أمريكا تعيد تسليح السعودية بقيمة 1.5مليار دولار مع استئناف الضربات الجوية في اليمن
الثورة نت / متابعات
أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية هذا الأسبوع عن نيتها بيع ما قيمته 1.5مليار دولار من السلاح، والدبابات، والتدريب العسكري للمملكة العربية السعودية. لئن بدت لك هذه صفقة كبرى، فلتتذكَّر أن الولايات المتحدة قد باعت ما تزيد قيمته على 20مليار دولار من المعدات والدعم العسكريين للسعودية في العام الماضي. إنه تحالف يعود إلى عدة عقود خلت. وذلك كله وما يزيد عليه كثيراً تقدمه الولايات المتحدة لكي يتم استعماله في الحرب الشرسة التي يشنها الجيش السعودي ضد الميليشيات الشيعية في اليمن. مثال ذلك الطائرات المقاتلة الأمريكية الصنع التي يقودها سعوديون ويلقون منها القنابل العنقودية الأمريكية الصنع – تلك القنابل غير الدقيقة إلى الحد الذي دفع 119 دولة إلى إقرار حظرها. كما تقدم الولايات المتحدة المساعدات المتعلقة بالاستهداف، والمعلومات الاستخباراتية وحتى خدمات التزويد الجوي بالوقود يومياً للسعودية وشركائها في التحالف، الذين هم في معظمهم من دول الخليج الفارسي الأخرى الغنية بالنفط.
تأتي الصفقة المقترحة في الوقت الذي يستأنف فيه السعوديون حملتهم الجوية ضد المتمردين الحوثيين، الذين يسيطرون الآن على أجزاء كبيرة من اليمن بما في ذلك العاصمة صنعاء. وعلى الرغم من محاولات وقف إطلاق النار، فقد استمرت الحرب البرية في معظمها بلا هوادة منذ أكثر من عام.
لقد قتل السعوديون منذ بدء الحرب المئات من المدنيين. وفي صبيحة يوم الثلاثاء الماضي أفادت الأنباء أن غارة جوية على ضاحية من صنعاء قد أسفرت عن مقتل 14 مدنياً عند انتهاء نوبة عملهم الليلية في مصنع لإنتاج رقائق البطاطس. وقد قال مسؤول في المصنع ومسعفون لوكالة اسوشيتد برس ان الغارة نفذتها قوات التحالف الذي تقوده السعودية. المصنع واقع في نطاق مجمع تابع للجيش تعرض للقصف مراراً وتكراراً من قبل السعوديين طوال عدة أشهر. وقد أنكر التحالف الذي تقوده السعودية مسؤوليته عن ذلك، قائلاً لقناة الجزيرة أنه لم يقم بتنفيذ أي غارة.
أودت الحرب بحياة الآلاف، وشردت ما يقرب من 2.4مليون شخص. اليمن على حافة الانهيار. المجاعة تلوح في الأفق والدواء يشح. وأكثر من 21مليوناً من أصل 24مليون نسمة في البلاد يحتاجون الى نوع من المساعدة الإنسانية، ونصف السكان يعانون من نقص الغذاء أيضا. وذلك تقريباً ضعف العدد في سوريا.
في شهر يوليو/تموز، أصدرت الأمم المتحدة للطفولة تقريرها السنوي عن الأطفال والنزاعات المسلحة، الذي نسبت فيه قتل 510 أطفال إلى قوات التحالف الذي تقوده السعودية، وتصل إلى 60 في المئة من المجموع في اليمن. ومن ثم فقد وضعت المملكة العربية السعودية لفترة وجيزة على لائحة الأمم المتحدة للبلدان التي تشوه الأطفال وتقتلهم في الصراعات. (كان على القائمة كذلك القوات الحكومية اليمنية والمتمردون الحوثيون والقاعدة في شبه الجزيرة العربية، وتلك هي الأطراف الفاعلة في الحرب الأهلية اليمنية كافة).
وقد عمدت المملكة العربية السعودية، عبر قنوات خلفية، إلى التهديد بإلغاء إسهاماتها المالية التي تقدِّمها إلى الأمم المتحدة لصالح برامجها البالغة الأهمية، إذا لم يتم ازالتها من تلك القائمة. والأمم المتحدة التي تعاني من ضائقة مالية كبيرة تعتمد على المال الذي تتلقاه من دول الخليج الفارسي الغنية. لذلك سرعان ما رضخ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، قائلاً للصحفيين أن “ضغوطاً لا داعي لها” قد مورست عليه.
وقال: “تعيّن علَيّ أيضاً أن آخذ في الاعتبار احتمالاً وارداً جداً بأن يعاني الأمرَّين ملايين الأطفال الآخرين إذا امتنعت تلك الدول عن تمويل العديد من البرامج التابعة للأمم المتحدة، كما طُرِح الأمر علَي افتراضاً”.
كشفت منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش أن المملكة العربية السعودية قد ارتكبت “انتهاكات جسيمة ومنهجية لحقوق الإنسان” في اليمن خلال الآونة الأخيرة كشهر يونيو/حزيران الماضي. وفي يوليو/تموز، التقى مراسل الواشنطن بوست، سودارسن راغافان بضحايا إحدى القنابل العنقودية الأمريكية الصنع التي ألقاها السعوديون.
وفي مقال بعنوان (قنبلة عنقودية أميركية الصنع تحصد أرواحاً في العاصمة اليمنية)، يرسم راغافان صورة تقشعر لها الأبدان للدور الذي تضطلع به الولايات المتحدة في تدمير اليمن. وقد كتب يقول فيه:
“تؤدي الولايات المتحدة دوراً هادئاً لكنه فتَّاكٌ في قتل وجرح الآلاف من المدنيين في الحرب الأهلية في اليمن”.
إن الدعوات التي تطلقها جماعات حقوق الإنسان ومجموعة ضئيلة من المشرعين الأمريكيين إلى منع مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية تذهب حتى الآن أدراج الرياح. فأقصى ما وصلت إليه الولايات المتحدة في هذا الصدد كان في شهر مايو/أيار الفائت، عندما منع الرئيس أوباما تسليم مبيعات القنابل العنقودية. وبعد شهر واحد من ذلك، صوّت الكونغرس لصالح السماح باستئناف بيع القنابل العنقودية لكي لا يؤدي ذلك إلى “إدانة” استعمالها، الذي تحتفظ الولايات المتحدة لنفسها بحق القيام به.
أطاح الحوثيون بالحكومة اليمنية السنية المدعومة من الولايات المتحدة والسعودية في العام الماضي. وتكهن الكثيرون أن دعم الولايات المتحدة الثابت للتحالف السعودي نابع من الرغبة في تهدئة أعصابهم بعد أن وقعت الولايات المتحدة وغيرها من القوى العالمية اتفاقاً نووياً مع إيران، الخصم الإقليمي والطائفي الأكبر للمملكة العربية السعودية. كما أن قوات التحالف الذي تقوده السعودية تستهدف أيضاً فرع تنظيم القاعدة في اليمن، الذي يرى المسؤولون الأمريكيون أنه أخطر فروعها.
يتفوَّق السعوديون تفوُّقاً نارياً واضحاً على الحوثيين، خصوصاً من الجو؛ لكن حملتهم قد ظلت تتخبط. أما الحوثيون فقد أثبتوا مرونةً غير متوقعة. كما أن القصف العشوائي للمدنيين من قبل الطائرات السعودية لم يساعد على كسب السكان غير المقاتلين. وقد اعترف السعوديون ببعض “القصور” الاستخباراتي الذي أدى “بطريق الخطأ” إلى مقتل العشرات من المدنيين في الغارات الجوية، وهو في الواقع أكثر مما تفعله الولايات المتحدة عادة في سيناريوهات مماثلة.
ومع سيطرة الحوثيين على صنعاء، فإن الشعارات المعادية للولايات المتحدة ولإسرائيل وللسعودية تتباهى على جدران المباني في أنحاء المدينة؛ والكتابات والرسوم الجدارية تصور القنابل والصواريخ والمقاتلات الأمريكية وهي تقتل اليمنيين. فلا تبدو للحرب في الأفق المنظور نهاية.
*المصدر: واشنطن بوست، 11أغسطس2016
ماكس بِيَـراك…..
ترجمة: كريم الحنكي