روسيا تكسر الإجماع !
عبدالله علي صبري
– المتتبع للملف اليمني منذ 2011م يجد حالة غير مسبوقة من توحد الموقف الدولي حول الرؤية الأمريكية السعودية، وتقييمها لشؤون أكبر دولة مجاورة لأكبر دولة نفطية في العالم. ومرد هذا الموقف أن المجتمع الدولي ينظر إلى اليمن من زاوية أمن السعودية ودول الخليج ذات الطفرة النفطية، وأن التداعيات الأمنية في اليمن ستلقي بظلالها على الوضع الاقتصادي للسعودية ودول الخليج وعلى الاقتصاد العالمي المرتبط بسوق النفط صعوداً وهبوطاً.
من هذا المنطلق نجحت السعودية بسهولة في تمرير المبادرة الخليجية رغم المناخ الثوري الذي اشتعل في اليمن، وحشدت لهذه المبادرة دعما دوليا لم يتوقف حتى اليوم.
وإذ لم يستطع جناحا التسوية -المؤتمر والمشترك- من الاستفادة من حالة الدعم الدولي، فقد تسارعت الأحداث وصولا إلى ثورة 21 سبتمبر التي وضعت حدا للهيمنة الخارجية، وتعذر معها إمكانية التوصل إلى تسوية تفرضها السعودية وتدعمها أمريكا..ولعل هذا ما يفسر جانبا من فشل مشاورات الكويت.
وبالنظر إلى الموقف الروسي الذي يمتاز عادة بمشاكسة أمريكا وتحديها في بعض الأحيان، فإن موسكو بدت فاقدة الحيلة مع تشكل تحالف دولي ( عربي ) للعدوان على اليمن، مسنودا من الإدارة الأمريكية..ورغم أن اليمن كانت بحاجة إلى (فيتو) روسي تجاه قرار مجلس الأمن 2216 ، إلا أن الإغراءات السعودية، وحالة الإجماع التي صنعتها أمريكا بشأن اليمن دفعت موسكو إلى مسايرة التحالف العدواني حتى حين.
صحيح أن التصريحات الروسية وعدد محدود من الدول كانت تصب في إطار مساندة الحل السياسي ومساندته، إلا أن ذلك لم يمنع من تمادي العدوان الذي استغل غطاء المجتمع الدولي للتنكيل باليمن قتلا وحصاراً وتعتيماً.
ملفات المنطقة هي الأخرى جعلت حرب اليمن أشبه ما تكون منسية حسب تعبير المندوب الروسي في مجلس الأمن، وهو ما يفسر جانبا من تردد موسكو وبيجين وإنحيازهما لصالح الرياض فيما يتعلق بالملف اليمني، وهو الانحياز الذي حال دون تشكل رأي عام دولي مساند للقضية اليمنية بعيداً عن أكذوبة الشرعية التي يتلفعها مرتزقة آل سعود.
مع ذلك حرصت روسيا أن تظهر بموقف مغاير نوعاً ما ، وحالت دون صدور المزيد من القرارات التي أرادت السعودية تكبيل اليمن بها، والخروج بواسطتها من دائرة الملاحقة الجنائية بشأن جرائم الحرب المتوالية التي ارتكبها تحالف العدوان بقيادة السعودية تجاه المدنيين والأطفال اليمنيين.
وبعد أن تدخلت روسيا في سوريا وأعادت التوازن في المنطقة، كان منتظراً أن تتخذ نفس الخطوة بشأن اليمن، خاصة أن الوفد الوطني قد استطاع بحنكته، ومثابرته، وبفضل عدالة القضية التي يحملها، أن يكسر إلى حد ما ذاك الإجماع الدولي الظالم نحو اليمن، وهو ما تجلى في مواقف هذه الدول المعلنة أو من تحت الطاولة، باتجاه رفض المزيد من التصعيد العسكري ودعم التوافق السياسي بين الأطراف اليمنية بغض النظر عن الاعتبارات السعوأمريكية.
وكان واضحاً أن روسيا لم تكن تتحدث عن موقف موسكو حول الأزمة اليمنية، بقدر ما كانت تعبر عن قناعة تشكلت لدى عدد من الدول الثماني عشرة الداعمة للتسوية السياسية، وهو ما يعني تبخر الإجماع حول الملف اليمني.
توافق القوى الوطنية في الداخل هو الآخر سمح لروسيا أن تتقدم خطوة للأمام، وقبل ذلك صمود شعبنا وانتصارات الجيش واللجان الشعبية، وهو ما يعني أن فرصة رفع العدوان والحصار بات وشيكا سواء عبر تفاهمات سياسية، أو من خلال فرض معادلة عسكرية جديدة مسنودة من القطب الروسي..
الأيام حبلى بالمفاجآت..وما النصر إلا صبر ساعة!
Abdullah.sabry@gmail.com