نداء إلى أعضاء المجلس السياسي
عبدالكريم بن علي شرف الدين
إن كان مواطن لديه تصور يعزز قوة بناء دولتنا العزيزة، فإنه مدعو- من باب أداء النصح- أن يسهم بالرأي الكفيل لتحقيق ذلك لدولتنا.
إننا الآن في حالة بناء دولة جديدة نطمع أن تتميز بمقوماتها العلمية والثقافية، كما نطمح أن تكون قادرة على الحفاظ على كيانها المستقل سياسيا وثقافيا واقتصاديا ولأجل تحقيق هذا الطموح فلابد من وضع الأساس المتين لبناء هذه الدولة، ويتمثل هذا الأساس في تحديد الرؤية للكيفية المراد أن يكون عليها مجتمعنا في هذه الدولة.
لذا فإن المطلوب من قادة الثورة ومن القادة الذين كونوا المجلس السياسي: القيام بتحديد رؤيتهم السديدة للكيفية التي يفضلون بها أن يتشكل وفقها مجتمعنا ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا.
وبما أن التعليم هو الوسيلة التي يتم بها تشكيل المجتمعات وتحديد هويتها ،فإنه لابد من جعل التعليم في بلادنا يحقق الكيفية التي نرغب أن يكون عليها مجتمعنا.
لذا فإنه يجب العمل على أن تكون مناهجه ومعلموه ووسائل التعليم فيه، معدة إعدادا جيدا كي تتحقق بالتعليم الرؤية التي نريدها للنهوض بشعبنا، فتحديد ما نريد أن نكون من الآن، وكيف ينبغي أن نكون ،نجعل من أوجب الواجبات أن لا تغيب تلك الرؤية عن بصائر أعضاء المجلس السياسي، كما غابت عن بصائر من سبقهم في حكم البلاد.
إن أهمية العمل على تحديد الرؤية للكيفية المراد أن يتشكل وفقها مجتمعنا، هي السبيل إلى تحقيق السلام والتنمية في المجالات المختلفة، فهذه الرؤية هي التي ينبني عليها التخطيط للمشاريع المختلفة,
فالتخطيط لبناء الدول إذا لم يسبقه (رؤية محددة) لما يراد أن يكون عليه الشعب، إنما هو عبث، فالتخطيط في الحقيقة إنما هو خطوات وإجراءات تخدم (الرؤية) من كافة جوانبها.
ولأهمية هذا الشأن أكرر القول إن من أساسيات النهوض بدولتنا الجديدة مسألة تحديد الكيفية التي ينبغي أن يكون وفقها مجتمعنا، كما يشترط أن يشمل التخطيط لبناء دولتنا الجديدة: الإجراءات الكفيلة بجعل جميع نشاط الوزارات والمصالح التابعة لها لتحقيق تلك الرؤية، بحيث تسير جميع كل مؤسسات الدولة في مسار تعاوني موحد، لتحقيق الهدف المرجو للنهوض بدولتنا الفتية.
أما غياب الرؤية للكيفية المراد بها تشكيل مجتمعنا، سيجعل مؤسسات الدولة لا يربط عمل كل منها- في الغالب- بعمل غيرها أي رابط ولا تجمع كل منها سياسة محددة، ولا يوحدها هدف مشترك، وبذلك تكون الحصيلة من بذل الجهد والمال والوقت من كل منها غير محقق للمنافع من نشاط تلك المؤسسات.
وتلك خسارة يمنى بها الوطن، ولا حاجة لتكرار الخسارة الفادحة التي تكبدتها بلادنا في المال والجهد والوقت في الماضي، نتيجة الأحوال التي سارت بها مؤسساتنا في العقود الماضية وما ذلك إلا أنه لم توجد في ذلك الحين رؤية تضبط سير أعمال مؤسسات الدولة كما لم يوجد حينذاك هدف يوحد مسارات كل منها.
آمل أن يكون هذا الاقتراح محل الاعتبار ،والله من وراء القصد.