لاجئون سوريون في منتجعات مهجورة تراودهم أحلام ليس من بينها اليونان
الثورة نت/..
منزل صغير قرب الشاطئ في غرب اليونان تحيطه حديقة صغيرة مزروعة بالورود به أزهار في مزهرية وسقفه مصنوع من القش وبداخله بيت للكلاب.. كل هذا من صنع سكانه من اللاجئين الذين وصلوا حديثا.
قد يبدو هذا الوصف مثاليا لكن على الرغم من كل هذا الدفء فإنهم يقولون إن هذا لن يكون منزلهم أبدا.
ولهذا أسبابه. تتدلى لافتة مكتوبة بطلاء أخضر على قطعة من الخشب من مصراع النافذة وتحمل عبارة “ابني سعيد جدا في ألمانيا. نأمل مشاركة هذه السعادة.”
قبل أن يجبر القتال أحمد براجكلي على ترك حلب في سوريا كانت لديه حديقة زهور هناك أيضا وكلب وعائلة وهي بعض مظاهر الراحة التي نقلها إلى منزله الجديد.
لكن نصف عائلته الآن في ألمانيا بينما النصف الآخر في اليونان. إنهم ضحية الحرب التي تمزق بلاده وأوروبا التي ما زالت منقسمة بشدة إزاء كيفية التعامل مع أكبر تحد إنساني منذ عشرات السنين.
يتساءل “ابني وأخي وأختي وأبي في ألمانيا. لماذا أنا هنا؟”
بعد أن قضى أسابيع في خيمة قرب أثينا تم نقل براجكلي وزوجته وابنه الآخر مع 340 لاجئا سوريا غيرهم إلى منتجع مهجور في بيلوبونيز بغرب اليونان.
إِنهم يعيشون منذ خمسة أشهر في قرية إل.إم وهي منتجع ساحلي على مسافة 280 كيلومترا غربي أثينا مهجور منذ ست سنوات بعد خلافات بين القائمين على إدارته.
كانت هذه فكرة نبيل يوسف مراد رئيس بلدية أندرافيدا كيليني وهو سوري المولد الذي اقترح أن يقيم بعض اللاجئين في هذه المساكن لإخراجهم من المخيمات المكتظة. كان يعتقد أن هذا سيكون حلا مؤقتا.
لكن هناك مثلا يونانيا يقول إنه ليس هناك ما يدوم أكثر من الأوضاع المؤقتة.
وقال مراد وهو طبيب انتقل إلى اليونان عام 1991 وانتخب رئيسا للبلدية عام 2014 “كنت أعتقد أن أوروبا ستقف بجانب اليونان وتقدم لها قدرا من الدعم أكبر مما رأيته حتى الآن.”
وأضاف “كنت أنتظر من أوروبا المساعدة في حل الأزمة وليس إغلاق الحدود.”
منذ إغلاق الحدود في منطقة البلقان في وقت سابق من العام الحالي لا يزال نحو 57 ألف لاجئ ومهاجر عالقين في اليونان وهو ما يشكل ضغطا على البلد الذي يعاني أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود.
ومراد (54 عاما) متزوج من يونانية ويعتبر أن كلا من اليونان وسوريا وطن له ويقول إن من الصعب ألا يتأثر بمعاناة اللاجئين.
وأضاف “بالطبع أنا من سوريا لكنني أعتقد أنه سيكون من الصعب جدا على أي أحد أن يقول ‘أنا لا أكترث‘ إذا رأى القذارة التي كان يعيش بها هؤلاء الناس في المخيمات.”
الحب لا يقابله إلا الحب
بينما كان مراد يسير في القرية في ظهيرة أحد الأيام مؤخرا سارع السوريون لتحيته. لقي نفس المعاملة الدافئة من اليونانيين قبل ذلك بساعات.
وقال مراد عن السكان المحليين “يتمتعون بقدر كبير من سعة الأفق. الحب لا يقابله إلا الحب. لم أشعر بأنني أجنبي هنا قط.”
ويمثل الأطفال أكثر من ثلث السكان الجدد لقرية إل.إم.
أميرة أم لستة أطفال كان معها طفلان صغيران يتعلقان بساقيها بينما كانت تطلع زائرا على حجرة للأطفال ومكان بها مخصص للعب امتلأ بالأغطية وصف من الدمى على قضيب ستارة.
تقول أميرة بإنجليزية ركيكة “زوجي في ألمانيا منذ عامين… لا أريد المكوث هنا.”
ويتلقى معظم الأطفال الذين يزيد عددهم على 100 والعدد القليل من البالغين دروسا في اللغتين اليونانية والإنجليزية.
يتحدث طفل في الحادية عشرة من عمره مع يورجوس أجيلوبولوس المسؤول الإداري الرئيسي بالمخيم باليونانية بطلاقة ثم ينتقل للحديث بالإنجليزية. يصحح لغة أخته (13 عاما) الإنجليزية حين تتحدث. وقال “تتحدثين ‘القليل‘ من الإنجليزية وليس ‘الصغير‘ من الإنجليزية.” يتعلم اللغتين منذ ثلاثة أشهر.
ليس عملا خيريا
في منزله ذي السقف المصنوع من القش بحديقته الصغيرة التي زرعها بالفاصوليا والفلفل والذرة والطماطم يبدو براجكلي (37 عاما) غير مرتاح بينما يرتشف قدحا كبيرا من القهوة ويدخن سيجارة.
على الطاولة مزهرية صغيرة بها أزهار الزنبق المقطوفة لتوها. وهناك بيت للكلب من ألواح بيضاء من البلاستيك المعاد تدويره بينما علقت صنارة لصيد الأسماك على الحائط.
يقع البحر على مسافة 100 متر لكنه مليء بالطحالب. ليس هناك أحد على الشاطئ.
يقول براجكلي عن اليونانيين “الناس هنا طيبون… إنهم أناس طيبون.” وأضاف “يقولون ‘السلام عليكم‘.”
يتمدد بييرو وهو كلب يقول براجكلي إن أسرته تبنته في الشرفة متكاسلا تحت حرارة الظهيرة القائظة ثم يغط في النوم من جديد.
وقال براجكلي عن الرفيق الجديد لأسرته “إنه صديق جيد… ربما أستطيع اصطحابه إلى ألمانيا هو الآخر.”
المصدر : (رويترز)