بين الشخصية والذائقة

نبض
 
زياد السالمي

أيها الأعزاء أُجلُّ هذا الحزن الذي يتملكني ؛
لقد حاولت جداً أن أقدم للذائقة ما يفيق بها عن تفحص ودراية وبصر وبصيرة  ؛
بذلت وقتاً في ذلك ليس يسيراً بعد قراءة لكل سابقي ؛
وخلصت أخيراً إلى عملٍ شعري أسميته ( اخترت هذا المجاز )
فكانت الظروف حائلاً بيني وبين نشره وتقديمه للمتلقي ؛
وكنت أعود إليه كمن يرتاد إلى  مكانٍ يشعر معه بالترويح والألفة ؛
أفرغت بعض جراري على السطر مذكياً بعض ما حسبته تجاوزاً
واستخدمت أسلوباً آخر في تناول النص الشعري
أيها الأعزاء ليس حرياً بشاعر أن تحد تطلعاته الظروف ؛
وتقف الذائقة والوعي أقل بكثير من لحظة تأمل آنية حيال طموح يضيء بالحياة والجدية ؛
ثم يتولى إلى كنف المألوف والتبعية ؛
أو يبدل خطواته في هذا العالم الكافر بالإبداع ؛
منساقاً تحت أي مسمى أو انتماء سوى للنص والتجربة المُتممة ؛
يدرك الحرف رغبته لصاحبه وأفق تماهيه كإله لا يقبل شريكاً أو لقباً أو مادة ؛
هي القصيدة رقصة لا تستقي موسيقاها ونغمها من الماضي أو الحاضر بل من الغيب ومن المستقبل ؛
تخطئ حين تنتظر الموسيقى لتبدأ ؛
وتصيب حين تجتاز كل حاجز صوت سابق أو مجايل ؛
هكذا الجود والغيث بمجده  كشعر
وهكذا البذل والتضحية بمروءة كشاعر ؛
إنما مع كل ذلك هل تظل حبيسة الأدراج ؛
أو ذهن الشاعر
فلا تجد طريقها إلى المتلقي بأي طريقة كانت
كما يُنهر الشاعر ويمنع عن منبر يليق بقداسة القصيدة ؛
قلت ربما قد يتغير الحال كما تتغير الظروف ؛
لكن دون جدوى
انسقت حين همس لي أحدهم :  مادام وأنت لا تستطيع نشر أعمالك قدمها لأي منظمة تعنى بالشعر ؛
كانت طلقة أصابت قلباً مرهفاً لحظة ضعف أفرزتها تراكمات الإقصاء المحصور بين الساسة وأتباعهم  ؛
تلى ذلك أن همس آخر : هناك مشاركات عربية تعنى بنشر الأعمال الشعرية ؛ طالما تعجز عن نشر عملك ولا توجد أي مؤسسة تحتفي بالإبداع  في بلدك
حينها عزمت وقررت وتركت عملاً شعرياً سابقاً (بانتظار تأنيث الليل ) وفتحت المجال لعملي الآخر  ( اخترت هذا المجاز )
وشاركت في الأخير بجائزة أثير الشعرية على أمل !!!!
وبعد ذلك انتظرت وتم اختياره ضمن القائمة القصيرة
أخيراً أجده لم يكن من الأعمال الشعرية التي أذن لها أن تطبع وتنشر ؛
( اخترت هذا المجاز ) أثق به كعمل متجاوز سأترككم معه ربما يفوز بالنشر عبركم وفيكم
فلا أمل لا في الوطن الذي كان شخصية العمل المخفي خلف السطور وخلف ظلال الحروف
كما لا أمل في ذائقة ما وراء الأسلاك الشائكة ؛
أو أمل للجدية في زمن به يقتات الجسد وهج الروح لتذبل بين مكابدة الحياة وبين التفاني من أجل الآخر ؛
وتقبلوا حزني الذي لا يجيد التخفي وراء الانصياع ؛
كأبسط حق على وطن هو كل ما أملك ؛ فهل أُفهَم !!!

قد يعجبك ايضا