السعودية .. بين الكبر والعناد والتعايش مع الواقع اليمني!!

معروف درين

إن المتأمل والمتابع لتصريحات الساسة السعوديين وخصوصا تلك المتزامنة مع بدء العدوان على اليمن في مارس 2015م يدرك مدى التخبط والتناقض والعشوائية في هذه السياسة وهذه التصريحات والبون الشاسع بينها وبين ما يجب أن يكون على أرض الواقع, نعم السعودية تعمل منذ نشأتها على تدمير اليمن وتسعى الى عدم استقرارها بشتى الصور غير أن طلب هادي لها بالمساعدة مثل لها فرصة ذهبية لتنفيذ مآربها وتحقيق أهدافها الشيطانية في اليمن وهذا ما رأيناه من خلال قصف واستهداف المصانع والمدارس والطرق والجسور والمستشفيات وكل المنشآت الحيوية ومشاريع البنى التحتية منذ بداية العدوان وحتى اللحظة.
فإذا كانت السعودية التي تقود التحالف وتموله قد حددت الأهداف الرئيسة من التدخل في اليمن والمتمثلة بإعادة الشرعية المزعومة بشخص هادي ومن فرّ معه الى فنادق الرياض ومحاربة المدّ الفارسي, فإنها اليوم وبعد مرور قرابة العام والنصف لا تزال تكرر نفس الأسطوانة المشروخة ونفس التصريحات رغم علمها المسبق ويقين ساساتها أن عودة هادي الى حكم اليمن تعد من سابع المستحيلات وأنه لا وجود لإيران في اليمن وأن الحسم العسكري في اليمن غير ممكن رغم فارق الامكانيات والمعطيات في الميدان تؤكد ذلك, وإذا كانت هذه الاهداف المعلنة من قبل حكام المملكة العربية السعودية لتبرير تدخلهم السافر وتدمير كل مقومات الحياة في اليمن, فإننا نتساءل بأي شريعة تتعاملون وعن أي شرعية تتحدثون وأنتم تدمرون وطنا لأجل شخص؟!
صحيح أن أبناء اليمن استمروا لفترة طويلة يدافعون عن أرضهم وعرضهم واستجابوا لدعوة الأمم المتحدة سواء جنيف1وجنيف2 أو مفاوضات الكويت التي لم تنتج شيئاً سوى مزيداً من القصف والدمار والمجازر حتى المستشفيات والمرضى لم يسلموا من ذلك، حيث ظلت قوى العدوان تقصف وتدمر بالتزامن مع جلسات الحوار والمفاوضات التي كانت بالنسبة لتحالف الشر على اليمن بمثابة لفتٌ للأنظار وتظليل للرأي العام العالمي, حينها وبعد فشل كل المساعي وظهور العدو على حقيقته تغيرت المعادلة وانتقل أبطال اليمن وأحرارها من حالة الدفاع عن النفس إلى حالة الهجوم وهذا ما يسطره رجال الرجال في ما وراء الحدود بإمكانياتهم المتواضعة وشجاعاتهم العالية وإيمانهم المطلق بقضيتهم العادلة.
المهم أثبت اليمنيون حسن النية واستجابوا لكل دعوات الحوار وظلوا بدون حكومة لعل وعسى تتحقق المصالحة, بيد أن الطرف الآخر لا يملك قراره وليس لديه الجدية والشجاعة الكاملة في حقن الدماء ووقف الحرب الظالمة على اليمن, وبعد طول انتظار تم توقيع الاتفاق السياسي بين المؤتمر الشعبي العام وانصار الله لسد الفراغ ونتج عن ذلك تشكيل المجلس السياسي الأعلى الذي ايده البرلمان في أول اجتماع له في العاصمة صنعاء، وأصبح المجلس السياسي بعد منحه الثقة من قبل البرلمان وأداء اليمين الدستورية هو الممثل الشرعي لليمن وقد شاهد العالم اجمع الحشود المليونية التي حضرت الى ميدان السبعين يوم 20 /8 /2016م لتأييد الاتفاق السياسي والمجلس السياسي الأعلى.
ولعل الغريب في الأمر هو عناد وتكبر حكام المملكة ووصف هذه الحشود العظيمة بالانقلابية وفاقدي الشرعية, ولنفترض جدلا أن الذين خرجوا إلى ميدان السبعين انقلابيون والأغلبية في البرلمان انقلابية فهل من المنطق أن نصف الاغلبية في البرلمان والأغلبية من أبناء الشعب اليمني بالانقلابيين ونتمسك بالأقلية تحت مسمى الشرعية, أليس الشعب هو الشرعية الحقيقية الذي يمنح الشرعية ويسلبها من الحكام, ألم يكن جديرا بالسعودية التعامل مع الانقلابيين على حد وصفها ما داموا أغلبية والأغلبية هي من ستحكم وتنتخب, وإذا كان الاغلبية قد خرجوا على الحاكم فمن أين يكتسب شرعيته إذاً, أم أن العناد والكبر قد أعمى ابصارهم وبصائرهم وحال بينهم وبين الشرعية الحقيقية وصدق فيهم قول الله عز وجل:” الاعراب أشد كفراً ونفاقاً ” ؟
على أية حال وبالرغم من الكبر والعناد الذي يسير ساسة المملكة ويقودهم إلى الهاوية ويمنعهم من الاعتراف بفشل خططهم السياسية والعسكرية فإنهم سيجدون أنفسهم مجبرين على ذلك وما اجتماع الرباعية مؤخرا إلا انقاذ لسياسة المملكة غير السوية واجبارها على التعامل مع الواقع اليمني الذي يستمد شرعيته من الشعب لا من الفنادق وقد ظهر ذلك جليا في خطة وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية جون كيري بشأن اليمن الذي حاول فيها تطييب الخواطر بالحديث عن الاسلحة الإيرانية والقلق من التواجد اليمني على الحدود السعودية, وإذا كان البعض ينظر لاجتماع الرباعية على أنه ضد المؤتمر الشعبي العام وانصار الله وضد اليمنيين بشكل عام فإنهم واهمون بل هو لإنقاذ تحالف السعودية ضد اليمن خصوصا بعد الانتصارات الكبيرة والتقدم الكبير للجيش اليمني واللجان الشعبية الذين توغلوا داخل الأراضي السعودية وهو أيضا انقاذ لسياسة المملكة التي تعيش بين مطرقة الكبر والغرور وسندان التعامل مع الواقع اليمني!!

قد يعجبك ايضا