رداع .. متوالية جراح غائرة تصنعها شجرة القات..

البيضاء/ أحمد العزي العزاني –
أن تتحدث عن القات وزراعته وتأثيره على الأسرة فهذا شيء معروف مسبقاٍ ولن تأتي بجديد لكن أن تتحدث عن القات في رداع ومايحدثه من مشاكل وما يسببه من ضحايا فهذا هوالشيء الجديد. فرداع بمديرياتها السبع: “العرش – قيفة- ولد ربيع – القريشية- صباح – الرياشية – الشرية” جميعها مناطق معروفة بزراعة القات بشكل واسع ومثلما يحصد البعض من أبنائها الأرباح من القات يحصد الغالبية منهم آثاره التي يكاد الحديث عنها نوع من الخيال من خلال هذا الاستطلاع نحاول أن نعرض كثيراٍ من معاناة أبناء رداع بسبب القات وذلك فيما يلي:
* عبدالرحمن محمد ربيع -من أهالي المنطقة- يقول: “القات في رداع هو سبب تدني مستوى التعليم كما أنه خطر أثر على الزراعة في جميع مناطق رداع وقد أدى القات إلى الإضرار بالكثير من الأراضي الزراعية حيث أن بعض أصحاب النفوس المريضة يتوسعون في زراعة القات على حساب محاصيل زراعية مفيدة والمبرر عدم وجود المياه مع أن المياه تذهب لزراعة القات وكان الأجداد يزرعون جربة قات وجربتين طماطم أو بطاط أو عنب أو فرسك أما الآن جميع هذه الأنواع من المزروعات لم تعد توجد مع التوسع في زراعة القات.
ويضيف عبد الرحمن ربيع أن القات يستحوذ على ثلثي المساحة الزراعية بمديريات رداع حيث تتركز زراعته بشكل كبير في مديريات العرش – قيفة – ولد ربيع –القريشية –الشريه وتعد هذه المناطق المذكورة مناطق الناس فيها مهددون بنضوب المياه في أي لحظة .. نظراٍ للكميات المستخدمة من الماء في زراعة القات. فمثلاٍ مزرعة قات مساحتها 200 متر مربع تحتاج إلى 150 ألف ليتر من الماء كل نصف شهر وهناك أكثر من 350 بئراٍ ارتوازية حْفرت في كل مديريات رداع وجميعها تعمل ليلاٍ ونهاراٍ لري القات في المناطق التي جفت المياه فيها بسبب الاستخدام الجائر وعملية البيع للمياه الصالحة للشرب مستمرة أمام عيون الجهات الحكومية التي تتفرج بصمت.
أما المواطن عبده صالح الصراري فيرى أن هناك جفافاٍ للآبار بسبب الاستخدام العشوائي وأن المسافة المحفورة في بعض الآبار وصلت إلى 750 متراٍ والناس تتذمر من هذا الوضع ويوافقه الرأي مصلح علي جحيش مضيفاٍ أن هناك مشائخ ومسؤولين وتجار يتاجرون بالماء والمطلوب توعية الناس عن خطورة ما يحدث.

ضحايا القات
تجدر الإشارة إلى أن عدد الضحايا الذين يسقطون بسبب القات في تزايد مستمر فقد مات 15 شخصاٍ خلال 2008 – 2013م بسبب البرد القارس أثناء حراسة القات وغالبية هؤلاء من الأطفال الصوماليين الذين يعملون في مزارع القات. إضافة إلى من يموتون بسب تسدد القصبة الهوائية بسبب الكلام أثناء تناول القات فقد مات خلال نفس الفترة قرابة 44 شخصاٍ وكذلك وفاة 65 شخصاٍ بسبب تناول القات وهو مرشوش بالأسمدة وما يسمى البودرة دون أن يغسل.
كما أن القات سبب للخلافات الأسرية ففي رداع فقط تحرم الإناث من التركة وبسبب ذلك وجدت كثيراٍ من النزاعات والحروب بين الأسرة الواحدة وكذلك المشاكل الأخرى التي تنشأ بسبب القات في الأسواق أو بين الباعة أنفسهم فقد وصل عدد الضحايا بسبب القات 133 وتمتلئ أدراج المحاكم بمثل هذا النوع من القضايا.
وبحسب التقارير الصادرة عن المنظمة اليمنية لمكافحة القات فإن مايقارب من 20 شخصاٍ يموتون سنوياٍ نتيجة تصدير القات إلى دول الجوار وما يمثله من مخاطر إضافة إلى وفاة 10 أشخاص سنوياٍ بسبب قتلهم عن طريق الخطأ أثناء الاشتباه بهم أثناء حراسة القات.
وفي رداع حسب تقرير المنظمة اليمنية لمكافحة القات قام شخص في منطقة “قيفة” بقتل 8 أشخاص في المكان الذي كانوا يتناولون فيه القات ثم قام بعد ذلك بقتل نفسه. حصل ذلك في منتصف عام 2008م كما أن هناك تحدث إعاقات إما كاملة أو جزئية بسبب حوادث سرقة القات وعدد المعاقين وصل إلى 30 معاقاٍ إعاقة مستديمة و45 إعاقة جزئية. كما تذكر المنظمة حالات من التفكك الأسري وتسرب الأطفال من المدارس وكذلك مابين 5-10 أطفال يموتون جراء مشاق العمل في مزارع القات.
مابين 5-10 يموتون سنوياٍ جراء السكتة القلبية المفاجئة ويحدث هذا أثناء تعرض القات للبرد في الشتاء وما يمثله من خسارة للملايين فيموتون لحجم الخسارة التي تلحق بهم وبحسب تقارير المنظمة اليمنية لمكافحة القات فإن 10 أشخاص يموتون سنوياٍ أثناء إحراق الزيوت المختلفة لتدفئة القات أيام البرد القارس وما يسببه الإحراق من أضرار للبيئة ونشر للأمراض ومنها الربو.

محلات للترويج للموت
تتوزع في مديريات رداع أكثر من 45 محلاٍ لبيع المبيدات الزراعية ويمثل النشاط المتزايد الذي تقوم به هذه المحلات أمر يدعوا على القلق وبحثاٍ عن تفاصيل هذه التجارة الرابحة التقينا الأخ أحمد عطية وهو صاحب محلات لبيع الأسمدة الكيماوية فقال: مابين 5-6 مزارعين يشترون مني مبيدات يومياٍ يستعملونها لتحسين القات والاهتمام به يومياٍ وأصحاب المزارع يشترون مني هذه الأسمدة شهرياٍ وبمبالغ خيالية لكن تنقص المزارعين الخبرة عن كيفية الاستخدام.
من جانبه يؤكد الأخ عائش محمد جبران أن استخدام المبيدات في رداع يمارس بدون وعي وبدون رقابة أيضاٍ وكذلك المحلات التي تبيع هذه الأصناف تبيع بدون تراخيص وتبيع أصنافاٍ مهربة بل محرمة الاستخدام للإنسان والحيوان والنبات ويطالب بضرورة الرقابة الدائمة على هذا النشاط .
ويقول المواطن سعد الضريبي: لم يعد في رداع مزارع للعنب والرمان بسبب الأسمدة التي حتى أثرت على الأرض فلم تعد الأرض تقبل بزراعة شيء آخر لقد فقدت قابليتها لزراعة أي محصول إلا القات ويوافقه في هذا الرأي الأخ محمد عبدالله الحميدي الذي يقول: أغلب المبيدات دخلت البلاد بطرق غير شرعية والمؤسف أن هناك عدم وعي بخطورة استخدام المبيدات لدرجة أن هناك من يقوم برش القات أربع مرات في الشهر الواحد حتى تنمو القطفة.

كلمة لابد منها
وبعد كل هذا العناء الذي يعانيه أبناء رداع وتلك الجريمة المتتابعة التي يرتكبها جاني لايزال طليقاٍ يحصد أرواح أبناء رداع بدم بارد وبمساعدة الإنسان هناك الذي استسلم لهذا القدر وهو ليس بقدر ومن الخطأ أن يتحول الإنسان إلى تابع ذليل.
لقد غدا القات في رداع في غياب وجود برامج للمواجهة ملكاٍ متوجاٍ له ضحاياه السابقون والباقون مشاريع ضحايا إذا لم يتفاعل الناس هناك ويتوحد المجلس المحلي والمواطنون ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات المتخصصة في مكافحة القات نقول زوروا رداع واقتربوا من المآسي التي يصنعها القات لن تفيد فعاليات مكافحة القات من ورش عمل وندوات في المكاتب والفنادق أمام وسائل الإعلام كافحوا القات أينما يكشر أنيابه ويسقط الضحايا ويهدم بنية المجتمع ويحرم الأطفال من التعليم أنقذوا المواطنين في رداع من قاتل لا يزال طليقاٍ.

قد يعجبك ايضا