تخبط الإعلام السعودي
معروف درين
منذ بداية العدوان على اليمن في مارس 2015م والإعلام السعودي وابواقه يرددون نفس الأسطوانة المشروخة بالحديث عن إعادة الشرعية- غير الشرعية- لليمن وإعادة الأمن والاستقرار حسب زعمهم والقضاء على عصابة التمرد والانقلاب، وظلت هذه الاسطوانة المشروخة والمكررة تتردد على مسامعنا ليل نهار حتى ملتها الأسماع وانصرف عنها المشاهدون لعدم مهنيتها ومصداقيتها وأهميتها في نفس الوقت، وبعد بدء العدوان بأيام وصدور قرارات مجلس الأمن الدولي مسبوقة الدفع تم إضافة تنفيذ قرارات مجلس الأمن وتسليم السلاح الى مصفوفتهم وخطابهم الإعلامي المكرر!!
ولم يستقر الحال على ذلك فقد رأينا الإعلام السعودي ومن لف لفهم من الأبواق المأجورة يتحدثون عن المفاوضات وعن الحوار ولكن من اجل الاستهلاك الاعلامي فقط بينما هم في الواقع يسعون الى تدمير اليمن وتمزيقه مهما كلفهم الثمن وما استمرار العدوان والحصار لأكثر من عام ونصف إلا خير دليل وخير شاهد على أفعالهم التي تناقض أقوالهم وخطابهم المبتذل، فيتحدثون عن الحوار والسلام وإعادة الأمل ويواصلون عدوانهم الهمجي على أبناء اليمن ومدارسهم وطرقهم وجسورهم ومستشفياتهم ومنازلهم بل وكل شيء له علاقة بالحياة، فأي أمل هذا الذي تنشدونه وأي سلام تدعون تحقيقه لهذا الشعب وعشرات الاَلاف من المواطنين ما بين قتيل وجريح والحصار البري والبحري والجوي سيد الموقف، وأي سلام هذا الذي سيأتي عبر الحرب والدمار؟!
ولم يدم حال إعلامهم المتخبط طويلاً فمنذ الوهلة الأولى للعدوان الغاشم فقد طالعتنا وسائلهم الإعلامية المختلفة بخطاب جديد هذه المرة ومختلف تماماً عن ما عهدناه ومليناه، فبعد أن كان حديثهم مركزاً على إعادة الشرعية والقضاء على الانقلابيين المتمردين والقضاء على المد الفارسي وتطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بشأن اليمني، بعد ذلك كله رأينا أسلوباً جديدا ومتغيرا جذريا فلم يعد هناك حديث عن إعادة الشرعية ولا عن عاصفتي الحزم والأمل سيئتي الذكر ولا عن شيء من هذا القبيل المتصل بالسياسة الاعلامية المعروفة للجميع منذ بدء العدوان..
نعم في الآونة الأخيرة بدأ الحديث عن موضوع اَخر وجديد كلياً ولم يسبق إن تم الحديث عنه، فقد بدى الخطاب الجديد موجهاً للداخل السعودي وللخارج وعلى وجه الخصوص الدول المشاركة والمساندة للعدوان وتصوير الحرب على اليمن على أنها دفاع عن النفس وعن المقدسات الإسلامية في مكة المكرمة والمدينة المنورة وهذا ما اتحفنا به الإعلام السعودي في الأيام الاخيرة وايضا ما تضمنته مذكرة المملكة العربية السعودية المقدمة للأمم المتحدة خلال شهر سبتمبر الجاري عبر سفيرهم ومندوبهم هناك، ولست أدري حقيقةً من الذي يدافع عن نفسه اليمن ام السعودية، ومن المعتدي والمعتدى عليه، ومن الذي يهدد المقدسات الاسلامية حتى يتحدثون عن حمايتها ويحشدون لذلك من مختلف الدول العربية والإسلامية، أليس الغرض من هذه التقليعات الزائفة هو تدمير اليمن وتشكيل تحالفات بديلة للتحالف السابق المتهالك؟!
وهنا أوجه رسالتي للقائمين على الإعلام السعودي المتناقض ولكل الأبواق المحسوبة والمساندة للعدوان أن يراجعوا سياستهم وخطابهم وأن يحترموا عقول المشاهدين والمستمعين، لأن سياستهم الاعلامية المتخبطة والمرتبكة لا يمكن أن تنطلي على عامة الناس والبسطاء فما بالنا بالمفكرين والمثقفين والمهتمين والمتابعين لهذه القضية أو تلك، وكما هو الحال تخبط في إعلامهم وفي أهدافهم على الأقل المعلنة من العدوان على اليمن ‘وكذلك أوجه سؤالاً للمعنيين والقائمين على وسائل الإعلام السعودي المختلفة مفاده: ما الذي تغير حتى تتحدثون عن الدفاع عن النفس وتهملون ما سبق واعلنتم عنه مراراً وتكراراً من إعادة الشرعية الى اَخر ما هناك من الأسطوانة المعروفة، وهل طائرات اليمن هي من تحلق في سماء المملكة وتقصفكم والحصار عليكم من جميع الجهات حتى تدافعون عن أنفسكم وعن المقدسات الإسلامية وتحشدون لذلك سياسياً وإعلامياً وعسكرياً؟!