الأمم المتحدة ومواقفها الخجولة في الملف اليمني
سارة عبد الغفور المقطري
تخجل الأمم المتحدة ان تعلن فشلها في تعزيز المبادئ التي قامت على أساسها فمنذ ان أنشئت بعد الحرب العالمية الثانية وبعد اعتراف عصبة الأمم المتحدة فشلها في تحقيق الأمن والاستقرار لشعوب العالم راهنت هذه المنظمة على الأمن والسلام والحيلولة دون نشوب نزاعات بين الدول أو اجتثاث الفقر والبؤس على نحو يسمح للإنسانية بالعيش في كنف الحدود الدنيا من الرفاه والكرامة.
فقد فشلت في حل القضية الأم القضية الفلسطينية علما أن مئات القرارات صدرت عن هذه المنظمة لكنها ظلت حبراً على ورق ولا يمكنها اليوم التنصل من مسئولية الفشل في سورية واليمن والعراق وافغانستان وغيرها من المدن العربية والعالمية .
ففي اليمن مارست الأمم المتحدة في الستينيات دوراً مشبوها خلال الحروب التي عاشتها في تلك الحقبة .
وعلى غرار الصراع الدائر اليوم في اليمن، والذي دفع بقوى إقليمية، على رأسها السعودية، إلى التدخّل، لم يقتصر الأمر على المشاركة في حرب الستينات، حيث تدخّلت قوى عربية، لكن بشكل مختلف عن تدخل اليوم.
فقد انقسم التدخل العربي آن ذاك إلى جبهتين: الجبهة الأولى كانت تقودها مصر التي دعمت ثورة الضّباط الأحرار اليمنيين، والجبهة الثانية كانت بقيادة السعودية التي دعمت النظام الملكي المتوكّلي.
وفي غضون أشهر من بدء القتال، طلب الأمين العام للأمم المتحدة، في ذلك الوقت، الراحل يو ثانت من الدبلوماسي الأميركي رالف بانش، أن يكون مبعوثه الخاص إلى اليمن.
كانت بعثة الأمم المتحدة للمراقبة في اليمن، في تلك الفترة، محكومة منذ البداية بأهداف سياسية غير واقعية وظروف صعبة وغير مألوفة.
حيث منع المبعوث الأممي رالف بانش من الحديث إلى قوى المعارضة القبلية التابعة للإمام محمد البدر، وبدلا من أن تسعى البعثة الأممية للحفاظ على السلام، اقتصر دورها على مراقبة انسحاب القوات المصرية ووقف الدعم السعودي للقبائل الشمالية. وانسحبت بعثة الأمم المتحدة في اليمن في سبتمبر عام 1964 بعد أن قضت 14 شهرا فقط في البلاد.
وغداة الربيع العربي استهلت الأمم المتحدة دورها بالنسخة اليمنية برؤى من خلال مؤتمر الحوار الذي طال امده متضمنا عناوين كالفيدرالية في وضع غير مستقر تشهده البلاد .
خمسة وثلاثون رحلة مكوكية لجمال بن عمر عجز فيها عنا يجاد حل سريع لما يجري في البلاد لتأتي بعد ذلك استقالته في 16 من ابريل بعد اربع سنوات من محاولاته للعب دور جديد في البلاد.
وفي أثناء الحرب التي دقت طبولها في عام 2014وتشهد اليوم اوجها فرضت السعودية ومن خلفها أمريكا ورعاية اممية تدخلاً عسكرياً خارجياً في اليمن فكانت ما يسمى بعاصفة الحزم .
قامت الأمم المتحدة بردة فعل مباشرة بإصدار بيان يدعم شرعية هادي الرئيس اللاشرعي للبلاد ومدعية ان المفاوضات لاتزال الخيار الوحيد لحل الازمة اليمنية .
وكان القرار2216 هو الفزاعة التي استخدمتها دول العدوان ومن معهم لفرض الوصاية على البلاد من خلال فرض عقوبات تمثلت في تجميد ارصدة وحظر السفر لبعض من الشخصيات ومنح الدول المجاورة إليه بتفتيش الشحنات المتجهة من والى اليمن
كما قامت بدعوة الاطراف اليمنية للمشاركة في مؤتمر الرياض تحت رعاية مجلس التعاون الخليجي ذلك المجلس الذي بارك قتل اليمنيين وصادق على كل قطرة دم نزفت .
كان هذا القرار ذريعة السعودية التي طالما اعتبرت اليمن حديقتها الخلفية للحصار والعدوان على البلاد وتوسيع الحرب في اليمن وقد تجاهل القرار أسساً تضمنتها مواثيق الأمم المتحدة متعلقة باحترام سيادة البلاد وعدم التدخل في شؤون الدول أو الاعتداء على اراضيها.
غير أن المشاورات التي أفضت إلى لقاء جنيف1 في منتصف يونيو 2015م، كانت بإدارة من قبل المبعوث الدولي الجديد لليمن اسماعيل ولد الشيخ، الذي تم تعيينه في نهاية إبريل 2015، بعد أن قدم المبعوث السابق جمال بن عمر استقالته إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بسبب الضغوط السعودية.
وكان الرضوخ والسقوط الأكبر للأمم المتحدة من خلال إعلان الأمين العامّ للأمم المتحدة قبول الاعتراض السعودي على إدراج التحالف السعوديّ على قائمة الدول التي تنتهك حقوق الأطفال و قتله خمسمئة طفل يمنيّ في الغارات واستخدام القنابل العنقودية.
وقد نقل عن مسؤولين في الأمم المتحدة أن الرياض وجهت تهديدات بوقف مساهمتها في برامج المنظمة الدولية على خلفية وضع التحالف بقيادة السعودية على اللائحة السوداء لقتل الأطفال.هذه الخطوة لاقت استهجان واستنكار العديد من المنظمات الحقوقية والدولية حيث قالت هيومن رايتس ووتش إن اللائحة السوداء التي تصدرها الأمم المتحدة فقدت مصداقيتها بعدما باتت خاضعة للتوجيه السياسي.
ورأت أنها لطخت موروث الأمين العام في مجال حقوق الإنسان وإن عودة الأمم المتحدة عن قرارها فشل معنوي ويناقض كل القيم والمبادئ التي من المفترض أن تقوم عليها المنظمة الدولية.
وباتت اليوم الأمم المتحدة أداة سهلة التحريك صوب مصالح تلك القوى التي تنهش في جسد الأمم والشعوب ولم يعد للأمم المتحدة من دور يمكن البناء عليه.
فأما ان تعيد قراءة مواقفها وتعيد ترتيب بيتها الداخلي بما يتناسب مع المبادئ التي قامت من اجلها , وتعيد التموضع في الخارطة الإنسانية أو ان تعلن فشلها في حفظ الامن والسلم العالمي كما اعلنت عصبة الأمم المتحدة ذلك بعد الحرب العالمية الثانية وبذلك تكون قد حافظت على ما تبقى من ماء وجهها ومن وجه الإنسانية ككل.