حرب التجويع
ساره المقطري
في معجم اللغة المجاعة مصدر للفعل جاع وهو:خلو المعدة من الطعام ,
بهذا الوصف تخبرنا اللغة العربية عن أحوال اليمن والحقيقة أن اللغة تجهل الكثير عما يجري على ارض الواقع .
أما التاريخ فيتذكر مجاعة الصين التي حدثت عام 1958م والتي حولت الصين من دولة زراعية إلى دولة صناعية كبرى . ولن ينسى ايضا مجاعة إثيوبيا التي كانت بين 1983-1985 م و راح ضحيتها ما بين 500 الف إلى مليون ضحية و لعبت المنظمات الحقوقية فيها دور هزلي كبير نتيجة التأخره عن التدخل وإنقاذ الضحايا .
أما المجاعة الأبشع فكانت في السودان التي جسدتها الصورة الشهيرة للمصور كيفن كارتر والتي تظهر فيه صورة فتاة منكوبة تزحف نحو مخيم للأمم المتحدة بينما ينتظر (نسر) على بعد كيلومترات موتها كي يلتهمها .وكانت مجاعة راح ضحيتها 70 ألف شخص بالإضافة لهجرة 72 الف آخرين, كان أيضا سببها الحرب الأهلية وفشل المجتمع الدولي وممارسة المنظمات الدولية انتهاكات ضد حقوق الإنسان لعدم قدرتها إنقاذ حقوق الإنسان وإيقاف تلك المجاعة .
ندخل في الموضوع:
كل تلك الحقائق اللغوية والوقائع التاريخية يترجمها واقع اليمنيين وتحديدا في محافظة الحديدة فصورة (سيدة علي) الفتاة التي لم يتجاوز عمرها 18 عاما وتناقلت كبريات الصحف العربية والعالمية صورتها خير دليل على حجم المأساة الذي يعيشه اليمن وتعيشه محافظة الحديدة على وجه الخصوص .
فعلى الرغم من أن اليمن بلد فقير إلا أن هذه الأزمة ظهرت مؤخرا لعدة أسباب :
أولا : هناك حرب تعيشها البلاد تجاوز فترتها المدى المعقول , عام ونصف من الحصار والقتل والتدمير وربما كان وتيرة هذه الحرب قد بدأ يخف ولكنها اشتدت مؤخرا نتيجة المزايدات ومحاولة السعودية حرف مسار المواجهة بأي شكل من الإشكال لصالحها .
ثانيا : إحدى أساليب محاولة الإضعاف هو الحصار وقد كثفت قوى العدوان من حالة الحصار , فبعد أن كانت حركة الطيران متاحة بعض الشيء, باتت اليوم معدومة وهذا يتضح نتيجة الضربات المؤلمة والموجعة التي تتلقاها السعودية وحلفائها مؤخرا ,وهي تنتقم من اليمنيين بشتى الطرق ,خاصة أنها- السعودية –تعاني من حالة نفي أواحة من المشهد السياسي ومحاولة أمريكا ترتيب وضعها لحليف جديد في المنطقة ( وهنا نقصد تركيا ) ليكون أكثر الفة ووداعة من السعودية .
ثالثا : غالبا الحروب الخبيثة تبدأ بقتل وتدمير وتصل إلى مرحلة الحصار والتجويع كآخر الأسلحة الذي يستخدمها احد الأطرف(وغالبا يكون المعتدي) ولايحصد النتيجة سوى المدنيين الأبرياء .
ما يجري اليوم ليس مجاعة ,, ما يجري في اليمن (تجويع ) يختلف تماما عن المجاعة وهو جعل المرء يعيش في عوز وجوع بغرض اذلاله والضغط عليه وجعله يخنع ويقدم تنازلات .
وهنا نقول
يجب علينا كيمنيين أن نتكاتف ونرص صفوفنا وان نفّعل دورنا المجتمعي والتكافلي ,وهنا دور الشباب والمبادرات الشبابية , هنا دور الجار , هنا دور الصديق, هنا دور الغني تجاه الفقير , هنا دورنا جميعا , عينا تحريك قوافل الدعم والمساندة لبعضنا البعض , علينا تفقد جيراننا وأهلنا , علينا تقديم كل اشكال العطاء للمناطق التي أنهكتها المجاعة في كافة محافظات الجمهورية فالأوجاع لا تشفى إلا بالتطبيب .
اليوم السعودية تستخدم آخر أسلحتها وكما كتب التاريخ أن الحروب كانت تنتهي بسلاح التجويع , وقد عشنا كل تفاصيل الحرب ونحن في آخر مراحلها , ولم يعد لدى المعتدي من سلاح يقتل به إرادة شعب , وقد تكون الحرب انتهت أو شارفت على الانتهاء وسنتنفس جميعا الصعداء قريبا .
وإذا كان العدو يستعير من اللغة العربية المقولة الشهيرة : جوع كلبك يتبعك
فاليمنيون قد مضوا منذ اللحظة الأولى بالمقولة الأشد بلاغة وشهرة : تَجُوعُ الحُرَّةُ وَلاَ تَأْكُلْ بِثَدْيَيْهَا .