تحقيق/ أسماء حيدر البزاز
العطاء والإحسان من أعظم الأعمال وأنبلها ولها عظيم الجزاء في الدنيا والآخرة خاصة، في ظل هذه الأوضاع والظروف العصيبة التي يمر بها ويعاني منها وطننا الحبيب، ينبغي تقديم مختلف سُبل الدعم والإسناد انطلاقاً من الواجب الديني والأخوي والإنساني ولمد جسور التكافل الاجتماعي لتعزيز أواصر الوطنية والمصير المشترك.
أسر عديدة فقدت معيلها وأخرى تضررت مصادر أرزاقها وتلك زادت من حالتها المادية تدهوراً ونموذج من تلك الأسر .. تلخصه لنا أم عبدالرحمن وهي أم لخمسة أيتام في منطقة شعوب بأمانة العاصمة توفي والدهم نتيجة شظايا في الخط العام بسعوان ليعيشوا أوضاعاً مأساوية صعبة يكابدها هؤلاء الأطفال وليتجرعوا العذاب ضعفين، الأول بفقدانهم والدهم وحزنهم المرير على ذلك والآخر صعوبة الأوضاع الاقتصادية التي يمرون بها بعد فقدان من يعولهم، غير أن روح الخير والعطاء والإيثار في شعبنا لم يقهرها العدوان ولا الاقتتال ولا الصراعات الداخلية ولا تردي الوضع المادي والاقتصادي، بل وحدت صفوف البذل والتكافل عن طريق مبادرات نمت هذا الجانب الاجتماعي.
«مبادرة أنا إنسان» إحدى هذه المبادرات الشبابية البناءة في خدمة العديد من القضايا الإنسانية والمجتمعية، حيث كانت أول من زار هؤلاء الأيتام وعدد كثير يشاركونهم نفس المعاناة وتم تزويد الأسرة بالمساعدات العينية والمادية.
* حيث يقول صدام علوي – رئيس مبادرة أنا إنسان: إنه في ظل هذه الظروف الحالكة على مختلف الأصعدة والمجالات الحياتية وما خلفته من قتلى وجرحى وأرامل وأيتام وثكالى بات من الواجب الديني والوطني والإنساني نصرة هذه القضايا والانتصار لحقوقهم وإنصافهم وتقديم العون لهم ومساندتهم في آلامهم وتمكينهم من العمل وتأهيليهم لذلك بقدر الإمكان والإمكانيات المتوفرة.
وأضاف علوي: مبادرتنا انطلقت من هذا الجانب الأساسي والإنساني وهي مبادرة طوعية ومجهودات فردية من شبابٍ كرسوا جهدهم ووقتهم في إسعاد الآخرين وتفريج كربهم ومداواتهم وإعانتهم على سبل العيش عن طريق زيارتهم إلى منازلهم كالأيتام والأرامل والمرضى وكذلك إلى المستشفيات لزيارة الجرحى والمصابين ونقل معاناتهم للآخرين بهدف مساعدتهم وعونهم وهو ما نتمناه من مختلف الشباب في الانخراط ضمن مبادرات لنفعة ذويهم ومجتمعهم وما أحوجنا اليوم إلى هذه الوقفة.
الأسرة المتضررة
* أسماء العميسي ، رئيسة مبادرة يلا شباب، هي الأخرى كان لمبادرتها السبق في دعم عددٍ من القضايا الإنسانية، حيث يتراوح أعداد أفرادها أكثر من ستين شاباً ومن مختلف المحافظات جمعهم حبهم لوطنهم وحصرهم في خدمته والبذل والعطاء من أجله.
تقول العميسي: الأرض التي احتضنتك وربتك وجعلت منك شخصاً فعالاً له حاضره ومستقبله الأحرى أن تبادلها الإحسان بالإحسان، خاصة وهي تمر اليوم بظروف استثنائية صعبة ينبغي تضافر كل الجهود الوطنية والمجتمعية والشبابية لدعمها ودعم استقرارها وأمنها، والتضحية بالغالي والنفيس ولن نوفيها مع ذلك حقها علينا.
وأضافت: ومن هذا المنطلق توسعت مبادرتنا لتشمل عدداً من المحافظات ولتستفيد العديد من الأسر من المعونات التي تم تقديمها شهرياً للأسر المتضررة والأشد فقراً والمنكوبة أو من فقدت معيلها أو الأيتام وغيرها من الحالات الإنسانية في عدد من المحافظات: صنعاء أبين، الضالع، وحجة وغيرها، سواءً مواد غذائية أو إسعافية أو معونات مادية من ثم نقوم بزيارات متكررة شهرياً لتلك الأسر وإيفائها بمختلف الاحتياجات المعيشية بقدر الإمكان.
ولو بشق تمرة
* وفي هذه الزاوية يحدثنا العلامة محمد الضيفي عن فضل العطاء والتصدق والإحسان للمحتاجين والضعفاء قائلاً: إن المتسابقين في عمل الخيرات لهم فضل عظيم في الدنيا قبل الآخرة وذلك انطلاقاً من قوله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
ومن الأحاديث الدالة على فضل الإحسان قوله عليه وآله الصلاة والسلام ( ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه لا يرى إلا ما قدم، فنظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، فنظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة).
نعيم الدنيا والآخرة
* وقد تحدثت الداعية إيمان النجدي – جامعة القرآن الكريم وعلومه- عن فضل الإحسان والتصدق بالقول : إنه سبب لإطفاء غضب الرب كما في قوله عليه وآله الصلاة والسلام (إن صدقة السر تطفئ غضب الرب تبارك وتعالى)، وإنها تمحو الخطيئة وتذهب نارها كما في قوله عليه وآله الصلاة والسلام (والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار)، وأنها وقاية من النار كما في قوله عليه الصلاة والسلام وعلى آله (فاتقوا النار ولو بشق تمرة) وأن المتصدق في ظل صدقته يوم القيامة كما في حديث عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يقول( كل أمرئ في ظل صدقته، حتى يقضى بين الناس).