حسن الوريث
الديمقراطية كلمة حق يراد بها باطل فهناك الكثير ممن يستغلون كلمة الديمقراطية لتحقيق أهدافهم ومراميهم رغم أنهم لا يؤمنون بها وليست في قاموسهم بل أنها في نظرهم رجس من عمل الشيطان وهم أول من يقمع الحريات سواء حرية الرأي والتعبير والقول أو حرية الصحافة والإعلام أو حرية التعددية أو أي نوع من أنواع الحريات بما فيها حرية تشكيل أحزاب سياسية أو منظمات مجتمع مدني وبالتأكيد أن هذا هو لسان حال الإخوان المسلمين الذين يشغلون الدنيا بأحاديثهم عن الحرية والديمقراطية وحين يتولون الأمور تجدهم أول من يستولي على كل ذلك ويسحقون كل تلك المصطلحات تحت الدبابات والمدرعات ويدخلونها السجون.
طبعا هناك أمثلة كثيرة سنبدأ الحديث عنها من تركيا التي يحكمها الأخوان المسلمين منذ فترة وعلى اعتبار ان الإخوان في تركيا يمثلون رأس الحربة للإخوان المسلمين في العالم حيث أن هذا النظام قضى على كل الحريات الإعلامية والصحفية للمعارضين وزج بالكثير من الصحفيين والإعلاميين في السجون وأغلق الصحف والقنوات بحجة مساندتها للانقلاب الذي حدث في البلاد مؤخرا والذي أعطى مبرر لأردوغان ونظامه بتسريح عشرات الآلاف من الموظفين وسجن الكثير من المواطنين والعسكريين والأمنيين والسياسيين وملاحقة آخرين وضرب بالديمقراطية والحريات عرض الحائط علماً بأنه صعد باسم الديمقراطية التركية ويحكم باسمها إلا انه تنكر لها وهذا هو ما نتحدث عنه ويؤكد ما نقصده ونرمي إليه.
المثل الثاني هم الأخوان المسلمين في اليمن الذين ما انفكوا يتحدثون عن الحريات والديمقراطية وكيف ان النظام السابق في اليمن كان يضيق عليهم بحسب كلامهم مع العلم أنهم كانوا يتمتعون بمجال واسع ومناخ كبير من الحرية والديمقراطية قلما يجدون مثيلاً له في أي مكان في العالم وعندما يتم استدعاء صحفي الى النيابة لأي سبب كانت تثور ثائرتهم ويشغلون العالم عن الحريات وقمعها والتضييق على الصحافة والإعلام وينعتون النظام بأنه ديكتاتور ومجرم إلى غير ذلك من أوصافهم التي كانوا يطلقونها عليه وعلى من يدافع عنه وحين بدأ أنصار الله احتجاجاتهم في العام 2014م كحق من حقوقهم في التعبير عن مطالبهم كان الأخوان هم أول من أطلق الدعوات لقمع هذه الاحتجاجات وإغلاق منابرهم الإعلامية والصحفية وغيرها وفعلا تمت العديد من المحاولات القمعية بل انه تم تحرض العناصر والتنظيمات الإرهابية عليهم وشجعوها على تنفيذ عمليات إرهابية في تجمعاتهم وفي تناقض رهيب ومخيف بين أقوالهم وأفعالهم والتي ظهرت أيضاً في ما يحدث في تركيا حيث لم نجد صوتاً واحداً منهم يقول للنظام التركي إن إغلاق الصحف ووسائل الإعلام والتضييق على الحريات عمل غير صحيح بل على العكس وجدناهم يشجعون تركيا على ما قامت وتقوم به.
كما ان هؤلاء الذين نراهم الآن يتشدقون بالديمقراطية وحرية التعبير والرأي وأن هناك انتهاك لها وتضييق على الحريات وإغلاق الصحف والمواقع وتكميم الأفواه في اليمن بحسب زعمهم يعرفون تمام المعرفة أن هذا يحدث لكل من يخون بلده ويؤيد العدوان ويساهم في قتل الشعب اليمني وأن موضوع حرية الرأي والديمقراطية والتعددية مرتبط بعدم خيانة البلاد وعدم تعارضه مع بيع الأوطان فهل أصبحت الحرية والديمقراطية لديكم مبرر لخيانة الأوطان ؟ وهل يمكن أن نتغاضى عن أولئك الخونة الذين يبيعون البلد ويسهمون في تدميره ونتركهم يقتلوننا بحجة حرية التعبير عن الرأي ؟ وهل يمكن أن تجدوا في أكبر وأقدم الديمقراطيات العالمية قانون يبرر الخيانة وتأييد أي عدوان خارجي على بلده تحت غطاء الديمقراطية وحرية التعبير ؟ وتركيا لديكم والتي يعيش الكثير منكم فيها اقرب مثال حيث رمت بكل تلك المصطلحات عرض الحائط بحجة مساندة الانقلاب .
مما لاشك فيه أنه يصعب على الإنسان التصديق بأن هناك من يبرر لخيانة بلده وتدميرها كما يصعب على الإنسان وصف من يبرر لمن يسيء لبلده ويهينها مهما كانت الأسباب والأصعب هو أن تجد أولئك الذين يبررون كل ذلك يتفاخرون وكل منهم يحاول أن يظهر الولاء أكثر من الأخر في سبيل الحصول على صك إقامة أو مبلغ مالي زهيد نظير كل تلك الخدمات والتي تأتي بحجة الدفاع عن شرعية وهمية وزائفة لا يؤمنون بها لكنهم يتكسبون منها ويعتبرونها جسر عبور لتحقيق مطامعهم وأهدافهم وفي الأخير نقول لكم هل تبريركم للخيانة انها من باب الديمقراطية التي لا تؤمنون بها إلا بما يحقق مصالحكم وهل تؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون بالبعض الأخر.