لو لم تكن السعودية

ضرار الطيب
سنفتح عمل الشيطان قليلاً ونفكر كيف سيكون الحال “لو” لم تكن طائرات العدوان هي من قصفت عزاء الصالة الكبرى .. لو إن القصف جاء من الطرف الآخر – مثلاً-
بالتأكيد ، لن تكتب “النوبلية” الحمقاء إدانة خجولة مفرغة من أي اتهام للجاني كما فعلت بعد المجزرة ، بل ستتحول كلها إلى إصبع اتهام ومكبر صوت مزعج يدين ويشجب ويطالب بالمحاكمة .
وبالتأكيد ، لن يضطر سخَرَة العدوان من صحفيين وكتاب وناشطين إلى الاختفاء وعدم الكلام ، ولن يتظاهروا بأن شدة الصدمة أكلت ألسنتهم ، بل سيمزقون قمصانهم من شدة الحماس والتأثر وستُبَحّ أصواتهم من شدة الصياح.
وبالتأكيد أيضاً لن تتوالى الاستنكارات الدولية القليلة والدرامية التي غرضها فقط إسقاط الواجب الأخلاقي ، لا أكثر .. بل سيأخذ كل صحفي كاميرته
وكل دبلوماسي حقيبته
وكل زعيم طائرته
وكل جنرال بزته العسكرية
ورأساً إلى الرياض ، ليعلنوا جميعاً أن هذه أكبر مجزرة حدثت في القرن. وأنهم مستعدون لفعل أي شيء ضد الجاني .
إنها فعلاً أكبر مجزرة ، ولكن كل ما في الأمر أن تحالف آل سعود هو من ارتكبها ، ولأننا في عالم وقح ، ينظر إلى هوية القاتل قبل إصدار الحكم .. سكت الجميع .
لم يأت الصحفيون ولم يتكلم الدبلوماسيون .. لم يتحدث أحد ، سوى أهالي الضحايا الذين كانت أغلب كلماتهم تقتضي السؤال عن ذويهم المفقودين في المجزرة ، أو الشكوى وبث الحزن .
لأن السعودية هي من ارتكبت المجزرة ، نام العالم كله مبكراً ، ومن لم يستطع النوم شغل نفسه بشيء آخر .. وكان هناك بالطبع من يتفرج ضاحكاً وشامتاً .. فقط لأن السعودية هي الفاعل.

***
لتذهب كل المنظمات الحقوقية إلى الجحيم ، ولتذهب حقوق الإنسان ومواثيق الأمم المتحدة والأعراف الدولية كلها إلى الجحيم .. هذا العالم الوقح الذي يهتز لأبسط كذبة ممولة بالنفط الخليجي ، لا يستحق الاحترام ، ونحن لا ننتظر إدانة من أحد ، ولا نريد الاستعطاف ، فالعالم كله ، ومنذ اليوم الأول من العدوان على اليمن كان مشاركاً بتأييده وصمته، وهذا ليس أول اختبار يضعه الدم اليمني أمام إنسانية المجتمع الدولي المنافق.
سنثأر لأنفسنا ، وعندما يطلب منا العالم هويتنا “النفطية” ليجاملنا ، سنرفع له أشلاء ضحايانا ، وإن لم يقتنع ، سنرفع بنادقنا ، وإلى آخر رصاصة ، إلى آخر رجل ، إلى آخر شتيمة .. سنصمد .
لا نحتاج تضامن أحد ، ولا عطف أحد ، وإذا كان هذا العالم يفكر في عمل شيء يعيد هيبته أمامنا فليتركنا ، وليكف فقط عن أن يكون سجادة حمراء تحت نعال آل سعود .

قد يعجبك ايضا