المحويت/ إبراهيم الوادعي
على أنقاض منازله وقف الحاج محمد درويش 60 عاما يغالب دموعه وهو يشاهد ما تبقى من منزله ومنازل إخوانه التي أحالتها صواريخ الحقد السعودي ركاما دونما سبب واضح، غير كونها منازل لمواطنين يمنيين بسطاء على أطراف تهامة، 20 كيلو متر غرب مدينة الخميس مركز مديرية بني سعد التابعة إداريا لمحافظة المحويت.
الساعة الحادية عشر من مساء الأربعاء 26 أكتوبر باغتت ستة صواريخ منازل آل درويش في منطقة البداحة مديرية بني سعد، دقائق معدودة تحولت منازل آل درويش البسيطة والمبنية من الطين إلى ركام.
ألطاف الله سبحانه وتعالي حالت دون وقوع الكارثة وكانت أسرع إلى النائمين من صواريخ الحقد السعودي التي انتظرت حتى وقت متأخر من الليل لتباغت الآمنين وهم نيام.
بحسب الحاج محمد فإن أصوات الطائرات القريبة جدا والتي كانت تبحث عن هدفها جيئة وذهابا أفزعت الأطفال وجعلتهم ينهضون عن فراشهم ويلوذون بآبائهم وأمهاتهم خوفا من أصوات الطائرات الحربية التابعة لقوات تحالف العدوان السعودي، دقائق وتقع الكارثة.
تمكن باقي الأسرة من النجاة بأنفسهم بعد انفجار الصاروخ الأول الذي أصاب حظيرة الأبقار والأغنام نفقت جميعها، لكن أحمد في الرابعة عشرة من عمره وأخيه في العاشرة من العمر لم يتمكنا من النجاة بنفسيهما وأصابتهما شظايا انفجار الصاروخ الأول.
يقول والدهما: لا أعلم الآن عن حالتهما شيئا لقد أتى سكان القرى المجاورة وقاموا بإسعافهما إلى مدينة باجل القريبة جدا من منطقة البداحة تبعد نحو 40 كيلو متراً.
تواصلت الغارات على قرية آل درويش أو معزاب باللهجة المحلية لسكان مديرية بني سعد ولم تخل طائرات العدوان السماء حتى كانت منازل آل درويش الثمانية قد سويت بالأرض وما يملكونه أحرقته نيران الحقد السعودي على اليمنيين، وتترك باقي الأسرة نساء وأطفال مشردين يبحثون عن مأوى.
ويضيف: خسرنا كل ما نملك، لقد دمروا كل شيء .. ولا نعلم السبب.
بحسب مدير الأمن العقيد حسن الكمالي فإن معزاب آل درويش –التسمية المحلية للقرية الصغيرة- تعرضت لنحو 6 غارات متلاحقة أتت على كامل المنازل وقتلت أكثر من عشر أبقار وأربعين رأسا من الغنم، وشردت السكان وبينهم نساء وأطفال هاموا على وجوههم في السهل والقرى المجاورة بحثا عن المأوى والأمان.
وأشار الكمالي إلى أن مديرية بني سعد تشهد للمرة الأولى عدوانا وقصفا بهذه الوحشية، يبيد قرية صغيرة عن بكرة أبيها ويرمي بسكانها إلى العراء والفقر بعد أن يقتل منهم ويجرح ويأتي على كل ما يملكون.
غارات العدوان تواصلت على مديرية بني سعد مساء الأربعاء وليل الثلاثاء 26-27 أكتوبر حيث تعرضت أطراف المديرية من جهة الغرب لغارتين آخريين، ومع حلول مساء الخميس 27 أكتوبر تعرضت منطقة البداحة من جديد لـ5 غارات أخرى عمقت من خوف السكان في ظل تصعيد مرتقب غرب البلاد يحضر له العدوان السعودي الأمريكي.
نهاية عام 2015م تعرضت مديرية بني سعد وعدد من مديريات محافظة المحويت لغارت طيران العدوان السعودي الأمريكي طالت الجسور والطرقات الرابطة بين العاصمة صنعاء ومحافظة المحويت ومحافظة الحديدة، فاستهدف العدوان في مديرية بني سعد جسر وادي سردود الذي يربط المحافظة مع محافظة الحديدة وصنعاء من جهة الغرب.
كما استهدف جسر لاحمة في مديرية جبل المحويت، ويربط مركز محافظة المحويت بمديرياتها الغربية، وفي مديرية الرجم استهدف طيران العدوان جسرين آخرين على الطريق الواصلة بين مدينة المحويت عاصمة المحافظة والعاصمة صنعاء، في عمل ممنهج لجعل حياة اليمنيين صعبة مع تقطيع أوصال شبكة الطرق في الجمهورية اليمنية.
وسبتمبر الماضي دمرت طائرات العدوان جسر لاحمة بأكثر من 11 غارة، والذي يربط عاصمة محافظة المحويت بمديرياتها الغربية الخبت وحفاش وملحان وبني سعد، وتتضاعف معاناة السكان جراء ذلك ومنهم أبناء مديرية بني سعد التي باتت معزولة في الوسط فعزلت عن عاصمة محافظة المحويت وعن العاصمة صنعاء من جهة الشرق إثر تدمير العدوان لجسر وادي سردود في وقت سابق من العام 2015م واستهداف طريق صنعاء الحديدة في أكثر من مكان.
ومع تكثيف العدوان من غاراته على الشريط الساحلي وسهل تهامة يبدو أن مديرية بني سعد التي تمتد أجزاء منها في سهل تهامة، على موعد مع تصعيد عدواني جديد قد لا يكون العدوان على منطقة البداحة وتدمير أحد قراها مساء الـ26 من أكتوبر آخر فصول هذا التصعيد الذي قد يطال السواحل الغربية لليمن.
السلطات المحلية في المحافظة لا تستبعد هي الأخرى أن يدخل العدوان السعودي الأمريكي المديريات الغربية للمحافظة الخبت، حفاش ملحان وبني سعد في دائرة التصعيد الذي تتعرض له محافظة الحديدة على وجه الخصوص، حيث تتداخل هذه المديريات بشكل أو بآخر مع سهل تهامة أو تطل عليه كونها المرتفعات الجبلية التي تؤذن بنهاية الانبساط الترابي وبداية السلسلة الجبلية الغربية.
ويعزز هذا التوجه لدى الخبراء العسكريين في المحافظة قصف العدوان بأكثر من 30 غارة معسكر الأمن المركزي في مدينة المحويت والوحيد في المحافظة خلال أغسطس وسبتمبر الماضيين وتدميره بالكامل، وكذا استهداف الجسور الحيوية الرابطة بين مركز المحافظة مدينة المحويت ومديرياتها الغربية المجاورة على الحدود مع محافظة الحديدة.
وتشكل هذه المديريات مجتمعة نقطة استراتيجية إذ تمر من خلالها أو جوارها الطرق الرئيسية والإسفلتية التي تربط العاصمة صنعاء مع محافظة الحديدة.
لا يستبعد المسؤولون هنا في المحافظة أن تكون الغارات على مدى يومين والتي طالت منطقة البداحة مقدمة لهذا التصعيد العدواني وفاضحة لتوجه العدوان باستهداف السكان الآمنين وتدمير التجمعات السكانية، في ظل استمراء الرياض وحلفها الشيطاني وسكوت العالم وشراء الضمير العالمي بحفنة من المال المدنس.
يغلب على سكان مديرية بني سعد الفقر الشديد ولا يختلف الحال كثيرا بالنسبة إلى وضع السكان المعيشي في مديرية ملحان، وغالبية سكان مديريتي الخبت وحفاش حيث يكاد العمل بالمهن البسيطة والزراعة وتربية النحل الجامع المشترك لمصدر عيش السكان في المديريات الغربية لمحافظة المحويت، حرف بالكاد توفر القوت اليومي للسكان وتسد الفاقة.
وفي هذا الصد يحذر ناشطون حقوقيون وموظفو إغاثة في المحافظة من أن استمرار العدوان في تدمير القرى وتشريد السكان على النحو الذي تعرض له آل درويش بمنطقة البداحة مديرية بني سعد، سيتسبب بمجاعة تعصف بالسكان هناك، ووقوع أزمة إنسانية كبيرة تكون معه السلطات المحلية والحكومة المركزية عاجزتان عن مواجهته بسبب استمرار العدوان والحصار.
كما أن استمرار التصعيد في مناطق تهامة بالوتيرة القائمة يهدد بموجة نزوح، وأزمة إنسانية أعمق تعجز عن حملها سلطات المحافظة أو المنظمات الإغاثية الدولية والمحلية على قلتها وشحة ما تقدمه، في ظل بقاء آلاف النازحين من محافظات صنعاء وعمران وصعدة بالمحافظة نتيجة استمرار العدوان والقصف على مناطقهم منذ بداية العدوان