ما لكم كيف تحكمون
عبدالفتاح علي البنوس
تأخر صرف الرواتب مشكلة المشاكل كون أغلب الأسر تعتمد في تدبير شؤونها وتوفير حاجياتها عليها وكما يقال: قطع الرأس ولا قطع المعاش ، ومما لاشك فيه بأننا جميعا طالنا الضرر جراء ذلك ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا تأخر صرف المرتبات ؟ و من هو السبب وراء تأخير صرفها ؟! وأعتقد جازما بأن الجواب على التساؤل السابق سيكون بالإجابة على تساؤل هام وهو من هي الأطراف التي من مصلحتها تأخير صرف المرتبات ؟! فالواضح والملموس للجميع أن السلطة في صنعاء التي يروق للدنابيع وأسيادهم وصفها بالانقلاب ألتزمت بصرف مرتبات الموظفين في مختلف محافظات الجمهورية بما فيها المناطق الواقعة تحت سيطرة عملاء السعودية والإمارات رغم الظروف الصعبة والعراقيل التي كان عملاء الريال السعودي يضعونها وظلت عملية الصرف قائمة إلى حين قيام الدنبوع بإصدار قرار نقل البنك المركزي اليمني من العاصمة صنعاء إلى مدينة عدن بناء على طلب الكيان السعودي بعد أن فشلوا عسكريا حيث تعهدت حكومة الفار الفندقية لصندوق النقد الدولي والكيانات الدولية ذات العلاقة بصرف مرتبات كافة الموظفين في مختلف محافظات الجمهورية ولكن لم يحصل من ذلك أي شيء وليس للسلطة في صنعاء أي مصلحة في تأخير صرف الرواتب كونها تدرك تداعيات وانعكاسات ذلك علاوة على كونها الأكثر حرصا على استقرار الأوضاع وتعزيز الصمود الشعبي في مواجهة العدوان وأذنابه .
وما حصل هو قيام الكيان السعودي بالإيعاز إلى اللص هاشم الأحمر بعدم توريد عائدات منفذ الوديعة في الوقت الذي طلب هذا الكيان من سلطان العرادة عدم ضخ عائدات النفط بمارب للبنك المركزي تماما كما عمل مع عناصره في تنظيمي داعش والقاعدة في المكلا ومنع الإيرادات من الوصول للبنك المركزي وكل ذلك للحيلولة دون صرف مرتبات الموظفين في المحافظات المناهضة للعدوان الأمريكو سعودي ظنا منه بأن ذلك سيجلب السخط على السلطة القائمة المتمثلة في المجلس السياسي الأعلى وسيدفعهم للإرتماء في أحضانهم ومساندة مرتزقتهم معتمدين في ذلك على نشاط عناصر حزب الإصلاح التي تجيد استثمار الأحداث واستغلالها سياسيا حتى ولو أنهم يدركون تماما بأن قيادات حزبهم هي السبب وراء هذا العدوان والحصار الجائر الذي تراه نعمة وفضلا من الله على حد تعبير صعتر والزنداني، ولعل ما يثير السخط والاستهجان في هذا الأمر أن الدنبوع بدأ بصرف مرتبات الجنوب وبعض المناطق الخاضعة لشرعيته المزعومة ورفض السماح بدخول الأوراق النقدية التي تمت طباعتها لمواجهة أزمة السيولة النقدية وتغطية مرتبات الموظفين .
وأمام كل هذه المعطيات كان من المفترض التنديد بالتصرفات التي قام بها الدنبوع وأسياده والتي كانت السبب وراء تأخير صرف المرتبات وتوجيه اللوم والعتاب لهم كون الأمر أصبح خارج إمكانية وقدرة المجلس السياسي الأعلى وأن تكون هناك تحركات جماهيرية منددة بذلك ولكن للأسف ما حصل هو العكس حيث تحول الهجوم والانتقاد صوب المجلس السياسي وأنصار الله وتسابق نشطاء الإصلاح على تأجيج الشارع ضدهم وتحميلهم المسؤولية وهناك من ساق الأكاذيب وروج لشائعات تصفية لحسابات سياسية ومصالح حزبية على حساب معاناة وأوجاع الشعب وهات يا منشورات ومقالات ونكت وهمز ولمز ودعوات للتظاهر تحت غطاء إعلامي سعودي إماراتي قطري مكثف مستغلين ظروف المواطنين الصعبة وتداعيات تأخير صرف المرتبات وكذلك غياب التوضيح الدقيق من قبل المجلس السياسي الأعلى لأسباب تأخير صرف المرتبات ومكاشفة الشعب بذلك وما هي المعالجات الجارية .
وأمام ذلك تحول المجني عليه إلى جان وجعل البعض من رفضهم الاعتراف بسلطة المجلس السياسي الأعلى وخصومتهم أو اختلافهم مع أنصار الله فرصة لتصفية الحسابات عبر استغلال قضية تأخر صرف المرتبات رغم أن العقل والمنطق يقولان بأن من نقل البنك ورفض إدخال الأوراق النقدية للبلاد وتنصل عن تعهداته بصرف المرتبات لكافة الموظفين وعطل الموارد النفطية ويصر على الحصار للشعب والتضييق عليه اقتصاديا ومعيشيا هو من يجب علينا مهاجمته لا من يواجه حربا عالمية عسكرية واقتصادية وإعلامية وسياسية متعددة الأشكال والأوجه ويذود عن الحمى ويتصدى للغزاة والمحتلين ومرتزقتهم حتى اللحظة وظل ملتزما بصرف المرتبات حتى أصدر الدنبوع قرار نقل البنك .
أقول ذلك من باب الإنصاف وبراءة للذمة وعلى الجميع أن يعوا ذلك جيدا ولمن لا يزال يرى في تأخير صرف المرتبات مادة للمزايدة السياسية والحزبية والإعلامية وتصفية لحسابات شخصية وحزبية ضيقة اتقوا الله ولا تتاجروا بأوجاع ومعاناة الناس ، وللنخب الأكاديمية والمثقفة وقادة الرأي والنشطاء الحقوقيين ماذا دهاكم ؟! أين دوركم؟! تكلموا بإنصاف وصدق ومنطق وعقل من وراء تأخير المرتبات ومن الأطراف المستفيدة من وراء ذلك ؟!، لا نريد منكم تنظيرات بيزنطية مجافية للحقيقة ومخالفة لمنطق العقل، سموا الأشياء بمسمياتها ، لا تلبسوا الحق بالباطل، مالكم كيف تحكمون ؟!!
وحتى الملتقى ……..دمتم سالمين .