من يخترق القانون الدولي من يدعم الإرهاب أم من يحاربه ؟
حسن الوريث
ثارت ثائرة أمريكا ومن يقف في معسكرها أو ما يسمى التحالف الدولي العالمي لمحاربة الإرهاب بسبب قيام الطائرات الروسية بضرب مواقع لداعش والقاعدة في سوريا ومازالت هذه الدول تعتبر محاربة سوريا وروسيا وبعض الدول بشكل منفرد كما تقول اختراقاً للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي المتعلق بمحاربة الإرهاب وبالتأكيد فإن التدخل الروسي على الخط لمحاربة القاعدة وداعش كشف مهزلة هذه الدول التي تدعي محاربة الإرهاب كذباً كما فضح إدعاءات تلك الدول وإستراتيجيتها الهشة التي لم تحقق أي إنجاز يذكر في العراق وسوريا وليبيا وكل الدول التي تتواجد فيها تلك التنظيمات الإرهابية .
مما لا شك فيه أن تلك التنظيمات الإرهابية نمت وترعرت في كنف تلك الدول التي تدعي محاربة الإرهاب وشكلت تحالفاً دولياً لمحاربة الإرهاب وهي من زاد من قوتها وصعودها بالدعم المادي والمعنوي والإعلامي والسياسي وكافة أشكال الدعم العلني والخفي فكل ما زادت تلك الدول من لهجة خطابها الإعلامي على داعش والقاعدة كلما توسعت في العراق وسوريا واليمن وكل الدول التي تتواجد فيها وزادت جرائمها بشاعة كما زادت من تحديها للجميع وهذا ما يؤكد أن التحالف العالمي الذي يقول انه يحارب تلك التنظيمات الإرهابية غير جاد بل وغير صادق البتة في هذه الحرب فلو كانت هناك جدية حقيقية لمحاربة الإرهاب لكانت كل تلك التنظيمات الإرهابية من القاعدة وداعش والنصرة وأخواتها وبناتها في خبر كان فما تمتلكه تلك الدول المنضوية تحت هذا التحالف تمتلك من الإمكانات العسكرية والسياسية والإعلامية والاستخباراتية والاقتصادية ما يجعلها تكتسح القاعدة وداعش بين ليلة وضحاها.
التدخل الروسي في سوريا فضح كل تلك الإدعاءات فما حققته روسيا خلال أشهر معدودة فشل فيه التحالف العالمي في سنوات وهذا هو السر وراء الغصب الأمريكي الخليجي العالمي من روسيا وتدخلها على خط محاربة القاعدة وداعش فروسيا استطاعت لجم تلك التنظيمات وجعلتها تتراجع في كثير من المواقع والمناطق التي كانت تسيطر عليها وما زاد من هذا الغضب والهستيريا هو دخول إيران في الحلف الروسي وهذا سيكون مقدمة لتشكيل تحالف آخر يضم روسيا والصين وايران والعراق وسوريا وربما تركيا التي تدهورت علاقاتها بأمريكا وأوروبا عقب الانقلاب الأخير وهذا بالتأكيد له تداعيات خطيرة ويمكن أن يسحب البساط من تحت أمريكا وتحالفها الذي يدعم الإرهاب ويغذيه من جهة ويدعي محاربته من جهة أخرى .
بالتأكيد أن هذا الغضب الأمريكي له ما يبرره كما قلنا سابقاً على اعتبار ان أمريكا ومنظومتها التي تسير في فلكها بدءاً من أوروبا ودول الخليج وصولاً إلى تلك الجماعات الإرهابية التي تنفذ أجندات أمريكا ولو من وراء الستار ليست لديها الجدية في محاربة الإرهاب إضافة إلى أن أمريكا تريد الوصول إلى تحقيق أهدافها في المنطقة واستمرار سيطرتها على قرار الأنظمة لتبقي مصالحها ومما لا شك فيه أن مصالحها هي في بقاء البلدان العربية والإسلامية مفككة ومتناحرة متحاربة واقعة تحت سيطرتها والدخول الروسي القوي يهدد تلك المصالح وبالتالي فكل ما تقوم به روسيا تعتبره أمريكا اختراقاً للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن وهذا هو سر الجنون الأمريكي والهستيريا التي أصبتها جراء انضمام دول أخرى تعتبرها أمريكا خارج نطاق سيطرتها كإيران لأن ذلك من شأنه تقليص نفوذها وتهديد مصالحها وكشف مخططاتها.
الكل يقول إذا كانت أمريكا وتحالفها العالمي جادين فعلاً في محاربة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية فيمكن أن يكون هناك تعاون من قبل كافة الدول بما فيها روسيا وايران والصين من خلال وضع استراتيجية عالمية لمكافحة الإرهاب تتضمن جوانب عسكرية لضرب تلك التنظيمات ومواقعها وقواعدها وجوانب اقتصادية تشمل تجفيف منابع تمويل الإرهاب وقطع الإمدادات المالية واللوجستية ومنع كل ما يصل إليها من عتاد عسكري كما تشمل الاستراتيجية خطة إعلامية وتوعوية وغير ذلك من الجوانب للوصول إلى القضاء التام على تلك التنظيمات الإرهابية أما إذا لم تكن هناك جدية وهذا هو ما يعمله التحالف العالمي وعلى رأسه أمريكا فإن ما يقال عن محاربة الإرهاب مجرد حبر على ورق للاستهلاك الإعلامي وذر الرماد على العيون وفي اعتقادي أن الحلف الذي تقوده روسيا هو من سيحقق النجاحات في محاربة الإرهاب لأن هناك جدية حقيقية وهنا يمكنا أن نتساءل: من هو الذي يخترق القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن من يدعم الإرهاب أم من يحاربه ؟.