إعلان وفاة العرب رسمياً!!
عباس غالب
يبدو أن المغرب كان محقاً وهو ينأى بنفسه عن استضافة القمة العربية الأخيرة باعتبار أن الواقع يشير إلى أن الظروف الراهنة في المحيط العربي تؤكد على إسدال ستارة النهاية على هذه المهزلة العربية الذي تجلت آخر فصولها في خيمة نواكشط الموريتانية وذلك بالنظر إلى معطيات الراهن العربي الغارق في الحروب والانقسام والتشرذم والتدخلات الخارجية من كل حدب وصوب!
من حيث المبـدأ لم يعـد من القمة العربية سوى اسمها كما ظهر ذلك جلياً في القمة الأخيرة التي فقدت حتى مستوى التمثيل الرئاسي المطلوب، فضلاً عن أنها خلت من الحيوية والديناميكية وبحيث اقتصرت أوراقها المطروحة على الطاولة في تلك الشعارات الجوفاء عدا بيان يتيم مسلوخ عن واقع ما يجري على امتداد الأرض العربية من مشاهد الدم والقتل وإثارة الضغائن والأحقاد ونبش أمراض التخلف والجاهلية.
ومن المؤكد أن كل الأشياء الجميلة والأحلام الوردية في حياتنا العربية قد بدأ عطرها ينذوي ويخف بريقها تدريجياً مع مرور الزمن ودورات التاريخ قبل أن يعود أبوجهل وينتج لنا ثقافة معاداة القيم العظيمة.
احتجت إلى هذه الفذلكة بالمقارنة إلى حال الأمة عندما خرجت من دائرة الجاهلية ومحاولتها وأد الرسالة الــمحمدية وصولاً إلى حركة التجديد والنهضة الفكرية والسياسية والثقافية مطلع ومنتصف القرن المنصرم إلى أن باتت الأمة تعيش الراهن من الأزمات والاختلاف وإعادة إنتاج الصراعات والحروب الأهلية والمناطقية وكأنها تستحضر حروب داحس والغبراء مع فارق نوعية الأسلحة.
ولأن الحال من بعضه -كما يقال– فإن هذا هو الوضع المؤسف للجامعة العربية منذ انطلاقتها الأولى مطلع الستينيات، إذ مرت بأكثر مراحلها صعوبة في تلك الفترة وصولا إلى أن أصبح حال الأمة على هذا الوضع المؤسف وهي تعيش أرذل العمر.
ولست أضيف جديداً إذا ما قلت بأن هذه القمة الأخيرة كانت بمثابة حفلة زار استحضر فيها الموجودون عقر النياق الحمر وشرب دماء الابل وترداد مقولات لا يفهم منها أحد شيئا وكأنهم يعيشون عالماً افتراضياً معزول تمام عما يجري في الواقع العربي الذي تستبد به الأزمات وتنهشه الحرب حتى بات هذا المواطن المغلوب على أمره إما شهيداً أو جريحاً أو طريداً وفي أحسن الأحوال غريباً في ديار العالم.
طفولة.
لقد تابع أكثرنا التقارير الصادرة عن هيئات أممية محايدة رصدت بعضاً من الأضرار التي طالت الطفولة جراء هذا العدوان الغاشم المستمر منذ عام ونصف العام خاصة وأن هذه الشريحة كانت هي الضحية الكبرى من هذا العدوان وهذه الحرب إذ تشير الأرقام الأممية إلى تشرد أكثر من مليون طفل وباتت نسبة كبيرة من قوام الملتحقين بالتعليم خارج مقاعد الدراسة فضلا عن حالات الوفيات والإصابات البليغة لآلاف الأطفال جـراء العدوان والحرب نتيجة استخدام هذا الكم الهائل والنوعي من الأسلحة المحرمة دوليا.
إن الأمر لا يقتصر على هذه القائمة المهولة من الاعتداءات التي تتعرض لها الطفولة في بلادنا الحبيبة وإنما في تلك الإعاقات الذهنية التي تجدها في أصوات العنف والصراخ بل والأدهى من ذلك انقياد هذه الشريحة للغة العنف ومحاكاة الكبار وهم يقتلون بعضهم البعض في وضع استثنائي يتطلب قدرا كبيرا من اهتمام الجهات المختصة قبل أن تتحول هذه الشريحة إلى قنابل موقوته في المستقبل.
مؤسف..
حدثني أحد أصدقائي الذي نقل زوجته مؤخرا إلى مستشفى الثورة العام عن الحال الذي وصل إليه المستشفى من الافتقار لأبسط حاجيات المرضى الضرورية وبحيث وصل الأمر الطلب من ذوي المريض شراء كل شيء بما في ذلك مشارط العمليات الجراحية فضلا عن حالة الإهمال السائد وافتقار أبسط شروط النظافة مع الأسف الشديد, فهل من وقفة لقيادة وزارة الصحة بمراجعة أداء هذا المستشفى وإعادته إلى سابق عهده.