دعت واشنطن ولندن إلى مراجعة مواقفها من العدوان
صنعاء / وكالات
المجزرة التي ارتكبت بحق المدنيين في العاصمة صنعاء ترددت اصداؤها في الصحف الغربية التي انتقد بعضها في الآونة الأخيرة استمرار الدعم العسكري الغربي وتحديداً الأمريكي والبريطاني للسعودية بعد سنة ونصف على عمليتها العسكرية في اليمن واستهداف المدنيين في أكثر من مرة.
استشرفت صحيفة “نيويورك تايمز” “تحولاً” في حرب اليمن في ضوء “الهجوم الذي أدى إلى مقتل أكثر من 100 شخص وأطلق العنان للقوى السياسية بما من شأنه تغيير مسار الحرب في اليمن على نحو جذري”.
وقال لوغنلي ألاي المحلل في مجموعة الأزمات الدولية التي تتابع الأحداث في اليمن “إن المذبحة في قلب العاصمة يمكن أن تعيق أي عودة إلى المفاوضات التي تهدف لإنهاء الصراع، مع حشد الدعم في الشمال للتصعيد ضد السعودية”.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمريكي كبير تحدث عن المداولات داخل الإدارة الأمريكية أنه “بعد سلسلة تحذيرات خاصة بشأن الغارات التي قتلت مدنيين، الهجوم الأخير هو الأكثر خطورة حتى الآن، والإدارة الأمريكية بحاجة لمراجعة الوضع”.
ولفتت “نيويورك تايمز” إلى أن “الولايات المتحدة لا تزود التحالف السعودي بمعلومات حول أهداف في اليمن لكنها تساعد السعودية في حراسة حدودها وتقوم بتدريب سلاح الجو السعودي وتزويده بالوقود” مضيفة إن “هذا هو الدعم الذي يمكن تقليصه بعد مراجعة سياسية”.
وفي سياق متصل نقلت عن السفير الأمريكي السابق في اليمن توماس كراجسكي قوله “إن الوضع في اليمن بات لا يطاق وعلينا تحمل مسؤولياتنا تجاهه” معتبراً أن الوقت حان لممارسة الولايات المتحدة الكثير من الضغط على السعوديين الذين “عليهم أن يدركوا أن هذه الحرب ليست لصالحهم إن لم يكن على الأرض ففي ساحة الرأي العام العالمي”.
بدورها توقفت صحيفة “إندبندنت” عند تعهد الحكومتين البريطانية والأمريكية بزيادة الضغط الدبلوماسي على حليفتهما السعودية في أعقاب قصف صالة عزاء مكتظة في العاصمة اليمنية صنعاء السبت.
ورأت الصحيفة البريطانية في “الهجوم الذي يعتقد على نحو كبير أن طائرات التحالف بقيادة السعودية هي التي نفذته والذي قتل أكثر من 140 شخصاً وأصاب أكثر من 600 آخرين” واحدة من “أعنف مجازر الحرب الأهلية في البلاد”.
وأشارت “اندبندنت” إلى ما عبرت عنه واشنطن بأن دعمها للسعودية في قضايا الأمن ليس “شيكاً على بياض” وتحذير بريطانيا من أن قرارها تصدير الأسلحة إلى الرياض المثير للجدل سيخضع لمراجعة مستمرة ودقيقة.
ونقلت في هذا الإطار عن المتحدث باسم الحكومة البريطانية “أن بريطانيا تأخذ مسألة تصدير الأسلحة على محمل الجد” مضيفاً “أن الاختبار الرئيسي لعملية تصدير الأسلحة المستمرة إلى السعودية هو معرفة ما إذا كان هناك خطر .
ودعت افتتاحيات وتقارير الصحف الأمريكية الصادرة أمس الأول إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لوقف إمداد السعودية بالأسلحة في حربها الدائرة على اليمن ، محملة واشنطن مسؤولية الهجمات التي يشنها التحالف في اليمن، وآخرها الهجوم على مجلس العزاء بالعاصمة صنعاء والذي راح ضحيته 700 شخص بين شهيد وجريح.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز في افتتاحيتها إن ” الضربات الجوية التي يشنها التحالف بقيادة السعودية والتي تسببت في مقتل 140 كانوا في مجلس العزاء تشير إلى أن الولايات المتحدة يجب أن توقف تواطؤها في الحرب التي تسببت في كارثة إنسانية في واحدة من أفقر دول العالم “، معتبرة أن الأمر في يد أوباما.
وتابعت : ” السعودية وحلفاؤها من دول الخليج يعتمدون على واشنطن في الأسلحة والمعدات والتدريب “.
وأشارت الافتتاحية إلى تأكيد الإدارة الأمريكية على أن دعمها للتحالف ليس شيكا على بياض، معتبرة أن الأمر حتى الآن مجرد كلمات صارمة أمام قائمة من هجمات التحالف ضد المدنيين والمنشآت المدنية والتي تعد بموجب القانون الدولي ليست أهدافاً عسكرية مشروعة.
وقالت إذا رفض السعوديون وقف المذبحة واستكمال المفاوضات بناء على تسوية سياسية، يجب على أوباما أن يوقف دعمه العسكري للمملكة وإلا ستتورط أمريكا أكثر في ما وصفته بجرائم الحرب.
وأشارت إلى أن أوباما باع للسعودية أسلحة تقدر إجمالا بـ110 مليارات دولار بينها مليار دولار للدبابات وأسلحة أخرى .
وختمت الافتتاحية بالقول إن اليمن على شفا الانهيار بينما يحتاج 80 في المائة من سكانها للمساعدات الإنسانية وتنظيم القاعدة أصبح أقوى من ذي قبل، وكلما طال أمد الحرب أصبح من الصعب إنهاؤها على حد قولها.
من جانبها شنت صحيفة هافينغتون بوست في افتتاحيتها هجوما عنيفا على السعودية ، وتساءلت في البداية كم تتكلف حياة الشباب اليمني؟ وأجابت ليست بالكثير بالنسبة للنظام السعودي الذي يقصف ويجوع اليمنيين منذ مارس 2015، كما أنها ليست بالكثير أيضا بالنسبة لداعميه بريطانيا وأمريكا واللتين تمدانه بالأسلحة والدعم اللوجيستي والتدريب والغطاء الدبلوماسي لحربه التي وصفتها بالقذرة.
وأضافت الصحيفة ” إن القيم والمبادئ والمصالح الغربية أصبحت تشترى بالنفط السعودي الرخيص وتسجيل أرباح من خلال صفقات أسلحة لواحدة من أشد الدول القمعية في العالم “.
وتابعت “هناك تواطؤ غربي وسكوت من جانب المجتمع الدولي فيما يطالب المئات الأمم المتحدة بتحقيق دولي ” .
ونقلت عن السيناتور الديمقراطي كريس مورفي إن ” الهجوم الأخير جاء بعد شهور من الهجمات على المدارس والمنازل والمستشفيات ” ، مضيفا ” إذا كانت الولايات المتحدة جادة عندما تقول إن دعمها للسعودية ليس شيكا على بياض فقد حان الوقت لإثبات ذلك، على الإدارة الأمريكية وقف الدعم للحرب السعودية على اليمن لأنها تضر بالأمن القومي الأمريكي وتسمح للمنظمات الإرهابية بقتل الأبرياء” .
وتابعت الصحيفة ” علينا مطالبة حكومتنا بوقف تسليح النظام السعودي ودعم المدافعين عن حقوق الإنسان داخل المملكة والذين يحاولون إصلاح حكومتهم بوسائل سلمية، لقد انتهى زمن المراجعات وبيانات الإدانة “.
وقالت ” أيدينا ملطخة بدماء اليمنيين فإذا كانت الدول الغربية تريد إظهار أنهم يقدرون حياة اليمنيين عن أرباح صفقات الأسلحة، يجب أن يوقفوا إمدادات الأسلحة والقنابل والدبابات والصواريخ وكل الدعم العسكري لها”.
واعتبرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز أن قصف مجلس العزاء قد يدفع إدارة أوباما لإعادة التفكير في دعمه الحرب التي تقودها الرياض وقد تجعل الدول الغربية تعيد فحص صفقات الأسلحة للسعودية.
ونقلت الصحيفة أيضا عن سيناتور ديمقراطي إن ” قصف مجلس العزاء لم يكن ليحدث لولا القنابل الأمريكية والتزود بالوقود من جانب أمريكا، كلنا مشاركون بشكل كامل وتام في الحملة العسكرية ويبدو الأمر سخيفا عند محاولة تبرئة أنفسنا من هذه الخسائر “.
فيما نقلت واشنطن بوست عن منظمة أوكسفام دعوتها لإنهاء الدعم الأمريكي للتحالف في اليمن ، وقال سكوت بول أحد مستشاري المنظمة ” إن الولايات المتحدة يجب أن تدفع بقوة نحو تسوية سياسية فلا يمكن أن تكون وسيطا للسلام وفي نفس الوقت وسيطاً للأسلحة ” .
واستبعد الباحث الأوروبي آدم بارون أن يؤثر القصف الأخير على العلاقات الأمريكية السعودية، وقال ” هذه ليست المرة الأولى التي نرى فيها مثل هذا القصف، وستظهر دعوات للتحقيق لكن العلاقات الاقتصادية والمالية بين السعودية وأمريكا وبريطانيا أقوى من حدوث أي شرخ فيها “.
وفي وقت سابق أعلنت أمريكا أنها بدأت عملية مراجعة فورية للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.