حرب الشعب
ضرار الطيب
لم أعرف أن أبناء الشعب اليمني قد تفاعلوا من قبل مع أي موقف بمثل تفاعلهم في الوقوف ضد العدوان السعودي ، وهو ما يدل أن القضية أكبر مما تتخيلها السياسة بكثير.
عندما يقدم المواطنون خيرة أبنائهم للقتال، ويُلحقون بهم قوافل دعم ضخمة ، وبدون أي مقابل سياسي أو مادي سوى الوقوف ضد العدوان فهذا يعني أن الوعي الشعبي قد بلغ منتهى الكمال وأن العدو يجب أن يفكر مليون مرة قبل أن يتوهم الانتصار ، أو يُقدم على أي خداع سياسي.
المكر السياسي يخدع أصحاب المصالح وذوي المقاييس الضيقة في تفكيرهم بالوطن ، أما من يضحي بكل شيء رامياً بكل المخاوف أرضاً فهو من يجبر السياسة على التشكل كما يشاء.
حاول النظام السعودي إعلامياً وسياسياً أن يغيب الدور الشعبي في هذه الحرب ، ليقنع نفسه أولاً بإمكانية تحقيق انتصار ما هنا أو هناك ، حيث عمد إلى إظهار أطرافاً محددة للحرب، وربما لو كان الأمر كما يظن هو لكان قد حقق شيئاً .. غير أن المشكلة الأكبر التي واجهها هي أن الشعب اليمني هو من له الكلمة العليا على كل السياسات والحسابات الأخرى.
في الجبهات يقاتل الشعب متطوعاً بنفسه ، وفي الميادين والساحات يخرج ليشكل قراره السياسي وينصب قيادته ، وحتى في المجال الاقتصادي .. يبادر الشعب ليدعم اقتصاده بكل جهده رغم الظروف السيئة ، هل يفكر آل سعود أن شعباً كهذا يمكن الالتفاف عليه بمبادرات سياسية وحوارات أو يمكن تركيعه بالقصف والقتل؟.
لا يستطيع أحد أن يراهن على أسرة أو مملكة أو تحالف في مقابل شعب يريد التحرر ، والشواهد التي قدمها اليمنيون على ذلك أوضح من أن نشرحها عسكريا وسياسيا واقتصادياً ، وقد أضاء المصباح لذي عينين ، ولكن الغباء يعمي ويصم .
لن نأمل أن يراجع آل سعود حساباتهم ، فقد فات الأوان كثيراً وعلى الجميع فقط أن يراقبوا كيف ينتصر الشعب ، ويتطاير كل ما في الكفة الأخرى من سلاح وأموال وسياسات وحلفاء.