في خطابه بمناسبة العيد الـ53 لثورة 14أكتوبر المجيدة:

الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح يؤكد قدرة الشعب اليمني في الانتصار على قوى الغزو والعدوان

ثورة 14 أكتوبر كانت ضرورة ملحة لإنقاذ شعبنا من الاستعمار واضطهاده لأبناء اليمن

الثورة/
أكد رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام رئيس الجمهورية الأسبق الزعيم علي عبدالله صالح قدرة الشعب اليمني وأبطال جيشه ولجانه الشعبية في الانتصار على قوى العدوان والاحتلال كما انتصر في السابق على كل المؤامرات والدسائس التي حاكها الأعداء لإجهاض الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر.
وأضاف في خطاب وجهه إلى الشعب اليمني مساء أمس الأول بمناسبة حلول العيد الـ53 لثورة الـ14من أكتوبر المجيدة “لقد كانت ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م ضرورة وطنية مُلحّة لإنقاذ شعبنا من نير الاستعمار واستبداده واستغلاله واضطهاده لأبناء اليمن الأحرار، كما كانت ثورة 26 سبتمبر 1962م حتمية تاريخية فرضتها ظروف الانغلاق والظلم والاستبداد الإمامي الذي كان جاثماً ومتسلّطاً على شعبنا أكثر من ألف عام، واستطاع شعبنا بالثورة السبتمبرية القضاء على الحكم الإمامي الكهنوتي، وإقامة النظام الجمهوري”. –
وأضاف :إن ما يحز في النفس أن يحل العيد الـ53 لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة، وأن يحتفل به شعبنا والأحزان تعتصر القلوب.. والآلام تسكن النفوس.. والكآبة تخيِّم على أجواء الوطن، نتيجة استمرار تصاعد العدوان الغاشم والآثم الذي يشنه نظام آل سعود ومن تحالف معه ومن يدعمه، وارتكابه لمجازر الإبادة الجماعية في حق اليمنيين الأبرياء، والتي كان آخرها وأكثر بشاعة ورعباً محرقة الصالة الكبرى في العاصمة صنعاء التي كان يتواجد فيها مئات الأشخاص الذين توافدوا إليها لتقديم واجب العزاء في وفاة أحد مناضلي الثورة اليمنية وأحد مشائخ وأعيان اليمن، وتم استهدافهم وهم داخل وخارج الصالة بأربع غارات جوية أُستخدم فيها أنواع من الصواريخ المحرقة والأشد فتكاً وتدميراً والمحرّم استخدامها دولياً، والتي راح ضحيتها أكثر من سبعمائة شهيد وجريح، بالإضافة إلى أن هذا العدوان قد قتل خلال مايزيد عن 18 شهراً الآلاف من الأطفال والنساء والشباب والشيوخ.. والعجزة والمرضى وذوي الإحتياجات الخاصة بدون أي وجه حق، وبدون أي رحمة أو خوف من الله جلّت قدرته، ودون أي مراعاة لحق الجوار وأواصر القربى ووحدة العقيدة والمصير، إلى جانب تدميره لآلاف المساكن على رؤوس ساكنيها ولكل مقدرات الوطن ومكاسبه التنموية وآثاره ومعالمه التاريخية.
وأشار الزعيم صالح إلى أن عظمة ثورة الـ14 من أكتوبر الخالدة التي نحتفل بعيدها الثالث والخمسين لا تتجسّد فقط في أنها استطاعت أن تقاوم المستعمر بالعمل الفدائي والكفاح المسلّح وتجبّره على الرحيل من أرضنا اليمنية، وأن تحقق الاستقلال الوطني الناجز لشطرنا الجنوبي من الوطن، وإنما تتجلى عظمتها أكثر في استطاعتها وقدرتها على أن تقيم نظاماً وطنياً جمهورياً ديمقراطياً حُرّاً على أنقاض أكثر من 23 إمارة وسلطنة ومشيخة كان الاستعمار قد عمل بكل جهده وبما يمتلك من القدرات والإمكانيات والقوة والسطوة على إنشائها وتجذيرها في واقع حياة شعبنا، مغذياً لنزعاتها الانفصالية لتكون نواة لدولة الجنوب العربي التي كان يُراد لها أن ينسلخ شطرنا الجنوبي عن هويته الوطنية اليمنية ويتخلّى عن انتمائه لموطن الحضارة والأصالة والأمجاد.. وأن تكون دولة الجنوب العربي عائقاً للمشروع الوطني في إقامة النظام الجمهوري الديمقراطي الحُرّ.. وإجهاض أي عمل وحدوي.. من شأنه التسريع في تحقيق الوحدة اليمنية كهدف استراتيجي سام للثورة اليمنية.. ولكن إرادة الثورة وإصرار الثوّار الصادقين أفشلت كل تلك المخططات الاستعمارية السلاطينية التي لم يكن لها أي هم سوى بقاء اليمن ممزقاً ومتشظياً..
وبرغم ذلك فقد انتصرت الثورة وحققت أهدافها وفي مقدمتها قيام النظام الوطني الجمهوري الديمقراطي.. وفي إعادة تحقيق الوحدة اليمنية التي ارتفع علمها شامخاً في مدينة عدن الباسلة يوم الـ22 من مايو عام 1990م إيذاناً بإعلان قيام الجمهورية اليمنية على أنقاض النظامين الشطريين السابقين.. والتي فاجأ بها اليمنيون العالم كله، حيث جاءهم النبأ اليقين والفعل اليمني الناجز بتوحيد وطنهم في ظل نظام واحد، وفي وقت كان فيه العالم يتمزّق وتتشظى كثير من دوله.
واستطرد: لقد كانت ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م ضرورة وطنية مُلحّة لإنقاذ شعبنا من نير الاستعمار واستبداده واستغلاله واضطهاده لأبناء اليمن الأحرار، كما كانت ثورة 26 سبتمبر 1962م حتمية تاريخية فرضتها ظروف الانغلاق والظلم والاستبداد الإمامي الذي كان جاثماً ومتسلّطاً على شعبنا أكثر من ألف عام، واستطاع شعبنا بالثورة السبتمبرية من القضاء على الحكم الإمامي الكهنوتي، وإقامة النظام الجمهوري.. وحكم نفسه بنفسه، وخاض اليمنيون جميعاً وخاصة أولئك الذين هبّوا من الضالع ولحج وعدن وشبوه وأبين وحضرموت، لخوض معارك الدفاع عن الثورة والجمهورية في كل جبهات القتال، وضحى الكثير منهم بأرواحهم ودمائهم فداء لثورة 26سبتمبر.. وهي نفس اللوحة الوطنية الرائعة التي تجسّدت في ملحمة الكفاح المسلّح والعمل الفدائي ضد المستعمر البريطاني البغيض حين هب كل أبناء الوطن من الشمال والجنوب لدعم ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة، وهو ما جسّد في الواقع وفي الفعل التلاحم القوي بين ثورة 26سبتمبر الأم ووليدتها المنتصرة ثورة 14أكتوبر، التي انطلقت شرارتها الأولى وبعد عام فقط من قيام ثورة سبتمبر، لتعلن الكفاح المسلّح ضد المستعمر البريطاني من جبال ردفان الأبية بقيادة الشهيد المناضل البطل راجح غالب لبوزة..
لقد عزّز تلاحم الثورتين قوة ووحدة شعبنا وكل فصائل العمل الوطني رغماً عن إرادة قوى الاستعمار والإمامة والسلاطين والمستوزرين وقوى الرجعية العربية الكهنوتية وفي مقدمتها النظام الرجعي الكهنوتي في السعودية التي تآمرت على شعبنا، ولازالت، وأرادت وأد الثورة وإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، ولكنها لم تتمكن من تحقيق أهدافها العدوانية نتيجة صلابة وصمود شعبنا وقواته المسلحة والأمن والمقاومة الشعبية وكل فصائل العمل الوطني الذين استماتوا جميعاً وخاضوا ملاحم أسطورية من معارك الفداء والتضحية في مواجهة العدوان السعودي، ومع ذلك ونتيجة لهزيمة النظام السعودي وفشله في القضاء على الثورة يحاول اليوم من خلال عدوانه الظالم على بلادنا إعادة الكرّة من جديد والتآمر على اليمن أرضاً وإنساناً، بل والاعتداء عليه وقتل أبنائه وتدمير مقدراته.
وقال :إن انتصار الثورة اليمنية الخالدة (26سبتمبر و14أكتوبر) بتحقيق الاستقلال في الـ30 من نوفمبر عام 1967م.. وبدحر حصار السبعين يوماً يوم 8 فبراير 1968م وإلحاق الهزيمة النكراء للأعداء الذين وصلوا إلى أبواب صنعاء، قد عزّز من انتصار الثورة ورسوخ النظام الجمهوري، كما عزّز من تلاحم الثورتين وقوّى عزيمة اليمنيين الأحرار وشكّل اللبنة الأساسية والخطوة الأولى في مسار النضال الوحدوي الذي تتوج بإعادة تحقيق الوحدة اليمنية يوم الـ22 من مايو عام 1990 التي ارتفع علمها شامخاً من مدينة عدن الباسلة.
وأضاف قائلاً: وسيظل شعبنا اليمني الأبي يذكر بكل الفخر والاعتزاز لأولئك المناضلين الشرفاء والثوّار الأحرار عطاءهم الكبير ونضالهم الجسور من أجل عزّة وكرامة وشرف الوطن والشعب، لم تؤثر عليهم كل أنواع الإغراءات وبريق المال المدنّس الذي أثر على البعض من أولئك الذين كانوا محسوبين على الثورة والذين كانوا يتشدقون بالوطنية والتقدمية ويزايد على الآخرين بأنه يمتلك تاريخاً نضالياً حافلاً بالعمل الوطني وبالتضحيات، بينما هم في حقيقة الأمر عناصر مدسوسة على ثورة سبتمبر وأكتوبر، وكانوا عناصر استخباراتية سواءً بريطانية أو سعودية أو غيرها من أجهزة المخابرات الإقليمية والدولية، وهاهم اليوم يعودون إلى المربع الأول كمخبرين وعملاء لا رأي لهم ولا قرار بأيديهم سواءً قرارات الحرب أو السلم، فهم عبارة عن عملاء موظفين يؤدون دوراً مرسوماً لهم ضد وطنهم وشعبهم، يحددون الأهداف التي يقوم العدوان بضربها ويقدمون الإحداثيات إلى غرفة عمليات العدوان الموجودة في الرياض، ولهذا فشعبنا اليمني يعرفهم حق المعرفة بأنهم أشد خطراً على الوطن من أعداء الوطن، لا هم لهم سوى التربّع على كراسي السلطة ولو على جماجم وأشلاء اليمنيين الأبرياء وعلى أنهر من الدماء الزكية التي يسفكها العدوان كل يوم بتعاون أولئك المأجورين الذين تجردوا من كل القيم والأخلاق، وباعوا ضمائرهم وذممهم للشيطان..
أمَّا أولئك الثوّار الحقيقيون والمناضلون الصادقون لم يغيروا مواقفهم أو يتنكّروا لمبادئ وقيم الثورة والوحدة.. أو يخونوا دماء الشهداء والجرحى أو يتنكّروا لماضيهم الوطني الناصع.
وفي نفس الوقت فإنه من المخزي والمخجل أن يأتي هذا العيد الـ53 لثورة أكتوبر المجيدة التي حققت لشعبنا الكثير من الطموحات والآمال وفي مقدمتها التحرّر من الاستعمار، وهناك من الذين كانوا يزايدون على شعبنا بأنهم هم من صنع الثورة، ومن خاض الكفاح المسلّح وشارك في قيادة العمل الفدائي ضد الاحتلال، قد تنكّروا للثورة وتخلّوا عن مبادئها وقيمها، وتنكّروا أيضاً لتضحيات الشهداء.. وأصبحوا في مزبلة التاريخ، لأنهم اختاروا أن يكونوا في صف الأعداء الذين ناصبوا الثورة العِداء وتآمروا عليها منذ انطلاقتها، ووقفوا مع الأعداء متآمرين على إرادة ثورة أكتوبر وعلى شعبنا ونضاله من أجل الاستقلال والحرية والوحدة.
وأضاف الزعيم صالح:
إن أدعياء الوطنية والتقدمية والثورية الذين كانوا مدسوسين على الثورة واخترقوا صفوف المناضلين الحقيقيين قد استغلوا واستثمروا كفاح ونضال وتضحيات العمَّال والفلاحين والكادحين من أبناء شعبنا الذين اندفعوا بكل الإخلاص وبنكران للذات للدفاع عن الثورة ومكتسباتها واجترحوا المخاطر وشاركوا في العمل الفدائي بصدق من أجل أن يمتلكوا حريتهم وإرادتهم المستقلة وأن يتحرروا من استغلال وطغيان الاستعمار الذي أمعن في اضطهاد شعبنا وإذلاله والتنكيل به.. وتمكّن أولئك المدسوسون من القفز إلى مراكز السلطة الثورية العليا، مستغلين عرق الكادحين وجهودهم أكثر مما استغلها الاستعمار، ونالوا من الثورة والوطن مالم ينله المستعمر، لأن المندسين كانوا أخطر من الاستعمار، وكانوا أكثر خطراً على الثورة وأكثر فتكاً بها وأكثر إضراراً بالوطن والشعب.
وأردف قائلاً: واسمحوا لي أيها الإخوة والأخوات أن أحيي باسمكم في هذه المناسبة الوطنية الغالية كل الانتصارات المحقّقة التي يحرزها شعبنا في مختلف المجالات، وفي مقدمتها تلك الانتصارات العظيمة التي يحقّقها الجيش واللجان الشعبية بدعم من كل أبناء شعبنا الشرفاء في مختلف جبهات القتال المفروض على شعبنا، وفي الحدود والثغور، وهي الانتصارات التي أبهرت الكثير من المراقبين والمُحلّلين والباحثين العسكريين الإستراتيجيين بالنظر إلى الفارق الكبير في ميزان القوى بين إمكانيات بلادنا المتواضعة والمنعدمة أصلاً بسبب العدوان وبين ما تمتلكه دول العدوان من إمكانات عسكرية ومالية واقتصادية هائلة وما تحظى به من دعم كبير من قِبل قوى الهيمنة والاستكبار والإمبريالية والرجعية والاستعمار الجديد وهي المقارنة التي يستحيل إجراؤها نظراً للفارق الهائل والمذهل بين الطرفين.
وأكد صالح أن الدم اليمني الحُرّ لا يسقط ولا يمكن أن يسقط بالتقادم، وأن شعبنا حتماً سيقتص لنفسه وسيأخذ بثأره عاجلاً أمْ آجلاً، وأن تلك الدماء التي سُفكت والأرواح التي أُزهقت بفعل العدوان السعودي غالية وغالية جداً، لا يعوّضها أي مال مهما كان حجمه، فـ (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ).
وأشار إلى أن ما يتعرّض له شعبنا من حرب إبادة شاملة.. بسبب العدوان البربري الغاشم الذي يشنه نظام آل سعود والمتحالفون معه والداعمون له لايمكن أن يُثني اليمنيين الأحرار عن الدفاع عن وطنهم وتلقين الأعداء أقسى الدروس، لأنه يدافع عن عزّته وشرفه وكرامته وسيادته واستقلاله، وفي الوقت نفسه فهو شعب يحب السلام وينشد السلام له ولغيره ويعمل من أجل السلام، ويمد يده للسلام.
وأن أرواح ودماء ضحايا مجزرة الإبادة الجماعية.. والمحرقة المروّعة التي حدثت نتيجة لذلك الفعل الإجرامي المروّع لطائرات نظام آل سعود والدول المتحالفة معه، لاشك أنها قد أيقظت ضمير جزء من دول العالم التي استنكرت وأدانت هذه الجريمة البشعة.
مؤكدا أن الإرادة اليمنية الحُرّة ستظل قوية وشامخة شموخ جبال عيبان وردفان وشمسان ولن تنكسر مهما قدّم شعبنا من تضحيات.. ومهما تمادى العدوان السعودي في ارتكاب المجازر وجرائم الحرب، لأن ذلك لن يزيد شعبنا إلّا قوة وصلابة وإصراراً على تحقيق النصر.

قد يعجبك ايضا