أوهام الحرب بالوكالة في اليمن
حسن الوريث
يطل عليك بعض الذين يقولون أنهم محللون سياسيون ومثقفون وإعلاميون ليتحدثوا عن ما يجري في اليمن من عدوان همجي سافر على أنه حرب بالوكالة بين أطراف إقليمية بالإشارة إلى إيران والسعودية ويحاول هؤلاء أن يقنعوا الآخرين بصوابية طرحهم وما ذهبوا إليه رغم أن عدداً منهم يحمل لقب دكتور في العلوم السياسية إلا أنهم مع الاحترام للبعض وليس للكل لأن هناك الكثير ممن يذهبون هذا المذهب يستلمون ثمن ما يروجون له ويتم توجيههم وتحريكهم بالريموت كنترول ليرددوا كالببغاوات ما تريده أمريكا ومخابراتها وما يتم طباخته لديها .
الحرب في اليمن ليست حرباً بالوكالة بين السعودية وإيران أو أي أطراف أخرى, فما يحدث في اليمن هو عدوان سعودي بامتياز إذ أن كل الدول تعرف تماماً أن اليمنيين لا يحاربون بدلاً عن إيران بل يدافعون عن أرضهم وبلدهم ضد هذا العدوان الهمجي الذي شنته عليهم دولة يفترض بها أن تكون دولة شقيقة وجارة وأن هذه الدولة تعرف قبل غيرها أننا لا نحارب بدلاً عن إيران ولا عن أحد فإيران التي تتهمونها ظلماً وبهتاناً أنها تتدخل في الشأن اليمني غير موجودة إطلاقاً ولم تتدخل يوماً ما في الشأن الداخلي في اليمن ولم تكن تفرض علينا الوزراء الذين يتم تعيينهم في أي حكومة ويتم الاستئذان منها قبل الإعلان عن تشكيلها ولم يكن لديها لجنة خاصة تدفع مرتبات لمشائخ القبائل والمسؤولين والإعلاميين ولم يكن لديها فرق للاغتيالات في اليمن تتحرك وتأتمر بأمرها ولم يكن لديها ما يمكن أن يشير إلى أنها في اليمن.
ومن ثم ما الذي يمنع اليمن من إقامة علاقات مع إيران على اعتبار أن إيران دولة إسلامية شقيقة مثلها مثل تركيا واندونيسيا وماليزيا وغيرها من الدول الإسلامية التي يجب أن يكون لليمنيين علاقات طيبة معها على اعتبار أن ذلك يدخل في نطاق حرية الدول والشعوب في إقامة علاقات مع من تريد ؟ والأهم أن هذه الدول التي تريد أن تمنع اليمن من إقامة علاقات مع إيران لديها سفارات وعلاقات من كل الأنواع مع إيران, ولو تابعنا الإحصائيات حول عدد الإيرانيين المتواجدين في دول الخليج لوجدنا أنهم أكثر من عدد سكان تلك الدول مجتمعة, وهناك نقطة في غاية الأهمية أن هذه الدول يمكن لها أن تتوجه إلى إيران لتمنعها من إقامة علاقات مع اليمن ولبنان وسوريا والعراق وتحدد لها مع من تقيم علاقات .
مما لا شك فيه أن أكذوبة الحرب بالوكالة يراد منها التغطية على الأهداف الحقيقية وراء هذا العدوان سواء على اليمن أو سوريا أو العراق أو لبنان, لأن موضوع إقامة علاقات بين الدولة هذا شأن داخلي وحرية خاصة وإلا لكنا قلنا للسعودية ودول الخليج أن تمتنع عن إقامة علاقات مع أمريكا وإسرائيل لكن هذا ليس من حقنا كما انه ليس من حق هذه الدول الخليجية أن تمنع اليمنيين من إقامة أي علاقات مع إيران أو غيرها, ولو كان لدى هذه الدول مشاكل مع إيران فالساحة مفتوحة بينهم وتوجد لهم حدود طويلة مع إيران فليذهبوا إليها وليحاربوها هناك وجها لوجه, أما أن يحاربونا ويقتلونا ويحاصرونا بحجة وجود إيران في اليمن فهذه كذبة كبرى ومبرر أحمق .
لو كانت الحرب في اليمن بالوكالة لكنا شاهدنا إيران في اليمن تحارب معنا وتمدنا بالأسلحة والعتاد وكل المستلزمات المتعلقة بالحرب, لكننا لم نشاهد سوى السعودية تقتل اليمنيين وتدمر مقدراتهم وتحاصرهم ولم نشاهد سوى الطائرات الحربية والصواريخ والأسلحة السعودية تسقط على اليمن ولم نجد حتى خبير إيراني واحد ولا صاروخ إيراني واحد ولا طائرة إيرانية واحدة في اليمن تقاتل بني سعود, وبالتالي فهذه الحرب هي سعودية على اليمن والشعب اليمني يدافع عن نفسه فقط وبالطبع أن ما تريده السعودية ومن ورائها أمريكا وإسرائيل هو خلق مبررات وجود الفزاعة الإيرانية في اليمن لاستمرار الحرب على الشعب اليمني وتدمير مقدراته لأن الشعب اليمني خرج من الوصاية السعودية ولم يعد لدى هذه الدول من ينفذ أجنداتها في اليمن فاختلقوا مصطلح الحرب بالوكالة التي لا وجود لها إلا في مخيلتهم فقط.