إعداد/ إدارة التحقيقات
أقامت جامعة اقرأ للعلوم والتكنولوجيا ندوة بعنوان ” قرار نقل البنك المركزي .. الأبعاد والتداعيات ” تضمنت أربع أوراق عمل علمية ركزت الورقة الأولى طرحها البحثي حول (البنك المركزي-من الحرية إلى التبعية أم العكس- قدمها الأستاذ الدكتور علي ناصر الخوداني المستشار القانوني).. فيما شمل المسار البحثي للورقة الثانية رؤى بحثية قانونية معنونة بـ(الآثار القانونية لمزعوم قرار نقل البنك المركزي وإعادة تشكيل مجلس إدارته– وقدمها الدكتور/ محمد محمد شرف الدين- أستاذ القانون العام بجامعة اقرأ).. أما الورقة الثالثة فجاءت تحت عنوان (الآثار الاقتصادية والاجتماعية لنقل البنك المركزي اليمني من العاصمة صنعاء إلى عدن- قدمها الدكتور محمد يحيى الرفيق- أستاذ مشارك).. فيما قدم الدكتور / سامي محمد السياغي أستاذ العلوم السياسية المساعد، في ورقة العمل الرابعة قراءة في الأبعاد السياسية لقرار الفار هادي بنقل البنك المركزي اليمني من العاصمة صنعاء.. معتبرا هذا القرار ورقة أخيرة للعدوان تعوض الفشل السياسي والعسكري والأمني.. –
(الثورة) لخصت هذه الأوراق العلمية انطلاقاً من أهميتها في كشف معطيات هذا القرار العدواني على مؤسسة سيادية أحاطها الدستور والقانون بكافة معطيات الاستقلالية التامة…. إلى التفاصيل:
“البنك المركزي.. من الحرية إلى التبعية أم العكس.. بهذا العنوان جاءت الورقة الأولى التي قدمها الأستاذ الدكتور علي ناصر الخوداني المستشار القانوني- وركزت هذه الورق في طرحها على مرتكزات التأصيل المفاهيمي المتصل بالعمل القانوني والإداري للبنك المركزي اليمني، كالاستقلالية والمصداقية والشفافية وطبيعة علاقة البنك بالحكومة ومهمة بناء الثقة.. مؤكدة على أن البنك حافظ على توازنه وحياديته خلال فترة العدوان رغم تعمد محاصرته وتجفيف مصادر سيولته النقدية.. حيث نجح في تحقيق الاستقرار النقدي ومؤشر الأسعار واستقرار السوق المصرفية والتموينية ما ساهم على تماسك المجتمع داخليا وساهم في استمرارية تشغيل مؤسسات وهيئات الدولة بما فيها المستشفيات وتوفير الأدوية وكذا هيئات السلطة القضائية..
كما تطرقت ورقت العمل إلى تفاصيل المشاكل والمعوقات التي واجهها البنك المركزي خلال الفترة الماضية كـ(العجز في الموازنة العامة، والانخفاض الحاد في الإيرادات العامة، وتوقف العائدات الضريبية والرسوم الجمركية ، وتوقف عائدات النفط والغاز، واحتجاز العائدات المتحصلة من الرسوم القنصلية في الخارج ومستحقات شركات الاتصالات).. وكذلك تطرقت التداعيات الأمنية على أداء البنك المركزي، حيث أدت الاختلالات الأمنية الداخلية وما رافقها من انتشار الجماعات الإرهابية التي قامت بعمليات السطو على أموال البنوك وشركات الصرافة كما حصل لفرع البنك المركزي في المكلا، فيما العدوان الخارجي المتزامن مع المواجهات الداخلية أدت إلى تدمير بعض مقرات فروع البنك المركزي وإخراج البعض منها عن سيطرة المركز الرئيسي كما حصل في مارب.. لتكون هذه المرتكزات هي من يقف وراء أزمة السيولة النقدية التي أثرت سلباً على قدرة القطاع المصرفي على الإيفاء بمتطلبات السوق والقطاع الصناعي والتجاري وفي مواجهة عملائه المودعين.. كما تطرقت الورقة إلى تحدي محدودية الاحتياطيات النقدية الخارجية مقارنة مع بنوك مركزية أخرى بسبب محدودية الموارد المتاحة لتغذية رصيد الاحتياطيات فضلاً عن توقف تلك الموارد منذ ما قبل الحرب القائمة على بلادنا حيث أثرت على نشاط البنك، وحدت من احتفاظه باحتياطيات خارجية رسمية باسمه تتكون من كل أو بعض الأصول من الذهب والنقد الأجنبي وأية أصول احتياطية أخرى معترف بها دولياً بما في ذلك المقدرة على إجراءات مشتريات الشريحة الاحتياطية من صندوق النقد الدولي وحيازة الحكومة لحقوق السحب الخاصة بصندوق النقد الدولي، إضافة إلى الكمبيالات والسندات لإذن القابلة للدفع بالعملات الأجنبية وسندات الدين المصدرة أو المضمونة من قبل الدول الأجنبية أو البنوك المركزية أو المنظمات المالية الدولية المحررة..
كما ناقشت الورقة علاقة المركزي بالمنظمات والمؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي، ومصفوفة التوصيات التي ظل البنك يطرحها بشفافية على الحكومة بشأن معالجة الوضع المالي والنقدي، والتي من أهمها استمرار التواصل مع المانحين والدول المهتمة بالشأن اليمني بضرورة دعم الاحتياطيات خلال الفترة المتبقية من العام 2016 م بمبلغ لا يقل عن 2 مليار دولار لمساعدة البنك في تنفيذ السياسة المرتبطة بتوفير النقد الأجنبي للقمح والأرز وخدمة الدين العام ، وتكلفة العمليات الخارجية للحكومة .. إلخ.. بالإضافة إلى تخفيف أعباء المديونية الخارجية لليمن بالتواصل مع الدائنين لوقف عمليات السداد .. والعمل على تحويل كافة الرسوم القنصلية من كافة السفارات والقنصليات اليمنية في الخارج .
ومن التوصيات أيضاً العمل على إزالة المعوقات التي تمنع صادرات النقد الأجنبي وتدفق العملات الأجنبية إلى حسابات البنوك التجارية في الخارج بالدولار . والعمل على إعادة صادرات النفط الخام والغاز باعتبارها الرافد الأساسي للنقد الأجنبي للبنك المركزي.. والإفراج عن أرصدة شركات الاتصالات اليمنية في دول الجوار والتي وصلت إلى أرقام كبيرة.. وإعادة تفعيل برامج المانحين سواء عبر القروض او المساعدات والمرتبطة بخدمات التعليم والصحة.. والتواصل مع المؤسسات المالية الإقليمية والدولية للحصول على تمويلات مناسبة في إطار البرامج التي تقدمها المؤسسات..
قراءة تشريعية
أما الورقة الثانية، فقد جاءت تحت عنوان: الآثار القانونية لمزعوم قرار نقل البنك المركزي وإعادة تشكيل مجلس إدارته–قدمها الدكتور/ محمد محمد شرف الدين- أستاذ القانون العام بجامعة اقرأ..) وتناولت هذه الورقة الجانب القانوني لمزعوم القرار الصادر عن حكومة الرياض بشأن نقل مركز البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، وكذا إعادة تشكيل مجلس إدارة البنك المركزي وفقا للقرارالمزعوم. مؤكدة أن جوهر القرار المزعوم هو بالدرجة الأولى سياسي وليس قانونياً، ومن ثم فإنه من غير اليسير إيجاد حلول قانونية لمسألة سياسية.. كما استعرضت الورقة النتائج القانونية المترتبة على مزعوم القرار وأهمها إلغاء القرار لاستقلالية البنك المركزي ، والثانية تتمثل في الأضرار المترتبة على مزعوم القرار. على أن نختم الورقة بتوصيات، كل ذلك من خلال ثلاثة محاور متتالية ركز المحور الأول على القرار المزعوم زاوية كونه اعتداء سافراً على استقلالية البنك المركزي، مؤصلة في ذلك الموقع الوظيفي للبنك المركزي والذي يتموضع قلب المصلحة العامة، وذلك من خلال تحقيق الاستقرار النقدي وما يترتب على ذلك من ضمان تحقق السلم الاجتماعي، فضلا عن الامتيازات والصلاحيات الممنوحة للبنوك المركزية وإدارتها ، ما جعلها من أهم المؤسسات الوطنية الاقتصادية بحكم هيمنتها على النظام النقدي والمصرفي. ولما كانت التجارب العملية والدراسات البحثية قد أكدت أن نجاح البنوك المركزية في تحقيق أهدافها وممارسة مهامها مرتبط بمدى استقلاليتها عن السلطة السياسية، كأهم معيار من شأنه استمرار انخفاض معدل التضخم والعكس صحيح، وذلك استنادا إلى فرضية أن البنوك المركزية المستقلة تكون أكثر قدرة على مقاومة ضغوط الحكومات المركزية لإجبارها على تمويل عجز الميزانية مما يجبر الأخيرة على تخفيض حجم إنفاقها… كما تناول المحور الأول الأهداف التي حددها الدستور للبنك كمؤسسة سيادية، والضمانات المكفولة تشريعيا لاستقلالية البنك..
أما المحور الثاني فتناول تفنيد القرار كخطرٍ يهدد المصالح العامة بتقاطعه مع معايش الناس ومصادر أرزاقهم فإخضاع بنك مركزي لسلطة هي طرف في النزاع المسلح يأتي بنتائج عكسية تماما لمقتضيات المصلحة العامة، واعتبرت الورقة في محور المصلحة العامة أن لا مصلحة في الانتقاص من استقلاليته أو الهيمنة على مجلس إداراته من خلال الإجراءات المتخذة بالمخالفة لصريح القانون، وتعد دليلا كافيا لانحراف غاية القرار المزعوم عن المصلحة العامة.. خصوصا والواقع أثبت وبشهادة المؤسسات النقدية والمصرفية الدولية والمحلية، بأن إدارة البنك المركزي استطاعت طيلة 18 شهرا من تحقيق الاستقرار النقدي والمصرفي ، والعمل بحياد تام عن أطراف النزاع.. ومن ثم لا مصلحة في إقالتها بالمخالفة للقانون.. وبالتالي فأن هناك ثلاثة تداعيات كارثية تترتب على هكذا بنك.. أولاها الإضرار بحياة المواطنين.. والثانية تحميل اليمن التزامات قانونية، وثالثها تشكل خطرا على الشكل القانوني للدولة..
وأوصت الورقة في محورها الثالث بتشكيل لجنة قانونية في إطار جهة رسمية ولتكن وزارة الشؤون القانونية تعمل على ايجاد المخارج القانونية الكفيلة بإبطال مفاعيل ذلك القرار على المستوى الدولي… والتحرك والتخاطب الرسمي (الأجهزة المعنية البرلمان اليمني المعترف به دوليا) مباشرة مع الجهات المالية الدولية وعرض الأسانيد القانونية عليها التي تدلل على مخالفة مزعوم القرار للقوانين الوطنية والقوانين الدولية..
وكذلك التحرك في إيجاد الحلول الناجعة لمواجهة تداعيات نقل البنك المركزي ، كون المسألة اليوم لا تقتصر على أزمة سيولة ، وإنما تتعداها إلى مشكلة اقتصادية حقيقية تستوجب حلولا سريعة تستطيع من خلالها توليد الثروة.
الآثار الاقتصادية والاجتماعية
الآثار الاقتصادية والاجتماعية لنقل البنك المركزي اليمني من العاصمة صنعاء إلى عدن-.. هذا هو عنوان الورقة الثالثة – التي قدمها الدكتور محمد يحيي الرفيق-أستاذ مشارك- أصلت الأهمية الاقتصادية للمصارف المالية موردة مقارنة مستفيضة بين عدد من مصارف العالم الشهيرة، ودورها في تنمية اقتصاد بلدانها وفق عمل شفاف ترسخت فيه الاستقلالية التامة لتلك المصارف وإبعادها عن مخاطر السياسة والحروب والنزاعات.. وخلصت الورقة أن الآثار الاقتصادية المترتبة على ذلك تتربت في التأثير المباشر وبشكل سلبي على الشركات والمؤسسات والتجار ورجال الأعمال حيث وان استيراد السلع سوف يكون عبر محافظة عدن مما سيفقد أصحاب المؤسسات والشركات الثقة في التعامل، وأيضا سيؤثر ذلك على عملية الإنتاج في العاصمة صنعاء والمحافظات المجاورة، وأيضا اختفاء السيولة بنسبة كبيرة اثر بشكل كبير على النظام المصرفي في العديد من المحافظات، وأيضا انخفاض القوة الشرائية مقابل العملات الأخرى، بالإضافة إلى ذلك أن أسعار جميع السلع قد ارتفعت بشكل كبير لدرجة أن معظم أفراد المجتمع لا يقوى على توفير الاحتياجات والمستلزمات الضرورية وبالتالي فقد زادت معدلات الفقر، وزادت معدلات البطالة بسبب توقيف العديد من الشركات والمؤسسات والمصانع فضلا عن ذلك فقد سبب الحصار الاقتصادي زيادة اختفاء العديد من السلع وارتفاع أسعارها.
وذهبت الورقة فيما يتصل بالآثار الاجتماعية لانتقال البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى أن هناك تضاربات في ثقة المجتمع ليس اليمني بل والدولي حول تبعات القرار وأضراره الاجتماعية خصوصا مع فشل هادي وحكومة الرياض في الاستقرار في عدن، مع فارق حيادية البنك في صنعاء وأمانه وقدراته في صرف المرتبات للجميع.. وبالتالي فإن بقاء الموظفين بلا رواتب حتى اليوم هو نتاج هذا القرار الذي كان هدفه الأول هو تخفيف الضغط على جبهة الحدود ونقل المعارك باتجاه عدن..
الأبعاد السياسية
وذهبت الورقة الرابعة المعنونة والأخيرة بـ (قراءة في الأبعاد السياسية وقدمها الدكتور / سامي محمد السياغي – أستاذ العلوم السياسية المساعد) إلى الأبعاد السياسية للقرار مؤصلة في البداية معطيات المشهد السياسي اليمني منذ الحوار الوطني ثم شعارات الأقلمة وتداعيات محاولة السيطرة على مخرجات الحوار.. ومن ثم العدوان والصمود الأسطوري العسكري، وخطوات القوى السياسية المناهضة للعدوان وصولا إلى الاتفاق السياسي التاريخي ومن ثم تشكيل المجلس السياسي الأعلى كل هذه شكلت محطات سياسية هامة ترتب عليها كسر شكيمة العدوان الذي لجأ إلى ورقة البنك المركزي كورقة أخيرة… لتخلص أن من أربعة أبعاد سياسية يتعلق الأول منها بعرقلة المجلس السياسي (سياسياً واقتصادياً.. فيما يتعلق الثاني بعرقلة عملية التسوية السياسية.. ليتعلق البعد الثالث بالالتفاف على تداعيات المأساة الإنسانية جراء العدوان.. أما البعد الرابع والأخير فيتصل بتعديل ميزان القوى العسكري الميداني..