السلام عليكم .. من صعدة

أحمد يحيى الديلمي

من جبال مران .. إلى مثلث عاهم
* الشهيد الحي .. وإعلام الزيف
قبل الانطلاق في الحديث عن رحلة الموت وما رافقها من أهوال ومفاجآت نتحدث باقتضاب عن مشهد هام فضح إعلام الأعداء المأجور وجعل مصداقيته على المحك ، عقب الزيارة لمعسكر اللواء 72 المرابط في  أعلى قمة بآل عمار تركنا الطقم الذي صعدنا عليه أنا والعميد يحيى المهدي مدير عام دائرة التوجيه المعنوي والعميد أمين الحميري قائد المحور قائد الشرطة العسكرية انتقلنا إلى وسيلة أخرى وبعد أقل من ربع ساعة حلقت طائرة في السماء وأرسلت صاروخاً إلى نفس الطقم حولته إلى خبر كان وكانت النتيجة استشهاد المقدم الخلقي وأربعة جنود كانوا في طريقهم إلى المدينة بغرض التسوق ، لحق بنا إلى الفندق العميد صالح السحامي قائد اللواء ينقل إلينا الخبر المؤلم . في تلك الأثناء حضر أحد أعضاء القافلة يخبرنا بحزن بنبأ استشهاد العميد السحامي وفق المعلومة التي بثتها قناة الحدث الأكبر التي وضعت المعلومة في شريط الأخبار العاجلة كأنها تزف إلى مشاهديها انتصار هام تلعثم الرجل وتراجع إلى الخلف شاهد المرحوم المزعوم جالس أمامه رغم حالة الحزن المسيطرة على الجميع بفعل الحدث المؤلم إلا أن الضحك كان سيد الموقف وفي المقدمة العميد السحامي الشهيد الحي كما سمى نفسه . الموقف أعاد إلى أذهاننا مئات الأخبار الزائفة وما رافقها من تبشير بانتصارات وهمية وقوافل إغاثة لا وجود لها إلا في ذهن من حررها أو المذيع الذي أفصح عنها، أرقام مهولة وانتصارات زائفة لن أستغرق في الحديث عنها وأعود إلى سياق الموضوع .
عندما تصل إلى جبال مران وتقف أمام ضريح الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه تحس بالرهبة والشموخ والعظمة رغم أن طائرات العدوان استهدفت المشهد بأكثر من غارة وفق ما تنبأ به قائد المسيرة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في زمن مبكر، فلقد وجه ببناء مشهد الضريح من الفيبركلاس، مؤكداً أنه سيتم استهدافه مع ذلك فإن مسيرة المرحوم ودوره الريادي الذي جعله مثاراً للجدل أكسب المكان قدسية خاصة لا مناص من الإحساس بها حتى من قبل أعدائه إذ يكفي  أن الرجل ألهم آلاف اليمنيين إلى معاني الحرية والعزة والكرامة .
هذا ما بات محسوساً على طول الطريق المتعرج من جبال مران إلى مدينة الملاحيظ التي دمرها المعتدي بحقد وجبروت ، وحولها إلى أطلال على طول الطريق وسط تحليق مكثف من طائرات العدوان  التي تتعاقب على المكان على مدار الساعة تسمع أصوات رجال الرجال ” موهوا – انتشروا ” الكل يبدي حرصاً شديداً على حياة كل إنسان، لأن الطائرات تستهدف كل شيء يدب على الأرض فقد، شاهدنا بقايا حيوانات متفحمة بفعل الصواريخ التي تقذفها الطائرات هذا الأمر تغير تماماً عندما وصلنا إلى تقاطع طريق عاهم المزرق .
أشتد الخطر لم يعد يتوقف على غارات وصواريخ الطائرات بحسب توجيه الدليل توقفنا تحت الأشجار نلتقط الأنفاس خلال أقل من نصف ساعة يتم استهدافنا بسبعة عشر صاروخاً من مواقع المرتزقة والعملاء إلا أن البشرى كانت كبيرة عندما تصاعدت حدة الاشتباكات بين الأبطال رجال الرجال من صناديد اللجان الشعبية و الجيش وبين فلول المرتزقة المرابطين في نفس المواقع ولم تمض سوى ساعات وإذا بأحد المرافقين يزف إلينا البشرى ” اطمئنوا تم دحر العملاء والمرتزقة من نفس المواقع التي أمطرتكم بالصواريخ .

* دروس هامـــــــــــــة
رغم أننا لم نمض في المكان سوى ساعات إلا أننا خرجنا بدروس هامة أولها الإحساس بعظمة المجاهدين من يواجهون أشرس عدو همجي حاقد صلف بأقدام حافية إلا أن رؤوسهم مملؤة بالشموخ  و الإباء من خلال الأحاديث الخاطفة مع من ألتقينا بهم تدرك إنك أمام  إنسان صاحب قضية يؤمن بعدالة القضية التي قاتل من أجلها وأن عقيدته العسكرية معززة بمفاهيم إيمانية وصفات جهادية كإطار تنظيمي عملياتي يشرعن للفعل ويحدد الغاية العسكرية كأساس لإستلهام ما تتطلبه من فنون قتالية تقلل الخسائر البشرية وتصنع الانتصارات الخاطفة .
فكرة الجهاد في سبيل الله للدفاع عن الأرض والعرض عززت روح الاستبسال واسترخاص التضحية من أجل الوطن والدفاع عنه . الإيمان الصادق كأهم محور لامتلاك الإرادة الفولاذية القوية .
أي أن القوة الجسدية الكامنة في أعماق كل مقاتل بمعناها المادي المتصل بالوطن تعضدها قوة روحية مبعثها صدق الإيمان والارتباط بالخالق سبحانه وتعالى كأهم مؤهلات تجعل المقاتل اليمني يكتسب الوعي العسكري المتقدم ويحيط بأسرار الحرب الدفاعية . هذه المعاني والصفات العظيمة كانت مبعث الشموخ وقوة البأس ومن ثم تحطيم معنويات الجنود السعوديين والاماراتيين ومن تحالف معهم من شذاذ الآفاق تجار حروب الخارج أو مرتزقة وعملاء الداخل بما في ذلك شركات المقاولات الدولية التي قهرها الصمود البطولي لأبطال اللجان الشعبية والجيش لم تصمد طويلاً أمام ضربات رجال الرجال انسحبت رافضة كل المغريات والعروض النقدية السخية من قطر والسعودية والإمارات.
هنا تكمن الفوارق الجوهرية بين المقاتل اليمني والمقاتل التابع لقوات العدوان الأخير بلا قضية يوجه قتاله وتضحياته لنصرة الملك ونظام الحكم وفق نص القسم الذي يؤديه المقاتل حتى دعوى الانتصار للدين فإن المقاتل يتلقاها بشكل مغلوط بإقناعه أنه يقاتل مجوساً وروافض كفار مارقين ارتدوا عن الدين ويعتبره انتصاراً للعقيدة، الفوارق السابقة هي التي أسقطت وتسقط المعتدين في بحور هزائم متعاقبة أخلاقية ونفسية قبل أن تكون عسكرية .. قوة إرادة وشجاعة المقاتل اليمني تغلبت على الفوارق الكبيرة في القوة العسكرية وامتلاك الغطاء الجوي المتطور  وامتلاك الأعداء لأحدث الأسلحة التي أنتجتها المصانع العسكرية في كل الدول المتقدمة إلى جانب الوفرة المالية إلى حد التخمة التي أشترت الضمائر وألجمت دول العالم إلا أن رجال الرجال الأبطال الصناديد دحروا كثيراً من الأوهام وأسقطوا التصورات الخاطئة فلقد تكبد الأعداء خسائر كبيرة في البشر والآليات والمعدات التي تواجه في أغلب الظروف بأسلحة تقليدية وأحياناً شخصية، لأن المقاتل اليمني يؤمن أنه يقاتل لتحقيق غايتين لا ثالث لهما :
* النصر ودحر المحتلين انتصاراً للوطن والعقيدة .
* الفوز بالشهادة وما يتصل بها من نعيم مقيم .
النصر المؤزر والعزة لأبطالنا الميامين الهزيمة والخذلان للمحتلين والخونة من العملاء والمرتزقة وإن شاء الله قريباً سيظفر الشعب بالنصر المبين  .
نسأل الله عز شأنه الرحمة للشهداء والشفاء العاجل بإذن الله للجرحى ولا نامت أعين الجبناء .

قد يعجبك ايضا