جرائم الرياض تدعمها تجارة الغرب في حربٍ مُربحة!

مظلومية أطفال اليمن:

لا يزال موضوع المعاناة الإنسانية للشعب اليمني، محط مراقبة الحقوقيين حول العالم. في حين لم يعد مقبولاً السكوت على حجم الجرائم التي تقوم بها الرياض، في ظل غيابٍ للمجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية، والتي لا تنفك تمضي قدماً في خدمة السياسة الأمريكية وحلفائها. وعلى الرغم من أن هذا الموضوع ليس بجديد، لكن واجب الإعلام والصحافة، أن يُبقيَ المطالبة بهذا الشأن من ضمن الأوليات. في وقتٍ بدا واضحاً، تآمر الغرب على الشعب اليمني، وذلك من خلال ما كشفه الإعلام حول علاقة الغرب بتسليح وتمويل هذه الحرب، في ظل تجارة سلاحٍ مُربحة، أصبحت السعودية سوقها. فكيف يمكن إثبات ذلك؟ وماذا في غياب المؤسسات الدولية؟
آخر تصريحات الأمم المتحدة
أشار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس، إلى أنه يجدر بالتحالف الدولي الذي تقوده الرياض، في الحرب على اليمن، أن يبذل المزيد من الجهود لمعالجة ما وصفه، “بالمخاوف الجدية للغاية حول سقوط أطفال في اليمن”. مؤكداً على أن المنظمة تدرس إمكانية إعادة إدراج التحالف على قائمة الجهات التي تنتهك حقوق الأطفال. وقال أنه لا تزال لديه مخاوف قوية للغاية حول مسألة حماية الأطفال اليمنيين. مضيفاً إن الأمم المتحدة تواصل مراجعتها للمسالة مع التحالف الذي تقوده السعودية. وكان قد قدم بان كي مون مسبقاً، تقريراً إلى مجلس الأمن الدولي حول قراره المثير للجدل بشطب التحالف مؤقتاً من قائمة المنظمة السوداء بانتظار مراجعته، ما أثار غضبا لدى الجماعات الحقوقية. وكان التقرير قد أشار إلى أن التحالف العسكري مسؤول عن مقتل 60% من الأطفال البالغ 785 طفلاً في اليمن العام الماضي. وهو الأمر الذي ردت عليه السعودية في شهر يونيو الماضي، بالتهديد بوقف تمويل برامج إغاثة للأمم المتحدة بسبب إدراج التحالف على تلك القائمة. وأدت الحرب إلى مقتل نحو 6400 شخص وفاقمت الأزمة الإنسانية في البلد الفقير، بحسب ما قالت الأمم المتحدة.
فضائح الدور الغربي
كشفت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية يوم الأربعاء في الـ 27 من يوليو المنصرم، بأن الحكومة البريطانية، وقَّعت تراخيص بيع أسلحة إلى السعودية في السنة الأولى من العدوان على اليمن بقيمة 3.3 مليار جنيه استرليني. فيما أكدت قيام السلطة بتجاهل المطالبات المتكررة لوقف بيع قنابل وغيرها من المعدات العسكرية للرياض، في ظل زيادة تقارير بارتكاب جرائم حرب واستهداف المدنيين من قِبَلها.
وهو ما لقي حملة اعتراضاتٍ واسعة، من قبل عددٍ من الأحزاب البريطانية، لا سيما حزب العمال والحزب الليبرالي الديمقراطي، والحزب الوطني الأسكتلندي وكذلك البرلمان الأوروبي ولجنة التنمية الدولية في مجلس النواب البريطاني، والتي طالبت بتعليق جميع تراخيص الأسلحة إلى السعودية وفتح تحقيق في جرائم الحرب المرتكبة. متهمين حكومة المملكة المتحدة، بتضليل الرأي العام بشأن الأزمة في اليمن.
التضليل وغياب المصداقية
بتاريخ 26 يوليو الماضي، نشرت صحيفة “ذي ايكونوميست” البريطانية تقريراً اعتبرت فيه دور الغرب في الحرب السعودية على اليمن فتَّاكاً،  في وقتٍ لا يحظى فيه اليمن بالاهتمام المطلوب، سوى من قبل القليل من المحللين ووكالات الرصد وحكومات الدول الغربية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في الماضي، قامت الطائرات البريطانية بقصف القبائل المقيمة في شبه الجزيرة العربية من أجل ترسيخ حكم عبد العزيز بن سعود، مؤسس آل سعود. أما اليوم فالتاريخ يُعيد نفسه لكن بطريقة جديدة، حيث تقوم كلٌ من بريطانيا وأمريكا وفرنسا بتسليح مئات الطائرات السعودية المشاركة في القصف الجوي في اليمن، وتوفير الدعم اللوجيستي والإستخباراتي.
وهو ما سبق أن أكدته منظمة العفو الدولية، منذ شهرين، حين اعترفت بوجود أدلة، على أن القنابل العنقودية البريطانية قد استخدمت في اليمن من قبل التحالف السعودي. فيما وثَّق مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، وهيومن رايتس ووتش، ومنظمة أوكسفام، استخدام عدد من الأسلحة الغربية لضرب العشرات من الأسواق اليمنية والمراكز الطبية والمستودعات والمصانع والمساجد.
وأكدت الصحيفة أن الحرب ساهمت في تدمير البنية التحتية في أفقر دولة في العالم العربي، ونزوح أكثر من مليوني شخص. كما أدت لوصول ربع سكان اليمن إلى حافة المجاعة.
تحليل ودلالات
أمام ما تقدَّم من حقائق، فإن دلالات الوضع في اليمن، يمكن سردها بالتالي:
أولاً: تمضي السعودية قُدماً في حربها دون تحقيق أهدافها. فيما يرتفع تدريجياً حجم الضحايا والذين معظمهم من المدنيين لا سيما الأطفال. كل ذلك يجري، في ظل غيابٍ للمنظمات الإنسانية، والمؤسسات الحقوقية، التي ولو طالبت، فهي لا تقوم إلا بنشر تقارير إحصائية، ليس لها أي أثر فيما يتعلق بوقف العدوان أو الحد منه، أو التخفيف من معاناة الشعب اليمني.
ثانياً: تكشف الحقائق الجديدة حول تعاون الغرب مع الرياض، لا سيما صفقات السلاح، إذكاء الغرب للصراعات في المنطقة، لأهدافٍ تتعلق بالمصلحة الإقتصادية، وهو ما يدحض من جديد، إدعاءات هذه الدول بسعيها نحو السلام العالمي، ونشرها الديمقراطية.
ثالثاً: تنكشف يوماً بعد يوم، حجم المؤامرة على الشعب اليمني. فيما باتت مظلوميته، شعاراً لكافة المستضعفين، وواقعاً ترتفع معه ضرورة وأولوية المطالبة بكفِّ العدوان عن جرائمه. في ظل دولةٍ كالرياض، تعيش على سفك الدماء وخلق الأزمات والحروب، خدمةً للمصالح الأمريكية والكيان الإسرائيلي، وتعزيزاً للشرخ بين الدول العربية.
لم يعد بالإمكان القبول بالسكوت على الوضع المأساوي والإنساني لأطفال اليمن. في ظل حرب طاحنة، مارست بها السعودية وبدعمٍ علنيٍ غربي، أبشع جرائم القتل والتهجير. حيث بات اليمن ضحية مؤامرةٍ تبدو سياسية، لكن لا تخلوها أهدافٌ أخرى، كتجارة السلاح، والتي باتت السعودية سوقها. لنصل إلى نتيجةٍ مفادها، بأن مظلومية أطفال اليمن، هي بسبب جرائم الرياض التي تدعمها تجارة السلاح الغربية في حربٍ مُربحة!.

*نقلاً عن موقع صحيفة الوقت

قد يعجبك ايضا