مختار المريري –
“أمريكا وراء الأنظمة الاستبدادية ” من تأليف مايكل كلير وترجمة /خزامي نصار هذا الكتاب كشف للعالم الثالث ـ أو الدول التي تفتقد الاستراتيجيات الاقتصادية والسياسية ـ القناع الذي تستخدمه ـ أمريكا الدولة الأكثر نفوذاٍ عسكرياٍ واقتصادياٍ خاصة في العالم الثالث ـ قناع ( الدفاع عن حقوق الإنسان ) حيث أظهر لنا الوجه الآخر لتلك الدولة وما يدور في كواليس السياسة الخفية لزعمائها السياسيين والعسكريين وعملائها وشبكاتها الاستخباراتية في العالم فوراء غاياتها ومصالحها المحضة يموت الآلاف من البشر.
يضم هذا الكتاب ثلاثة فصول أفرد المؤلف أولها للأساس السياسي لمعونات القمع التي تقدمها الولايات المتحدة للأنظمة الدكتاتورية في العالم وخصص الفصل الثاني للقنوات الرئيسية التي يتدفق منها هذي المعونات فضلاٍ عن السنوات التي قدمت فيها .
واشتمل الفصل الثالث على استنتاجات عدة ملخصها:
أن التحالفات التي تخلقها أمريكا مع الغير بظروفها الحرجة أو الآمنة هي التي تجعلها تصر على استمرارها في مد الأنظمة الدكتاتورية بأدوات القمع بل هي التي تمدها بآليات الخلود والبقاء وفقاٍ لمصالحها .
والعجيب أن هذا الكتاب مصدره أمريكا نفسها !
فمؤلفه هو الباحث الليبرالي الأمريكي “مايكل كلير” الذي كان يعمل في معهد الدراسات السياسية وتتركز أغلب أبحاثه على نقد السياسة الأمريكية الخارجية .
ولم يكن هذا البحث الوحيد في هذا الموضوع لكنه الأكثر جرأة وقتالاٍ! فقد نسف كل ما على سطح السياسة الأمريكية من ادعاءات متتابعة في الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم .
وليؤكد أيضاٍ بأن الولايات المتحدة الأمريكية تقف في نهاية “خط الأنابيب ” الذي يمد معظم الأنظمة الاستبدادية في العالم بتكنولوجيا القمع ويدعم ذلك بأدلة وبراهين من خلال وثائق وأرقام مستقاة من الأجهزة الأمريكية الرسمية نفسها !
فقد جعل مقولة : “أن أمريكا هي زعيمة العالم الحر ورؤساءها هم المدافعون الأشاوس عن حقوق الإنسان ” على المحك في طريقها إلى الموت .
هذه الادعاءات الفارغة من محتواها بحكم الواقع الذي تعيشه الشعوب فلا تمل أجهزة الدعاية الأمريكية من ترديده “ليل نهار” في أغلب الوسائل الإعلامية المختلفة بل يتم إعداد فرق خاصة بهذا العبث السياسي والعسكري المستمر في حياة الشعوب التي تطمح بحياة إنسانية تليق بها .
فحين تلمس الشعوب أو يتضح لها مقدار الكرم الباذخ في المساعدات العسكرية الأمريكية للأنظمة الدكتاتورية الهادرة لحقوق الإنسان لا تلبث أن تقوم الأجهزة الإعلامية المدعومة أمريكيا هنا وهناك بتبرير ذلك بذرائع شتى أوفرها حظاٍ ذريعة الأمن القومي ومكافحة الإرهاب !!.
ويضعنا المؤلف أمام تساؤلات عدة أهمها : كيف تتزعم هذه الدولة أو تكون على رأس قائمة المدافعين عن حقوق الإنسان وهي الحليف الأكبر لمعظم دكتاتوريات العالم وتمد الأنظمة بالخبرات العسكرية وكل أدوات القمع بتكنولوجياتها المختلفة أمريكية بحتة ولا يْقتل أو يْعذب أحدَ في هذا العالم إلا بآلة أمريكية الصنع ¿¿!!
وقد خلص المؤلف إلى استنتاجات عدة في كتابه بعد عرضه براهين وأدلة ووثائق رسمية بأن الولايات المتحدة وحكومتها ومصانع أسلحتها متورطة إلى أقصى حد في توريد تكنولوجيا القمع الأجنبية لأكثر وأبشع الحكومات في العالم قتلاٍ وتعذيباٍ وإفقاراٍ وإبادة ٍجماعية كما أثبت شراكة هذه الدولة تدمير أغلب الشعوب وقمع كل الحركات التحررية وسد كل آفاق الحلم الإنساني المقدس _الحرية والمساواة _لغايات سياسية واقتصادية خبيثة وصلت ذروتها بنهب ثروات الشعوب الغنية ـ النفط على وجه الخصوص ـ والتحكم بقراراتها السياسية المتعلقة بمستقبل تلك الدول لتحافظ على هيمنتها ونفوذها حيث تمثل الدول الديكتاتورية الحليفة سوقاٍ استهلاكية لبيع السلاح ومواد أساسية كالقمح مما يدر أرباحاٍ خيالية لشركات أمريكية عائلية وحكومية وهذه هي المصلحة العليا للسياسة الأمريكية الخارجية .
أخيراٍ :
مما يؤكد حقيقة هذا الطرح اليقيني المبرهن الواقع القريب الذي عاشته الشعوب العربية في ظل الربيع العربي الذي أطاح بأسوأ الأنظمة قمعاٍ واستبداداٍ وأكثرها تحالفاٍ مع الولايات المتحدة عرف الجميع من خلال تلك الأحداث هزلية الخطاب السياسي الأمريكي واهتزازه حيث شهد اضطراباٍ يومياٍ بحكم الأحداث المتسارعة والتي لم تكن في حسبانها .
حيث تم التعامل من قبل الخارجية الأمريكية بمعايير مختلفة ـ شخصية بحثية ومصلحية خارج أطر الأخلاق الإنسانية ـ دون تقدير لتلك التضحيات التي قدمتها الشعوب مقابل الحرية والعدالة الاجتماعية ومطالبتها برحيل كل أدوات القمع الاستبدادية المتمثلة بالحكومات القائمة .
كما اتضح جلياٍ أن أدوت القمع وتكنولوجياتها المختلفة التي استخدمتها الأجهزة الأمنية ضد الثوار ولقمع المتظاهرين في جميع الحكومات العربية التي سقطت أو على وشك ….. آلات ومعدات وخبرات أمريكية لم تنافس أمريكا دول أخرى في هذا المجال من أول صرخة ابتدأ بها موسم الربيع العربي حتى الآن !!!.
وعليها أن تصرح وتصرخ على جميع الحكومات احترام حرية شعوبها وهي تمدها بكل أدوات القمع …..فالكتاب يثبت التناقض الكبير الواضح والفاضح بين ماتفعله أمريكا وماتقوله على الفضائيات من جمل فارغة المحتوى.
Prev Post
قد يعجبك ايضا