إلى “ترامب”..أنظر وفكر !!

عبدالحليم سيف

من الطبيعي جداً ان يثار النقاش الساخن حول فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب وفشل المرشح الديمقراطي هيلاري كلينتون بمنصب “الرئيس الأمريكي ” في انتخابات وصفت بأنها الأقوى..(جرت الثلاثاء الماضي ) وهو الموضوع الأبرز الذي طغى على ما عداه من أحداث في مختلف أرجاء المعمورة.
المتشائمون من مجيء الجمهوري ترامب إلى سدة الحكم في البيت الأبيض كثر وأسباب تشاؤمهم أكثر : من سمعة سياسة “الجمهوريين” الخشنة ؛ وتورطهم في تفجير الحروب ..وإشعال فتنة الطائفية ؛ كما في العراق عام 2003م تحت ذريعة كذبة سلاح الدمار الشامل؛ إبان قيادة الجمهوري بوش الابن ..وقبلها نفسه شن حرباً على افغانستان بعيد إحداث 11سبتمبر 2001م ، إلى دور إدارة بوش ذاتها في كبح دعوات ومطالب الإصلاحات السياسية في المنطقة ومحاربة الفساد ؛الأولى بتفجير ملف “عودة الأفغان العرب” مطلع التسعينيات.. والثانية بالحرب على “تنظيم القاعدة” بالتزامن مع مدخل الألفية الثالثة.. ناهيك عن إضرارها بحقوق الإنسان والحريات والديمقراطية ..إلى مواقف ترامب الغامضة تجاه السياسة الخارجية وعدائه للإسلام السياسي وانحيازه لإسرائيل ..إلى تدخل الإدارة الديمقراطية بقيادة الديمقراطي بارك أوباما في شؤون المنطقة ونظرتها السلبية نحو” ثورة الربيع العربي 2011م “..وقيامها بقيادة تحالف دولي للحرب على “داعش ” في سوريا والعراق منذ عام 2013م ؛ واذكاء الصراع في غير بلد باسم التسوية بين الأطراف المتناحرة على السلطة والثروة.
ويا لغزارة عوامل التشاؤم !! وإلى حد بعيد ؛ فالتشاؤم قد أصبح الواقع المقيم بعينه حتى إشعار آخر!!
غير أن هناك على الأقل سبباً يدعو البعض للتفاؤل بفوز ترامب المفاجئ ..لعله يأتي بجديد يصحح فيه صورة أمريكا المهزوزة لدى شعوب العالم ..لكن هذا التفاؤل مشوب بالحذر ..فسياسة أمريكا الخارجية قائمة على خدمة مصالحها الحيوية كتأمين مصادر النفط في الخليج وممرات الطاقة إلى الأسواق الغربية وحماية إسرائيل والأنظمة الصديقة لها ومنع روسيا من التسلل إلى منابع البترول.. وهي أه ++ م مبادئ سياسة أمريكا في “الشرق الأوسط “التي تلتزم بها الإدارات المتعاقبة على البيت الأبيض منذ مابعد الحرب العالمية الثانية..وأضيف لها( بعد احداث نيويورك وواشنطن2001 )محاربة ما تسميه بالإرهاب.. والملف النووي الإيراني.
..ومهما كانت رؤية هذا المراقب أو ذينك المحلل..نحو التطلع إلى تغيير في نظرة “الإدارة الأمريكية” تجاه القضايا العربية الراهنة والمتفجرة.. فما يحدث في المنطقة اليوم من حروب وصراعات تجد أصابع “أمريكا الرسمية ” موجودة تعمل على إذكائها وإمساك خيوطها وإدارتها دون حلها لخدمة مصالحها الاستراتيجية عملا بالقاعدة الذهبية لمؤسس الدبلوماسية الأمريكية الثعلب الشيخ هنري كينسنجر..وهذه مسألة لم تعد رجما بالغيب.
غير أنه من المبكر الحديث عن حدوث التغيير المنشود والإيجابي كما يريده العرب والعالم معهم لجهة الابتعاد عن المعايير المزدوجة في سياسة واشنطن حيال الشرق الأوسط المشتعل .
ومع ذلك دعونا نقرأ معا وبسرعة ..ما هو أت:
??هل تعرفون أن رؤساء أمريكا من جيمي كارتر وجورج بوش إلى بيل كلينتون مروراً بجورج دبليو بوش وصولاً إلى باراك حسين اوباما فشلوا في العقود المنصرمة في تحقيق الحلم الأمريكي المتمثل “بالشرق الأوسط الكبير”.أو “بالشرق الأوسط الجديد “..وكذا الهيمنة على العالم مع بداية الألفية الثالثة والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين ..وفرض القطبية الواحدة بعد نهاية الحرب الباردة.؟!
??وهل تعرفون أن أكبر التحديات الماثلة للإدارة الجديدة تكمن في روسيا بوتين.. والتنين الصيني.. والهند والبرازيل واليابان وألمانيا..وحتى” تنظيم الدولة” وسواها من المنظمات المتطرفة الطائفية والمذهبية والعرقية بمختلف مسمياتها؟!.
??وهل تعلمون إن سياسة أوباما الخارجية أخفقت في المنطقة بعد أن خسرت واشنطن أربعة من حلفائها الحكام العرب ؟!.
??وهل تدركون ان جل الشعارات التي يرفعها المرشحون للانتخابات الرئاسية الأمريكية بشان السياسية الخارجية والتعهدات التي يطلقها الرئيس الجديد في خطاب حفل تنصيبه لا تنفذ على الإطلاق ؟!
ولست -هنا – بحاجة لتذكير القارئ بأن يعود إلى ما قاله أوباما وقبله بوش وسبقهما كيلنتون بشأن تعهداتهم القاطعة والحاسمة لتحقيق السلام الشامل والعادل القائم على مقايضة “الأرض بالسلام ” بين العرب والفلسطينين من جهة والكيان الإسرائيلي-الصهيوني من جهة أخرى.؛ فلا سلام حدث ..ولا أرض عادت.. ولا دولة فلسيطينة قامت.!! هذا كمثال لا الحصر.
????ما المطلوب من العرب اليوم؟
ببساطة شديدة الخروج من شرنقة “ردة الفعل” إلى “الفعل”..والنظر بعين “العقل” لا “العاطفة”..وتحليل تطورات المشهد بأعصاب باردة.. وبهدوء من أجل الخروج برؤية واضحة المعالم لإنقاذ ما تبقى من ملامح أمل.
أما كيف؟
فذلك يحتاج إلى تناولة أخرى إن شاء الله .

قد يعجبك ايضا