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية الأصيلة الى الجنوب لتلاحق اوكار داعش والقاعدة وتسقط الأسطورة التي يحميها نظام هادي ومن ورائه امريكا والسعودية ، رأينا صراخا وعويلا من قبل البعض وتحذيرات من قبل البعض الاخر ورفضا وعدائية من قبل أخرين ، لكن حين جاءت طائرات العدوان تدمر وتقتل في الجنوب بلا أخلاق ولا حدود صمتوا واختبأوا ، وحين انسحب الجيش واللجان ودخلت قوات الاحتلال وأفرغ الجنوب من الجيش اليمني ومن الدولة برمتها احتفلوا واعتبروا ذلك انتصارا وبشروا باحتلال بقية اليمن ، وحين سلم الاحتلال الجنوب لداعش والقاعدة والاغتيالات والضياع سكتوا واختبأوا مجددا .
يصرخون حين تتصرف الأجهزة الأمنية وتقبض على خلايا خطيرة أو حتى مشتبه بهم ، فيما يصمتون ويختبئون حين تقصف الطائرات اسرا بكاملها واعراسا ومآتم بكاملها ، يتحدثون بكل بجاحة أن الثورة والقوى الثورية بإسقاط الوصاية وحكم العملاء والخونة وفرض الاستقلال تسببت في دمار اليمن وحصاره وسقوط الدولة والمؤسسات وقطع أرزاق الناس ، ولا يتحرجون حين يبررون تدخل الخارج بالحديد والنار وتدميره كل شيء لآجل يعيد وصايته ويحول دون استقلال اليمن ويصفون ذلك بانه تصرف صائب ويفترض التسليم له، في حين أن أي طفل يمني يمكن ان يسأل : من الذي دمر اليمن من أسقط الوصاية واراد فرض الاستقلال دون ان يمس اليمن ومصالح اليمنيين ، أم من مارس فعل التدمير بشكل مباشر بالنار والحديد والحصار والتجويع لكي يعيد الوصاية ويحول دون الاستقلال ؟
البعض يسمي نفسه داعية سلام وهو يصفق حين يحقق العدوان أي انجاز ، بينما يستاء ويمتعض حين يحقق الجيش واللجان الشعبية اي إنجاز ويعتبرها جرا لليمن الى المجهول ، والبعض يسمي نفسه مدافعا عن حقوق الانسان ويمارس العويل والنواح حين يتم القبض على متهم بالتخابر مع العدوان ، لكنه يرى أن القبض على طالب مسافر للدراسة في الخارج اختطافا من مطار سيئون أمرا لا يعنيه ولا يستحق العويل والنواح الذي يمارسه في صنعاء .
وهناك أنواع أخرى ممن كشفهم العدوان ، تجدهم ينشطون فقط في مواسم وينامون في مواسم أخرى ، مثلا وهم يستلمون رواتبهم من صنعاء لم يخطر ببالهم ان هناك حصارا وحربا ومؤامرات على الاقتصاد وعلى أرزاق الناس وان هناك رجالا يسهرون ويتعبون لكي يوفروا لهم الرواتب ويؤمنوه شهريا ، وحين نقل العدوان البنك المركزي الى عدن وعجز بنك عدن عن صرف الراتب الذي كانت صنعاء تصرفه لهم شهريا خرج شاهرا لسانه ” كشبشب ” مطالبا سلطات صنعاء أن تصرف لهم رواتبهم ويحملونها مسؤولية عجز من نقل البنك الى عدن عن ذلك .
وعلاوة على اولئك ، هناك من ينام الى الظهر ويخرج ليشتري القات واللحمة ، ويقبع المدكى ، ثم يتفرغ لانتقاد الجيش واللجان الشعبية ، لماذا لم يزحفوا على المنطقة الفلانية ولماذا فقط يكسرون الزحف الفلاني ولا يشعلون الجبهة الفلانية ، لماذا لا يحسمون الامر هنا وما الذي يمنعهم من التقدم هناك …. الخ ، أو يقفز بعيدا ليعتبر اي تحركات سياسية ودبلوماسية وأي مفاوضات مع العدوان تفريطا وخيانة .. وهلم جرا .
هذه الشرذمة المكشوفة ، تقف امام شعب كامل يسطر اسطورة الصمود والتصدي والصبر والمواجهة والبذل والتضحية ، لا يبحثون عن مصالح ولا ينتظرون شكرا ولا ذكرا ، إنهم اليمنيون الشرفاء والوطنيون والمناضلون وأصحاب المسؤولية التاريخية العظيمة أمام الله والأجيال القادمة .

قد يعجبك ايضا